دارت مواجهات عنيفة في الضفة الغربية المحتلة، أمس (الجمعة)، بين متظاهرين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية قتل فيها 11 فلسطينياً، في جبهة ثالثة بات يقاتل عليها الإسرائيليون، إلى جانب التصعيد الدامي المتواصل منذ خمسة أيام مع قطاع غزة والصدامات غير المسبوقة منذ سنوات بين العرب واليهود في مدن وبلدات مختلطة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ الاثنين، قتل في قطاع غزة 126 فلسطينياً، بينهم 31 طفلاً، وأصيب 950 آخرين بجروح، وفق آخر حصيلة فلسطينية، وبالمقابل قتل في إسرائيل تسعة أشخاص أحدهم طفل وأصيب أكثر من 560 بجروح.
وبدأت المواجهات في عدد من بلدات ومدن الضفة الغربية المحتلة بتظاهرات غاضبة تضامناً مع الفلسطينيين في كل من قطاع غزة والقدس الشرقية المحتلة التي انطلق منها التوتر قبل أسابيع، وما لبثت أن تطورت هذه التظاهرات إلى صدامات عنيفة مع الجيش قتل فيها 11 فلسطينياً وأصيب أكثر من 150 آخرين بجروح، وفق وزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطيني.
ورغم المساعي الدولية للتهدئة، أبقت إسرائيل الضغط على قطاع غزة، إذ واصلت قصفه بالطائرات والمدفعية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الضربات لن تنتهي قريباً، وأضاف، في بيان صدر إثر اجتماع في وزارة الدفاع: «قلت إننا سنكبد (حماس) ومجموعات إرهابية أخرى خسائر كبيرة إنهم يدفعون وسيظلون يدفعون ثمناً باهظاً. الأمر لم ينته بعد».
وذكر مسؤول فلسطيني: «لم نشهد صدامات وتظاهرات بهذا الحجم منذ الانتفاضة الثانية».
واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو «انتفاضة الحجارة» في 1987 واستمرت حتى 1991 وقتل فيها مئات الفلسطينيين، بينما اندلعت الانتفاضة الثانية في 2000 واستمرت حتى 2005 وعرفت بـ«انتفاضة الأقصى».
أما عدي (21 عاماً) المتظاهر الذي لف رأسه بالكوفية الفلسطينية وغطت وجهه آثار الدخان الأسود المنبعث من الإطارات الكثيفة المشتعلة عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة بالضفة الغربية فقال: «من العار أن نبقى ساكتين عما يجري في غزة، يجب أن نتحرك وإن لم تتحرك قيادتنا السياسية».
في الوقت ذاته، واصلت حركة «حماس» وسائر الفصائل الفلسطينية في غزة إطلاق دفعات متتالية من الصواريخ من القطاع المحاصر باتجاه المدن والبلدات الإسرائيلية.
وتواصلت الرشقات الصاروخية ليل الجمعة واستهدفت خصوصاً بلدات ومدناً تقع في جنوب الدولة العبرية ولا سيما مدينة بئر السبع.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ عمليات ليلية شملت غارات لطائرات مقاتلة وقصفت دبابات شبكة أنفاق تابعة لـ«حماس» حفرت تحت مناطق مدنية.
وأضاءت ليل سماء غزة كرات كبيرة من اللهب البرتقالي ودمرت منازل عديدة، أو لحقت أضرار جسيمة بها في القطاع المكتظ بالسكان.
وشبه الفتى محمد نجيب (16 عاما) من سكان حي الرمال في مدينة غزة، القصف بـ«فيلم رعب».
ويعتبر هذا القتال الأشد منذ حرب 2014 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة.
وعزز الجيش الإسرائيلي انتشار دباباته ومدرعاته على تخوم القطاع، وقال المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس، الجمعة، إن القوات البرية شاركت في الهجوم ضد الأنفاق في غزة من الأراضي الإسرائيلية.
وأطلق من القطاع باتجاه إسرائيل حوالي ألفي صاروخ منذ الاثنين، وفق الجيش الإسرائيلي الذي أعلن أن منظومة «القبة الحديدية» الصاروخية الدفاعية اعترضت 90 في المائة منها.
واستهدفت إسرائيل نحو 750 هدفاً في قطاع غزة، قالت إنها أهداف عسكرية بينها منشآت لتصنيع القنابل التابعة لـ«حماس» ومنازل لقادة كبار.
ويقدر أن أكثر من 30 من قادة حماس وحليفتها حركة «الجهاد الإسلامي» قتلوا في الضربات الإسرائيلية.
وتمت تسوية ثلاثة أبراج سكنية في غزة بالأرض، بينما دفع القصف العنيف عائلات كثيرة إلى مغادرة منازلها ومحاولة البحث عن مكان أكثر أمناً، وقد وجد حوالي 10 آلاف من هؤلاء ملجأً في منشآت تابعة للأمم المتحدة، وفقاً لمنسق أممي ميداني.
وقال كمال الحداد (53 عاماً) الذي فر مع أسرته للاحتماء في مبنى تديره الأمم المتحدة إن «كل الأطفال خائفون ونحن خائفون عليهم».
وفي الداخل الإسرائيلي، تواصل قوات الأمن محاولة احتواء المواجهات وأعمال الشغب الدامية بين اليهود والعرب في البلدات المختلطة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن «قلقة للغاية بشأن العنف في شوارع إسرائيل»، وحثت وزارة الخارجية رعاياها على تجنب السفر إلى إسرائيل بسبب أعمال العنف.
وتخللت المواجهات في المدن المختلطة أعمال شغب وتحطيم وإحراق سيارات.
وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الخميس، بإرسال «تعزيزات مكثفة» من القوى الأمنية إلى تلك المدن.
وقالت الشرطة الإسرائيلية التي عززت عددها بأكثر من ألف عنصر لمواجهة هذه الاضطرابات إنها اعتقلت أكثر من 750 من «مثيري الشغب» هذا الأسبوع، بينهم أكثر من 100 الليلة الماضية، وتم تمديد اعتقال أكثر من 450 على ذمة التحقيق.
وأوضحت أن الاعتقالات شملت يهوداً إسرائيليين «كانوا يتجولون بحثا عن المشاكل» في مدينتي نتانيا وبئر السبع، بينما هاجم مواطنون عرب الشرطة «بالزجاجات الحارقة».
وفي مدينة اللد استعد اليهود والعرب لتمضية ليلتهم الرابعة من حظر التجول الساري في هذه المدينة المختلطة.
وتعليقاً على المواجهات في البلدات المختلطة قال نتنياهو، الجمعة، إن «مثيري الشغب العرب الإسرائيليين هم أقلية مهمة تقوض العلاقات القائمة بين اليهود والعرب»، معلناً نشر قوات جديدة.
وجدد نتنياهو، في بيان بالعربية، التأكيد على ضرورة استعادة الأمن والنظام، وقال «قلت اليوم وأكرر، ندعم أفراد الشرطة وجنود حرس الحدود وأفراد قوات الأمن الأخرى دعما كاملا، من أجل استعادة القانون والنظام العام».
وأضاف أنه تم منح هذه القوات «صلاحيات الطوارئ»، وبالتالي يمكنها «إشراك جنود الجيش وجهاز الأمن الداخلي» في عملها.
واعتبر «كل هذه الإجراءات مهمة وشرعية وضرورية من أجل وقف العربدة داخل دولة إسرائيل»، داعياً «مجدداً المواطنين الإسرائيليين إلى عدم تطبيق القانون بأنفسهم، ومن يفعل ذلك سيعاقب بشدة»، وقال: «لا شيء يبرر قتل العرب من قبل اليهود ولا شيء يبرر قتل اليهود من قبل العرب».
في جنوب لبنان، قتل شاب لبناني تبين أنه عنصر في «حزب الله»، وأصيب آخر بجروح إثر إصابتهما بنيران أطلقها الجيش الإسرائيلي لتفريق متظاهرين حاولوا اجتياز السياج الشائك الذي يفصل بين حدود البلدين، وفق الإعلام الرسمي اللبناني.
وتجمع عشرات من اللبنانيين عصر الجمعة عند الحدود مقابل مستوطنة المطلة، تنديداً بالتصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفع عدد منهم العلم الفلسطيني ورايات «حزب الله»، ولدى اجتياز مجموعة شبان الشريط الشائك عند الحدود، أطلق الجيش الإسرائيلي نيراناً تسببت بإصابة الشخصين.
وللمرة الأولى منذ اندلاع دوامة العنف بين إسرائيل وقطاع غزة قبل خمسة أيام، أطلقت مساء الجمعة ثلاثة صواريخ من سوريا باتجاه الدولة العبرية، وفق مصدر عسكري إسرائيلي.
وقال المصدر إن صاروخاً سقط في الأراضي السورية، في حين سقط صاروخان آخران في مناطق غير مأهولة في شمال إسرائيل.
وقالت الأمم المتحدة إن مجلس الأمن سيجتمع، غدا (الأحد)، للبحث في التطورات في المنطقة. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مساء الخميس إلى «وقف التصعيد والأعمال العدائية فورا في غزة وإسرائيل».
كما أعلنت السفارة الأميركية في القدس، الجمعة، أن المبعوث الأميركي لشؤون العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية هادي عمرو وصل إلى الدولة العبرية.
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على «الضرورة الملحة لعودة السلام» في الشرق الأوسط، مؤكدا خلال محادثة مع نتنياهو «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، ومعربا في الوقت نفسه عن «قلقه على السكان المدنيين في غزة». وكان اتصل الخميس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
في النمسا، رفعت السلطات العلم الإسرائيلي على عدد من المباني الرسمية الجمعة تعبيراً عن تضامنها مع الدولة العبرية في مواجهة «الهجمات» التي تطلقها من «قطاع غزة» حركة «حماس ومجموعات إرهابية أخرى»، ومثلها فعلت سلوفينيا.
في الأردن، تظاهر آلاف الأردنيين، الجمعة، في العاصمة عمان وقرب الحدود مع إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة والقدس.
مواجهات عنيفة في الضفة تفتح على الإسرائيليين جبهة ثالثة
مواجهات عنيفة في الضفة تفتح على الإسرائيليين جبهة ثالثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة