اكتشاف مواقع أثرية في السعودية تعود إلى 350 ألف سنة

بالتعاون بين هيئة التراث ومعهد «ماكس بلانك» الألماني

الآثار المكتشَفة في السعودية تعود إلى 350 ألف سنة (واس)
الآثار المكتشَفة في السعودية تعود إلى 350 ألف سنة (واس)
TT

اكتشاف مواقع أثرية في السعودية تعود إلى 350 ألف سنة

الآثار المكتشَفة في السعودية تعود إلى 350 ألف سنة (واس)
الآثار المكتشَفة في السعودية تعود إلى 350 ألف سنة (واس)

أكدت النتائج الأخيرة لمشروعات المسح البيئي والأثري، عن وجود مواقع أثرية في السعودية تعود إلى نحو 350 ألف عام.
وأظهرت نتائج أول موقع أشولي مؤرّخ في السعودية ««النسيم»» في صحراء «النفود» بمنطقة حائل «شمال المملكة»، أدلة بيئية على وجود بحيرة عميقة ربما كانت عذبة المياه، مع أدلة على معالم بيئية قديمة وما ارتبط بها من مواد أثرية تعود إلى عصر البلايستوسين الأوسط.
وضمن مقال نُشر مؤخراً في المجلة العالمية «Nature Scientific Reports» تحت عنوان «انتشار الإنسان في العصر الأشولي بصحراء «النفود» بشمالي المملكة»، أكدت النتائج الأخيرة لمشروعات المسح البيئي والأثري لمشروع الجزيرة العربية الخضراء الذي بدأ منذ 10 سنوات، أن الجزيرة العربية مرّت بتغيرات مناخية خلال عصر البلايستوسين فأضحت أجواؤها أكثر رطوبة، وأثّر ذلك على انتشار الإنسان فيها وفي القارات الأخرى، وينطبق هذا على الجماعات البشرية في الفترة الأشولية، الذين كان ارتباطهم أشد بمصادر المياه فيما يبدو أكثر من غيرهم في العصر الحجري الأوسط.
ويمثل موقع «النسيم» حالياً أقدم المواقع الأشولية الموثّقة حتى الآن في السعودية، ويكشف الستار على المستوى الإقليمي عن أنواعٍ من مجاميعٍ لأدوات حجرية استخدمها الإنسان في عصر البلايستوسين الأوسط، ومن المرجح أنها تشير إلى تكرار عودة الإنسان إلى الجزيرة العربية عندما كانت مروجاً وأنهاراً، إذ يحتوي الموقع على حوض عميق تبرز في وسطه رواسب عُثر فيها على مواد أثرية من العصر الحجري الأسفل، وقد تم جمع ما يقرب من 354 قطعة فأسٍ حجري، ورقائق حجرية مختلفة. واتضح من خلال المسح وجود ارتباط شديد بين المواد الأثرية والبحيرة الجافة.
وأشار المقال إلى تشابه أدوات الحجارة المكتشَفة مع تلك التي سبق العثور عليها في المواقع الأشولية في صحراء «النفود»، ودلّ بعض القطع على جلب مواد الخام إلى الموقع لصناعة الأدوات، وطرح بعضها بعد اختبار جودتها، وشُكّلت بعض القطع قبل نبذها.
وتدل المسوحات الموسعة للمشروع ضمن نطاق صحراء «النفود» على أن مادة الكوارتزيت المحلي استُخدمت في كثيرٍ من الأحيان لصنع أدوات حجرية أخرى ضمن الفترة الأشولية لم يتم تأريخها بعد، تشمل الفؤوس بأشكالٍ مختلفة منها بيضاوية وقلبية ومثلثة، بالإضافة إلى اختلاف أحجامها كما هو الحال في المواقع الأشولية الأخرى في صحراء «النفود».
وتبيّن تلك الأدوات الحجرية الأشولية بموقع «النسيم» أنها تعود إلى أواخر عصر البلايستوسين الأوسط في حدود (350 ألفاً إلى 250 ألف عام) أي ما يتوافق على الأرجح مع مرحلة النظير البحري التاسع حين ذاب الجليد فيها وتشكلت بحيرات في صحراء «النفود».
ويدل التشابه بين المواد الأشولية بموقع «النسيم» والمواقع الأشولية الأخرى غير المؤرخة في صحراء «النفود»، على أن المياه العذبة العميقة المستقرة في صحراء «النفود» كموقع «النسيم» أسهمت في سهولة انتشار الإنسان وتنقله نظير ما وجده من مياه عذبة ووفرة في الصيد حولها. ويدل تنوع الثدييات، كبيرها وصغيرها، على وجود بحيرات تكوّنت إبان فترات ذوبان الجليد بمنطقة «النفود»، مما يدل على انتشار الحيوانات في المنطقة خلال المراحل الرطبة ووفْرتها حول المياه مصدراً لعيش الإنسان.
وتعكف هيئة التراث بمشاركة مجموعة من الخبراء السعوديين على استكمال المشروع العلمي «الجزيرة العربية الخضراء» بالتعاون مع نظرائهم الدوليين من معهد «ماكس بلانك لعلوم تاريخ الإنسان»، الذي يركز على تتبع ودراسة التغيرات المناخية التي تعرضت لها شبه الجزية العربية على مر العصور، وبين بداية الاستيطان البشري في البلاد وهجرة البشر إليها عبر قارات العالم القديم، وقد كشفت نتائج الدراسات السابقة للمشروع عن أدلة لوجود آلاف البحيرات، والأنهار، والغابات، والكائنات في أنحاء الجزيرة، التي نشأت حولها عدد من الحضارات المتعاقبة بسبب المناخ المعتدل لشبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت.
وقد أعلنت الهيئة خلال الربع الأخير من عام 2020 عن اكتشاف أثري في غاية الأهمية يتضمن العثور على آثار أقدام بشرية وفيَلَة وجمال وحيوانات مفترسة حول بحيرة قديمة جافة على أطراف منطقة تبوك يعود تاريخها إلى أكثر من 120 ألف سنة، ويمثل هذا الكشف الأثري الدليل العلمي الأول على أقدم وجود لطبعات أقدام الإنسان والحيوان على أرض الجزيرة العربية.
وتسعى هيئة التراث من خلال «مشروع الجزيرة العربية الخضراء» إلى تنفيذ المسوحات المُكثفة والتنقيبات المنظمة لفهم الظروف المناخية القديمة وطبيعة البيئة السائدة في الجزيرة العربية وما تتبعها من هجرات بشرية، وذلك في إطار جهود الهيئة في التنقيب في مواقع الآثار الوطنية وصونها والتعريف بها ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من «رؤية المملكة 2030».



الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.