100 ألف يؤدون صلاة العيد في الأقصى

عباس: نريد مستقبلاً بلا عدوان وبلا استيطان

آلاف المصلين في صلاة عيد الفطر بالمسجد الأقصى في القدس امس (أ.ب)
آلاف المصلين في صلاة عيد الفطر بالمسجد الأقصى في القدس امس (أ.ب)
TT

100 ألف يؤدون صلاة العيد في الأقصى

آلاف المصلين في صلاة عيد الفطر بالمسجد الأقصى في القدس امس (أ.ب)
آلاف المصلين في صلاة عيد الفطر بالمسجد الأقصى في القدس امس (أ.ب)

أدى قرابة الـ100 ألف مصلٍ، صباح الخميس، صلاة عيد الفطر السعيد في المسجد الأقصى المبارك، رغم القيود المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال حول المسجد، فيما طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بضرورة «وقف العدوان الإجرامي الإسرائيلي المتواصل ضد قطاع غزة، ووضع حد لاعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وقدم المصلون من مدينة القدس وضواحيها، ومن البلدات الفلسطينية داخل أراضي عام 1948. وأقام عشرات المقدسيين صلاة العيد على مداخل البلدة القديمة، بعد أن أبعدوا عن المسجد الأقصى بأمر من سلطات الاحتلال، ومعظمهم من الناشطين الذين كانوا من المرابطين فيه.
وعلت تكبيرات العيد إيذاناً بحلول أول أيام عيد الفطر وسط حشود كبيرة من المصلين، تزامناً مع مسيرات وهتافات منددة بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. وقال خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد سليم إن «شعبنا سيظهر فرحته بالعيد رغم كل المعاناة التي يتعرض لها، وسائرون على نهج السنن الجميلة لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام في يوم العيد». وأدى المصلون صلاة الغائب على أرواح شهداء فلسطين الذين ارتقوا في قطاع غزة، والضفة الغربية، وأراضي عام 1948
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بضرورة «وقف العدوان الإجرامي الإسرائيلي المتواصل ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، وفي كل مكان، ووضع حد لاعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على أبناء شعبنا، ومقدساتنا الإسلامية، والمسيحية، وخاصة في المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، ومنع الاستيلاء على أراضي ومنازل الفلسطينيين في حي الشيخ جراح».
وشدد عباس خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، على أهمية قيام فرنسا والاتحاد الأوروبي وأطراف الرباعية، بلعب دور محوري لخلق أفق سياسي يقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية، وعقد مؤتمر دولي للسلام يضمن إنهاء الاحتلال، واستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده تبذل جهوداً مع الأطراف ذات العلاقة، للوصول إلى تهدئة تضمن وقف التصعيد الجاري حالياً، مشدداً على أهمية العمل وبشكل فوري للوصول إلى التهدئة، وتجنيب المدنيين ويلات هذا التصعيد.
وطالب عباس بتدخل دولي لوقف العدوان على غزة جاء بعد ساعات من قوله إن «القدس خط أحمر، وقلب فلسطين وروحها، ولا سلام ولا أمن ولا استقرار إلا بتحريرها الكامل». وخاطب محمود عباس الولايات المتحدة وإسرائيل، بالقول: «لقد طفح الكيل. ارحلوا عنا. حلو عن صدورنا. سنبقى شوكة في عيونكم، ولن نغادر وطننا وبلادنا، أنهوا احتلالكم لبلادنا اليوم وليس غداً».
وأشار عباس إلى أنه «لن نقبل بالأمر الواقع الذي يريد أن يفرضه الاحتلال في القدس من خلال استهداف الوجود الفلسطيني»، وأضاف أن «إسرائيل تمارس جرائم حرب وتطهيراً عرقياً يستهدف الوجود الفلسطيني في عاصمتنا المقدسة». وشدد عباس على أن «الشعب الفلسطيني قال كلمته. نحن معه. نريد مستقبلاً بلا عدوان وبلا استيطان»، ودعا جميع الأطياف إلى وضع الخلافات جانباً، قائلاً: «القدس توحدنا».
والغضب الذي أبداه عباس ضد إسرائيل والولايات المتحدة جاء بعد تلقيه اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مساء الأربعاء، طالبه فيه بوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، مقدماً تعازيه جراء سقوط قتلى في المواجهات التي تصاعدت خلال الأيام الأخيرة. وكانت القيادة الفلسطينية أكدت في وقت متأخر الأربعاء، أن القدس يجب أن تبقى عنوان الصراع، باعتبارها قلب فلسطين وعاصمتها الأبدية، وأعلنت أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة لدراسة الخيارات الواجب اتخاذها على المستويات كافة، والاتفاق على استراتيجية عمل موحدة للشعب الفلسطيني.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.