«تحرش» روسي ـ سوري بالقوات الأميركية في الحسكة

واشنطن تتهم موسكو بانتهاك اتفاقات عدم الاحتكاك

دورية عسكرية أميركية بريف الحسكة شرق سوريا في 4 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
دورية عسكرية أميركية بريف الحسكة شرق سوريا في 4 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT
20

«تحرش» روسي ـ سوري بالقوات الأميركية في الحسكة

دورية عسكرية أميركية بريف الحسكة شرق سوريا في 4 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
دورية عسكرية أميركية بريف الحسكة شرق سوريا في 4 الشهر الجاري (أ.ف.ب)

بدا، أمس، أن قنوات التنسيق العسكري بين القوات الروسية والأميركية لمنع الاحتكاك على الأراضي السورية، باتت تواجه اختباراً جدياً لمدى فاعليتها، بعد وقوع حادث جديد كاد أن يتحول إلى صدام بين الطرفين في الحسكة، وتبادلت موسكو وواشنطن الاتهامات بانتهاك الهدنة وتجاوز الاتفاقات المبرمة، في حين أعاد الحادث إلى الأذهان سلسلة حوادث احتكاك وتحرش متبادل وقعت خلال الشهور الأخيرة.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن وحدات الشرطة العسكرية التابعة لها أوقفت، الخميس، قافلة عسكرية أميركية في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى أن القافلة انتهكت اتفاقات نظام فض الاشتباك.
وأفاد نائب مدير مركز «حميميم» للمصالحة بين الأطراف المتناحرة في سوريا، ألكسندر كاربوف، بأنه «تم رصد حالة جديدة لانتهاك بروتوكولات نظام فض الاشتباك في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا من قبل وحدات القوات المسلحة الأميركية الموجودة بشكل غير قانوني في الأراضي السورية».
وأوضح، في إيجاز صحافي، أن قافلة المدرعات العسكرية الأميركية كانت مكونة من 6 عربات مصفحة و«سارت عبر الطريق (M – 4) في الاتجاه الغربي في مسار غير منسق ومن دون توجيه أي بلاغ مسبق».
وأكد المسؤول العسكري أنه «تم توقيف القافلة من قبل دورية للشرطة العسكرية الروسية وتوجيهها إلى الاتجاه المعاكس».
وتجنبت وزارة الدفاع الأميركية التعليق على الحادث. وردت جيسيكا ماكنولتي، المتحدثة باسم الوزارة على سؤال وكالة أنباء «تاس» الحكومية، أنه «ليس لدى وزارة الدفاع ما تقدمه حول الموضوع».
لكن واشنطن وجهت اتهامات إلى القوات الروسية قبل يومين، بانتهاك الاتفاقات الخاصة بمنع الاشتباك بين قوات البلدين في سوريا. وأفاد تقرير أصدرته الوزارة، الثلاثاء، بأن «القوات الروسية، ورغم التزامها بشكل عام باتفاقات منع الاشتباك مع قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب، واصلت القيام بانتهاكات لم تعرض قوات التحالف للخطر». ولفت التقرير إلى أن «كلا من النظام السوري والقوات التركية والمعارضة المدعومة تركياً والقوات المرتبطة بإيران نفذت خلال ربع العام عمليات ضد تنظيم داعش لكنها عرقلت في الوقت ذاته، أنشطة التحالف وقوات سوريا الديمقراطية».
ووفقاً للتقرير الأميركي، فإن «قوات النظام وحلفاءها المرتبطين بروسيا وإيران حاولوا الحد من حركة قوات التحالف بينما واصلت أنشطة المسلحين السوريين المرتبطين بتركيا صرف اهتمام قوات سوريا الديمقراطية عن مكافحة داعش».
وحمل هذا التقرير والاحتكاك الذي وقع بعد ذلك، مؤشرات إلى الصعوبات التي يواجهها اتفاق عدم الاحتكاك بين القوات الروسية والأميركية في سوريا، الذي أبرمه الجانبان في العام 2015 مباشرة بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في هذا البلد.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قال، الشهر الماضي، إنه رغم الخلافات الكثيرة بين موسكو وواشنطن، لكن اتفاق قنوات التنسيق العسكرية لضمان عدم وقوع احتكاكات «يعمل بدقة وفاعلية عالية»، مشيراً إلى الرغبة الروسية في توسيع الحوار مع العسكريين الأميركيين في سوريا.
لكن تطورات الوضع الميداني، خلال الشهور الأخيرة، عكست تزايداً واسعاً في حالات الاحتكاك لم يسبق أن وقعت في السنوات الماضية، وكادت قوات تابعة للبلدين أن تصل إلى درجة المواجهة المباشرة في أكثر من حادث تحرش على طول أماكن وجود القوات الأميركية بالقرب من الطريق الدولي «إم أربعة». ووقع أخطر هذه الحوادث في نهاية أغسطس (آب) الماضي عندما أصيب سبعة جنود أميركيين بجروح في حادث تصادم مع عربات قتالية روسية. وأظهرت مقاطع فيديو نشرت في حينها مدرعات ومروحيات روسية تحاول منع عربات أميركية من التقدم ونجحت بعد الصدام المباشر معها في إجبارها على الخروج من المنطقة.
ولفتت تقارير روسية إلى أنه مباشرة بعد الحادث، عملت الولايات المتحدة على تعزيز وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا من الناحيتين الجوية والبرية، في خطوة حملت رسالة لروسيا بعدم الدخول في «استفزازات جديدة» بعد وقوع سلسلة احتكاكات بين قوات الطرفين.
ونقلت وسائل إعلام، في منتصف سبتمبر (أيلول)، أن القيادة العسكرية الأميركية «نشرت رادار سنتينال وكثفت الطلعات الجوية للمقاتلات فوق المناطق التي تنتشر فيها القوات الأميركية، كما نشرت عربات برادلي القتالية في المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الأميركي مع حلفائه من المكون الكردي».
وأفاد مسؤولون أميركيون، في حينها، بأن هذه التعزيزات تهدف إلى «المساعدة في ضمان سلامة وأمن قوات التحالف»، وأن الولايات المتحدة «لا تسعى إلى التصادم مع أي دولة أخرى في سوريا، لكنها ستدافع عن قوات التحالف في حال تطلب الأمر ذلك».
ورأى مصدر عسكري، لم يتم الكشف عن هويته، أن هذه الخطوة «إشارة واضحة إلى روسيا للالتزام بالعمليات المشتركة لمنع مخاطر التصادم، وأيضاً لروسيا وفرقاء آخرين لتجنب الاستفزازات غير الآمنة وغير المهنية في شمال شرقي سوريا».
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قد أمر بسحب مدرعات برادلي من سوريا قبل ذلك بشهور، في إطار محاولته أوائل عام 2019 سحب جميع قواته من هناك، قبل أن يتراجع عن قراره لاحقاً بذريعة ضرورة حماية آبار النفط.
في المقابل، لم تتوقف موسكو، خلال الشهور الماضية، عن توجيه اتهامات للقوات الأميركية بتعمد القيام باستفزازات ميدانية، فضلاً عن الإشارات المتكررة إلى أن تصرفات الولايات المتحدة في الأراضي الخاضعة لسيطرتها «تؤدي إلى مزيد من التطرف بين السكان في المناطق، مع توجيه اهتمام خاص للوضع في مخيم الهول للاجئين السوريين».
كما اتهمت الخارجية الروسية القوات الأميركية بـ«العمل على تهريب النفط السوري وبيعه في الخارج لتحرم منه السوريين في انتهاك فاضح للقانون الدولي».



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».