مصريون يبحثون عن بهجة «منقوصة» في العيد

بعد قرار إغلاق المتنزهات والشواطئ في أنحاء البلاد

مصريون يبحثون عن بهجة «منقوصة» في العيد
TT

مصريون يبحثون عن بهجة «منقوصة» في العيد

مصريون يبحثون عن بهجة «منقوصة» في العيد

للعام الثاني على التوالي يحتفل المصريون بعيد الفطر المبارك وسط قيود الإغلاق والإجراءات الاحترازية التي فرضها فيروس «كوفيد - 19»؛ لتُغير الجائحة من خطط المصريين، وتنتقص من بهجة احتفالهم بالعيد، ورغم تخفيف الإجراءات هذا العام عن العام الماضي، لكن يظل إغلاق الشواطئ والمتنزهات العامة، وغلق المحال والكافيهات والمطاعم في التاسعة مساءً، قيداً يقلل من فرحة المصريين بالعيد، وإن حاولوا التحايل على ذلك والاستمتاع بجولات في الشوارع وعلى كورنيش نهر النيل، وركوب «السكوتر» والدراجات.
وعلى مدار اليومين الماضيين انتشر مصريون على طول كورنيش النيل، وتجمعوا فوق الكباري، وجابوا الشوارع باعتبارها النزهة الوحيدة المسموحة لهم في هذا العيد، إلى جانب الزيارات العائلية التقليدية، وهو ما فعله سيف خالد (16 سنة)، حيث حرص على مقابلة أصدقائه لتناول وجبة الغداء في أحد المطاعم وسط القاهرة، مع استكمال النزهة على كوبري قصر النيل، وشوارع وسط البلد، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «هذه هي النزهة الوحيدة المتاحة، وبالطبع لا غنى عن طبق الكشري في العيد بعد شهر من الصيام».
وأصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في الخامس من مايو (أيار) الحالي قرارات عدة للحد من انتشار الجائحة، تستمر حتى 21 من الشهر الحالي، من بينها «حظر إقامة الاحتفالات والتجمعات، وغلق المحال والمطاعم والكافيتريات في الساعة التاسعة مساءً، مع السماح باستمرار خدمة التوصيل للمنازل، وإقامة صلاة العيد بالإجراءات نفسها المتبعة في صلاة الجمعة، والتي تنص على التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامة والصلاة على سجادة خاص، والأهم هو حظر اصطحاب الأطفال».
وتسببت هذه الإجراءات في تغيير خطط شادي محمود، موظف أربعيني، بالسفر لقضاء العيد في إحدى المدن الساحلية. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «كان ينوي اصطحاب زوجته وولديه إلى العين السخنة أو الإسكندرية؛ لكن قرار إغلاق الشواطئ أدى إلى تغيير هذه المخططات، وقضاء العيد مع العائلة في المنزل»، مشيراً إلى أنه «حتى وإن كان غلق الشواطئ لا ينطبق على الشواطئ الخاصة، الملتزمة بالإجراءات الاحترازية، فقرار غلق المحال والكافيهات في التاسعة مساءً يحرمنا من الاستمتاع بالسهر في العطلة».
وفي القاهرة، طالب اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، رؤساء الأحياء بتكثيف الحملات للتأكد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وقرارات غلق المحال والمطاعم والمولات في التاسعة مساءً، وإغلاق جميع الحدائق العامة والمتنزهات... وشهدت شوارع القاهرة وعدد المدن المصرية تواجداً أمنياً للتأكد من التزام المواطنين بالإجراءات الاحترازية.
ولم تستطع قرارات إغلاق المحال في التاسعة مساءً حرمان المصريين العاشقين للسهر من قضاء سهرات العيد في الشارع، وتناول الوجبات السريعة التي تسلموها من أسفل بوابات المطاعم الحديدية التي أغلقت إلى المنتصف، وسط إضاءة خافتة، ولسان حالهم يقول «سنحتفل بالعيد رغم أنف (كورونا)».
احتفالات المصريين بالعيد بدأت كالمعتاد بليلة العيد، وإن قيّد إغلاق المحال في التاسعة مساءً، من صخبها، لكن هذا لم يمنع المصريين من السهر في الشوارع، خاصة في الأماكن الشعبية، واللعب بالألعاب النارية، وربما كان صخب الأحياء الشعبية والقرى هو ما دفع كثيرون للسفر والحرص على قضاء العيد في بلداتهم وقراهم، وبيوتهم القديمة. وتقول الستينية سعاد عبد الله، ربة منزل لـ«الشرق الأوسط»، إنها «حرصت على العودة مع أولادها وأحفادها إلى منزلهم القديم بحي إمبابة الشعبي لقضاء ليلة العيد، حيث بهجة العيد والاحتفال»، مشيرة إلى أن «الأطفال سهروا حتى الصباح وهم يلعبون بالألعاب النارية»، مضيفة «(كورونا) أثر على فرحتنا بالعيد، حتى الصلاة كانت بأعداد قليلة».
ولم يكن أحمد عبد العليم، موظف ثلاثيني، يتوقع أن يأتي العيد مصحوباً بهذا القدر من الإغلاق والإجراءات الاحترازية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «فوجئت بفرض إجراءات احترازية في الأسبوع الأخير من رمضان، وبقرار حظر اصطحاب الأطفال في صلاة العيد؛ وهو ما ينتقص من فرحة العيد، فلا عيد بلا أطفال».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».