حملات حوثية لتجنيد سكان الأرياف بمزاعم «تحرير فلسطين»

وسط رفض مجتمعي لاستغلال الجماعة الأطفال للقتال في مأرب

TT

حملات حوثية لتجنيد سكان الأرياف بمزاعم «تحرير فلسطين»

في الوقت الذي كثفت فيه الميليشيات الحوثية قبل أيام من حملات التجنيد في أوساط الشباب وصغار السن في 10 محافظات يمنية تحت سيطرتها للدفع بهم لجبهات القتال في مأرب وغيرها، قامت الجماعة أخيراً بتوجيه دعوات وصفت بالاحتيالية لتجنيد المئات من السكان والمواطنين في محافظة إب الخاضعة لسيطرتها لإجبارهم على المشاركة في القتال الدائر في مأرب تحت مزاعم «القتال في فلسطين».
وأكد سكان لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات الميليشيات ومشرفيها في محافظة إب نفذوا خلال الأيام الماضية حملات استهداف وتجنيد جديدة طالت مواطنين بمديريات وقرى ريفية عدة في المحافظة تحت مزاعم «نصرة القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الأقصى».
وأشارت المصادر إلى أن عناصر ومشرفي الجماعة جابوا قرى ومناطق ريفية عدة في إب ووجهوا دعوات للمواطنين وأولياء الأمور والأعيان والوجهاء للإسراع في المشاركة فيما تسميه الجماعة «النصرة والجهاد من أجل تحرير الأقصى وفلسطين»، عبر الانضمام إلى صفوف مقاتليها.
وفي حين حرصت الجماعة خلال انطلاق حملتها على تسويق الوهم لاصطياد المقاتلين الجدد، استجاب القليل جداً لدعواتها ودفعوا بأولادهم إلى صفوف الميليشيات، حيث يرجح أن تدفع بهم للقتال في مأرب على غرار ما فعلته عقب حملات تجنيد سابقة لشبان وأطفال جندتهم من صعدة وعمران وحجة وصنعاء.
وطبقاً للسكان، فقد أخضعت الجماعة العشرات من المجندين الجدد بصورة عاجلة لتلقي دورات فكرية، في حين سخر الكثير من السكان من تلك الادعاءات والأكاذيب ووسائل الاحتيال والخداع الحوثية التي مارستها ولا تزال بحق مواطني أرياف إب واستخدام القضية الفلسطينية كذريعة لحشد المزيد من المقاتلين.
ويقول مواطن يمني رمز لاسمه بـ«م.س» لـ«الشرق الأوسط» وهو أحد سكان مدينة إب: «الجماعة الحوثية تدرك أن الخداع الذي تمارسه بمواصلة المتاجرة بالقضية الفلسطينية لم يعد ينطلي إلا على القليل من أتباعها المخدوعين، كون الوقائع الحاصلة على الأرض، تدحض تلك الأكاذيب والافتراءات بشكل كامل».
وتابع بالقول: «من المخزي أن تلجأ تلك الجماعة كعادتها إلى استغلال قضية الأمة العربية واستخدامها في تضليل الناس وخداعهم تحت مسمى الدفاع عن فلسطين بغية تجنيد اليمنيين للقتال في صفوفها وجبهاتها المنهارة».
يشار إلى أن الجماعة المدعومة من إيران تواصل وبشكل انتهازي كل مرة استغلال القضايا الكبيرة في الوطن العربي لتهييج المغرر بهم من اليمنيين وصرف أنظارهم عن الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها كل يوم، وكذا عن الأوضاع البائسة التي خلفتها عقب انقلابها وحروبها العبثية بحق اليمنيين.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، أوهمت الجماعة أنصارها في صعدة ومناطق يمنية أخرى بأنها تقاتل إسرائيل، حيث تجبر السكان على ترديد «الصرخة الخُمينية» أكثر من النشيد الوطني، بهدف التغطية على مشروعها الحقيقي المتمثل بجلب الموت لكافة الفئات والشرائح المجتمعية في اليمن.
وكان السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، قد أكد في تصريحات سابقة له، أن الميليشيات الحوثية تستغل القضية الفلسطينية فقط للتضليل الإعلامي. وقال آل جابر إن الميليشيات الإرهابية تزعم دفاعها عن فلسطين ومقاومة إسرائيل فقط من أجل أن تنجح في تجنيد اليمنيين لقتل اليمنيين.
وأوضح أن الجماعة دأبت على تهجير اليمنيين وتفجير منازلهم ونهب أموال البنك المركزي والمساعدات الإنسانية والاعتداء على الجار العربي المسلم.
وكانت تقارير محلية عدة، قد أكدت في أوقات سابقة أن الجماعة سخَّرت كل طاقتها في سبيل إقحام معاناة الفلسطينيين وقضيتهم العادلة عبر خطاباتها وسياساتها لمعرفتها المسبقة بأهمية تلك القضية لدى اليمنيين، وعمدت بذات الوقت وبشكل مخادع إلى تنظيم وإحياء العشرات من الفعاليات والمسيرات تحت مسميات عدة منها التضامن مع القضية الفلسطينية.
وقبل نحو أسبوع استغلت الجماعة ذات القضية في إحياء ما تسميه «يوم القدس» على الطريقة الإيرانية.
وقالت بعض التقارير إن ذلك الاستعراض الحوثي بـ«يوم القدس» قوبل بسخط واسع في الشارع اليمني، حيث هاجم ناشطون يمنيون الجماعة جراء إصرارها على إزهاق أرواح الآلاف في مسيرات تتزامن مع تحذيرات أممية من تفشي (كوفيد - 19) بمناطق سيطرتها وسط انهيار فعلي للمنظومة الصحية وتكتم الميليشيات عن حالات الوفيات والإصابات.
وقبل أيام دعا زعيم الجماعة الحوثية إلى إنشاء صندوق للتبرع لمصلحة فلسطين، في مسعى يرجح أنه لسرقة المزيد من أموال التجار والسكان لتمويل المجهود الحربي للجماعة، تحت غطاء المتاجرة بالقضية الفلسطينية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.