وفد مصري إلى تل أبيب وغزة للاتفاق على تهدئة

«الشاباك» يعلن تصفية 16 قائداً كبيراً في «حماس»

دخان يتصاعد نتيجة ضربة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة ضربة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

وفد مصري إلى تل أبيب وغزة للاتفاق على تهدئة

دخان يتصاعد نتيجة ضربة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة ضربة جوية إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يهدد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، بيني غانتس، بمزيد من الغارات المدمرة على قطاع غزة، وقرار «الكابنيت» في حكومتهما إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين ورفض وقف الهجمات، عبّرت قيادات سياسية دولية عن قلق شديد من التصعيد الحالي والقادم. وكثّفت مصر مساعيها لوقف إطلاق النار، معلنة عن إرسال وفدين أمنيين إلى كل من تل أبيب وغزة، ومعربة عن الأمل بأن يؤدي دخول الوفدين إلى وقف النار، لما يكنه الطرفان من احترام للقيادة المصرية.
ونقلت صحيفة معاريف العبرية عن تقارير عربية، أن وفداً أمنياً مصرياً سيدخل إلى غزة، الأربعاء، لإجراء مفاوضات على وقف إطلاق النار. ووفقاً للصحيفة، سيحضر إلى إسرائيل بشكل متزامن وفد مصري آخر، من أجل الضغط على الطرفين لوقف التصعيد في الحال. وقالت مصادر فلسطينية ومصرية لصحيفة «هآرتس»، إن محادثات وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بقيت مستمرة حتى ظهر الثلاثاء، لكنها توقفت بعد اغتيال إسرائيل لـ3 قادة من «سرايا القدس».
ومع الإعلان عن قرار إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تعيين مبعوث خاص لمحاولة التدخل ووقف التصعيد، هو هادي عمار، نائب مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، خلال اتصال مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن التصعيد الحربي بين إسرائيل وغزة والأحداث في القدس، كلها تثير قلق دول الاتحاد. وأكد أن «الاتحاد الأوروبي يجري اتصالات مع جميع الأطراف الدولية والرباعية الدولية، من أجل وقف هذا التصعيد، والحرص على ضرورة تجنيب المدنيين، وضبط النفس، والالتزام بالقانون الدولي، والحفاظ على الوضع القائم في الحرم الشريف، وعدم طرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح».
واعتبرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أمس (الأربعاء)، أن تصعيد العنف في الأراضي الفلسطينية قد يشكل جرائم، بموجب نظام روما الأساسي. وقالت بنسودا في منشور لها عبر «تويتر»: «أتابع بقلق بالغ تصاعد العنف في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وكذلك في غزة ومحيطها، وربما ارتكاب جرائم تندرج تحت نظام روما الأساسي».

ميدانياً، تصاعدت حرب الصواريخ الإسرائيلية الفلسطينية، بشكل كثيف، أمس (الأربعاء). فمن جهة، واصل الجيش الإسرائيلي قصفه المدمر واغتيالاته الدامية ضد قطاع غزة، علماً بأن غالبية الضحايا هم من المدنيين، 14 طفلاً و5 نساء ومسن واحد من مجموع 56 ضحية حتى مساء أمس (الأربعاء). وأعلن الناطق بلسانه أنه بالتعاون مع الشاباك (المخابرات الإسرائيلية)، تمت خلال هذه العملية تصفية 16 قائداً كبيراً في «حركة حماس»، بينهم 4 جنرالات من أعضاء هيئة رئاسة أركان ذراع «حماس» العسكرية، بينهم قائد لواء غزة، باسم عيسى، ورئيس هيئة المحاربة الإلكترونية (السايبر)، جمعة الطحلة، والمسؤول عن قسم تطوير المشروعات الصاروخية، جمال زبدة. وقال إن هذا الاغتيال يعني الاقتراب من قائد الذراع العسكرية، محمد ضيف.
في المقابل، واصلت «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، من بلدات محيط غزة، حتى تل أبيب والمدن الواقعة إلى الشمال منها. وقد لفت النظر أن الفصائل الفلسطينية أطلقت نحو 1000 صاروخ باتجاه إسرائيل في يومين، بينما في الحرب السابقة سنة 2014، بلغ عدد الصواريخ التي أطلقتها «حماس» 800 خلال 51 يوماً. وأصابت بعض الصواريخ هذه المرة أهدافاً دقيقة، مثل سيارة عسكرية ومخزن وقود ومطار بن غوريون، وهددت «حماس» بقصف آبار الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، فقررت إسرائيل إغلاقه. ومقابل الرعب في صفوف الفلسطينيين في قطاع غزة، يسود رعب في صفوف الإسرائيليين أيضاً.
ويستغل اليمين المتطرف في إسرائيل هذا التصعيد لتقوية مكانة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يتهمه معارضوه بأنه «المستفيد الأول من هذه الحرب». وعندما قرر المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيلية، فرض حالة طوارئ لمدة أسبوعين، اعتبروه قراراً بإطالة وقت الحرب لخدمة مصالحه. ويؤكد المنتقدون أن الحرب ستعرقل الجهود لتشكيل حكومة بديلة برئاسة نفتالي بنيت ويائير لبيد، وبذلك تتجه إسرائيل إلى انتخابات خامسة، ويبقى نتنياهو رئيس حكومة. ويحتاج نتنياهو إلى هذه الحرب بضرباتها القوية في غزة، لكي يرد على معارضيه الذين يتهمونه بتقوية «حماس» لكي يضعف السلطة الفلسطينية.
ويرى مراقبون أن هذه المصلحة تلتقي اليوم مع مصلحة قيادة الجيش الإسرائيلي، الذي يتعرض لانتقادات واسعة بسبب عجزه عن اكتشاف قدرات «حماس» التي فاجأت الإسرائيليين بالصواريخ المتطورة في حوزتها. وتقول إن الجيش يختنق وهو يشاهد مئات المواطنين اليهود سكان الجنوب وهم يغادرون بيوتهم في البلدات المحيطة بقطاع غزة هرباً من الصواريخ، وهو يشاهد أيضاً مواطني تل أبيب يتراكضون إلى الملاجئ، فيوجه ضربات مدمرة إلى قطاع غزة بلا رحمة، حتى يبدد الانتقادات. وهو يحاول أن يسجل «صورة نصر» تنقذ هيبته أمام جمهوره وأمام جيوش ودول العالم. ففي إسرائيل يؤكدون أن «حماس» من جهتها تستطيع الآن وقف الحرب والادعاء بأنها خرجت منتصرة، لأنها تمكنت من قصف القدس وتل أبيب، ولذلك فإن الجيش الإسرائيلي يصرّ على الاستمرار في الحرب، ولن يتوقف قبل أن يحقق هذه الصورة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.