الطفرة البريطانية «حليف» في الحرب على «كوفيد ـ 19»

خبراء: التغطية اللقاحية الواسعة أنجع سبيلاً لتغيير المشهد الوبائي

عامل صحة يستعرض جرعات من لقاح فايزر في جنوب ألمانيا (أ.ف.ب)
عامل صحة يستعرض جرعات من لقاح فايزر في جنوب ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

الطفرة البريطانية «حليف» في الحرب على «كوفيد ـ 19»

عامل صحة يستعرض جرعات من لقاح فايزر في جنوب ألمانيا (أ.ف.ب)
عامل صحة يستعرض جرعات من لقاح فايزر في جنوب ألمانيا (أ.ف.ب)

يفيد تقرير داخلي وضعه المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها، ويناقشه خبراء منظمة الصحة العالمية حالياً، أن الطفرة البريطانية لـ«كوفيد - 19» التي كادت أن تتسبب في كارثة صحية أواخر العام الماضي في أوروبا، أصبحت اليوم بمثابة «حليف» في المعركة التي تخوضها الدول الأوروبية ضد الوباء.
والتفسير العلمي لذلك، حسب التقرير، هي نظرية «الموقع المحتلّ»، ومفادها أنه عندما تسيطر طفرة معيّنة على غيرها من الطفرات، كما هو الحال مع الطفرة البريطانية السائدة منذ فترة في البلدان الأوروبية بنسبة تصل إلى 90 في المائة في بعض الدول، يصعب كثيراً على الطفرات الأخرى أن تحتلّ موقعها، أو أن تحتلّه بسرعة. وكانت الدراسات الأخيرة بيّنت أن هذه الطفرة هي أكثر سرياناً، لكنها أقلّ فتكاً من الطفرتين البرازيلية والجنوب أفريقية، في الوقت الذي لم تصدر بعد أي دراسات نهائية في الدوريات العلمية حول الطفرة الهندية.
ويشير التقرير إلى أن الطفرة البريطانية تتسبب في ارتفاع عدد الإصابات التي تحتاج إلى علاج في المستشفى بين الذين لم يحصلوا بعد على المناعة، لكن بما أنها ضعيفة جداً أمام اللقاحات، يلاحظ انخفاض كبير في عدد المسنّين المحصّنين الذين يدخلون المستشفى، خاصة بين الذين تجاوزوا الثمانين. ويقول الخبراء في استنتاجاتهم إن «الحصيلة العامة لهذه الطفرة، ومن المستحسن أن يبقى الوضع على حاله حتى نهاية حملات التلقيح، لأن أسوأ ما يمكن أن يحصل الآن هو أن تظهر طفرة جديدة مقاومة للقاحات».
وتجدر الإشارة إلى أن دراسة أخرى وضعها المركز الأوروبي المذكور الشهر الماضي، بيّنت أن الطفرة البريطانية تزيد من عدد الإصابات التي تحتاج للعلاج في المستشفى بنسبة 70 في المائة فيما تزيدها الطفرة البرازيلية بنسبة 160 في المائة والجنوب أفريقية بنسبة 260 في المائة.
ويلاحظ التقرير أن هذه الطفرات تتعايش منذ أشهر، ولا توجد أي مؤشرات بعد على تقدّم الطفرتين البرازيلية والجنوب أفريقية في البلدان الأوروبية بشكل يبعث على القلق. ويرجّح بعض الخبراء أن تكون القدرة العالية التي تتمتّع بها الطفرة البريطانية على التكيّف مع الجهة الحاضنة تجعل من الصعب على الطفرات الأخرى أن تحتل موقعها.
لكن رغم الإجماع في الأوساط العلمية على دور «الحليف» الذي تلعبه الطفرة البريطانية حالياً في مواجهة الوباء، ينبّه الخبراء أن مشهد الطفرات متغيّر جدّاً ولا بد من الحذر وعدم استبعاد المفاجآت. ويقول خبير العلوم الجرثومية، آرتور بوفيه، الذي شارك في دراسات المركز الأوروبي حول الطفرات: «نحن أمام نظرية الارتقاء الداروينية: إنها ظاهرة طبيعية هذه التي نشهدها أمام أعيننا، حيث نراقب الارتقاء الحيوي مباشرة ونرى كيف أن الطفرات الأسرع سرياناً والأكثر قدرة على التكيّف، هي التي تحتلّ المشهد وتستقر فيه على حساب الأخرى». ويشير تقرير المركز الأوروبي إلى أن التغطية اللقاحية الواسعة هي العامل الذي سيغيّر مسار تطوّر المشهد الوبائي، من حيث كونها عامل ضغط يقف حاجزاً أمام الطفرات الضعيفة ويساعد على انتشار الطفرات السريعة وترسيخها. وهذا العامل هو الذي سيجعل من الضروري اللجوء إلى جرعات إضافية من اللقاحات في المستقبل لحماية السكان من عجز جهاز المناعة عن مقاومة الطفرات الجديدة، التي يرجّح أن تكون هي السائدة مع ارتفاع عدد المحصّنين.
ويقول الخبراء إن هذا ما نشهده حاليا، لكن بنسبة متدنّية، مع الذين يصابون بالفيروس بعد تناولهم جرعات اللقاح كاملة، ولا تظهر عليهم سوى عوارض طفيفة. والطفرات الجديدة يمكن أن تحدّ من نسبة فاعلية اللقاحات، لكن الحماية تبقى كافية في غالبية الحالات.
وتجدر الإشارة إلى أنه نظراً للخطورة الناشئة عادة عن سرعة سريان الطفرات الجديدة، لا سيّما عندما تبدأ باحتلال مواقع الطفرات المنتشرة في المشهد الوبائي، بادرت المفوضية الأوروبية مطلع العام الجاري إلى التوصية بتعزيز قدرات التسلسل الوراثي الذي يشكّل السبيل الوحيد لمراقبة هذا التطور. وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها قد أوصى بألا تقلّ نسبة التسلسل عن 5 في المائة من الإصابات بحلول الصيف المقبل، لتصل إلى 10 في المائة قبل نهاية السنة الجارية، لكن معظم البلدان الأوروبية ما زالت بعيدة عن تحقيق هذا الهدف.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.