وزير الإعلام المغربي يعلن عن إطلاق «الجيل الثاني» من الإصلاحات في القطاع المسموع والمرئي

الحكومة تستعين بشركات الإنتاج لمراجعة المنظومة الإعلامية

مصطفى الخلفي
مصطفى الخلفي
TT

وزير الإعلام المغربي يعلن عن إطلاق «الجيل الثاني» من الإصلاحات في القطاع المسموع والمرئي

مصطفى الخلفي
مصطفى الخلفي

قدم عشرات من ممثلي شركات الإنتاج في مجال الإذاعة والتلفزيون، ومؤسسات إعلامية، مجموعة من المقترحات للحكومة المغربية، من أجل مراجعة شاملة لمنظومة الإعلام المسموع والمرئي في البلاد، وذلك استجابة لطلب من وزارة الاتصال ( الاعلام ) التي دعت كافة الفاعلين في القطاعين العام والخاص إلى تقديم رؤاهم للمساهمة في وضع استراتيجية وطنية للنهوض بالإنتاج المسموع والمرئي، وإدخال إصلاحات جديدة في القانون المنظم له.
وجاء تقديم المقترحات في ختام يوم دراسي، نظمته وزارة الاتصال اول من امس بالرباط، من أجل إطلاق حوار بين مختلف الفاعلين من أجل "النهوض والارتقاء" بالإنتاج السموع والمرئي.
وتعهد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، بتطبيق ما توصل له المشاركون في اليوم الدراسي من نتائج. قائلا إن وزارته عاكفة على التحضير لإطلاق "الجيل الثاني من الإصلاحات" في مجال الإعلام التلفزيوني والإذاعي، وعلى وجه الخصوص في مجال تنظيم الإنتاج. وأضاف الخلفي في كلمة له خلال اللقاء أن الإصلاحات الجديدة تأتي ترجمة لمقتضيات دستور 2011، وتكريسا لمفهوم الاستقلالية، مشيرا إلى أن الوزارة باتت مجرد مسهل في مجال العمل الإعلامي، وأن السلطة الفعلية للتشريع والمتابعة فيما يتعلق بالإعلام أصبحت بيد البرلمان.
في حين أن الهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئي، تعد مؤسسة دستورية تتولى مسؤولية ضبط التعددية الإعلامية، وضمان حرية الرأي، والحرية في الوصول للمعلومات.
وشارك في اليوم الدراسي ممثلون لسبعة عشر من الشركات والهيئات والمؤسسات والنقابات، من القطاعين العام والخاص، إضافة لأفراد من ذوي الخبرة، ومن المهنيين في مجال الإعلام.
وتضمنت التوصيات التي قدمها محورين أساسيين، أولهما يتعلق بتحسين آليات وسبل تطبيق "دفاتر التحملات" خصوصا فيما يتعلق بالانتاج الخارجي لصالح وسائل الاعلام العمومية. والثاني يتعلق بالنهوض بآليات الانتاج وجودته مهنيا وفنيا، مع دعوة المشاركين في اللقاء إلى وضع "ميثاق أخلاقيات".
وأشار الخلفي إلى أن الوزارة تعتمد الشفافية في تطبيق الإصلاحات الجديدة التي تقوم على مجموعة من المحددات، أبرزها تطبيق دستور 2011، واستكمال تحرير الإعلام، ودعم الانتاج الخاص، وضمان المنافسة على أسس سلمية.
ونوه الوزير المغربي، بما تعرفه البلدان المغاربية من نهضة في مجال الإعلام المسموع والمرئي، متحدثا عن وجود 80 قناة تبث من المنطقة، مشيدا بمبادرة لمجموعة من أبناء بلاده أسسوا قناة تلفزيونية في أوروبا أطلقوا علي اسم "مغرب تي في".
وقال الخلفي "مثل هذه المبادرات يجب أن تدعم، ونحن يدا بيد مع كل الشركات الخصوصية". لكنه أكد أن الدولة لا يمكن بأي حال أن تتنازل عن إعلامها العمومي"، قائلا إنه زار أخيرا الولايات المتحدة، واكتشف مئات وسائل الإعلام العمومية، وان ميزانيتها التي يصادق عليها الكونغرس سنويا تبلغ نصف مليار دولار.
وأشاد الخلفي بالتجربة البريطانية، حيث أن الإنتاج الخارجي لشبكة "بي بي سي" منظم عبر قانون الإعلام، مشيرا الى طموحه للوصول إلى هذه المرحلة، واعدا المشاركين في لقاء اليوم الدراسي بأن "المعهد العالي للإعلام والاتصال" الذي عقد فيه اللقاء، سيحضن خلال شهر مارس (آذار) المقبل ندوة دولية تبحث مستقبل الإعلام العمومي، مشيدا بـ"مبادرة التفكير"بمستقبل التلفزيون، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي.
وعبر وزير الاتصال المغربي عن أمله في إدخال الإصلاحات الجديدة وتطبيقها بشكل مشابه لما عرفه القطاع السينمائي، والصحافة الإلكترونية. قائلا إن ما اتفق عليه من إصلاحات جرى تطبيقه بالفعل، وذلك بالتشاور مع المهنيين والمعنيين في القطاعين.
وتضمنت التوصيات التي خرجت عن اللقاء الدراسي الذي نظمته وزارة الاتصال، مجموعات من الإجراءات والتدابير من أجل إصلاح قانون الاتصال المسموع والمرئي، ووضع معايير واضحة لهويات المنتجين لصالح وسائل الإعلام العمومية، وكيفية تطبيق منح 20 في المائة للشركات الصغرى، ووضع المعايير لذلك.
وقالت وزارة الاتصال في ورقة وزعتها خلال اللقاء، إنها تسعى من خلال التحضير للاصلاحات الجديدة إلى إكمال إنهاء "احتكار الدولة للبث الاذاعي والتلفزيوني"، مؤكدة أن ذلك يعني "تجاوز الأحادية".



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.