«رب جملة بعشرة آلاف جملة»... اغتراب الإنسان الصيني

ليو جن يون يكتب عن مصاعب الحياة التي يتوارثها الأبناء عن الآباء

«رب جملة بعشرة آلاف جملة»... اغتراب الإنسان الصيني
TT

«رب جملة بعشرة آلاف جملة»... اغتراب الإنسان الصيني

«رب جملة بعشرة آلاف جملة»... اغتراب الإنسان الصيني

تدور أحداث رواية «رب جملة بعشرة آلاف جملة» التي كتبها الروائي الصيني الشهير ليو جن يون، وترجمتها عن اللغة الصينية المصرية مي شاهين، حول رحلة جد يبلغ من العمر 70 عاماً يدعى «وو موسي» الذي غير اسمه إلى «لوه تشانغ لي»، ربما من أجل التخفي والتواري من شيء ما، وهو يتحرك من مكان إلى آخر بحثاً عن ابنته «تساو تشين إه» التي فقدها بعد موجة اضطراب وتفكك قاسية ضربت أسرته، فقد كان يعتقد أنها الوحيدة التي يمكنه أن يشارك معها مشاعره العميقة، وأحاسيسه الصادقة، إلا أنه مات قبل أن يعثر عليها، ثم لحقت به هي، وتركت ابنها «نيو آيقوه» يعاني مرارة البحث للعثور على ما يدله على أسرار عائلته.
ومع تطور الرحلة وتوالي تفاصيلها وفصولها وأحداثها بعد انطلاقها من مدينة يانجين التي تقع ضمن إقليم خان شمال شرقي الصين، مسقط رأس الكاتب، يصاب الحفيد «نيو آيقوه» بعدوى الترحال التي أصابت جده قبل عشرات السنين بحثاً عمن يستطيع أن يتحدث إليهم ويصادقهم، ويستمع إليهم، ويستمعون إليه بقلب مفتوح، حينها يتجه «نيو آيقوه» إلى مسقط رأس والدته ليتعرف على أصدقائها القدامى، ويستقي أسرار ووقائع سنوات مضت في مدينة يانجين التي تقع ضمن الإقليم، وهو ما يشير إلى أن دوائر الاغتراب في المجتمع الصيني تتوالى ولا تنتهي، حيث يتسلمها الأبناء من الآباء.
الرواية صدرت في سلسلة الجوائز التي تصدرها هيئة الكتاب المصرية، وتقع في جزأين، يتتبع كل منهما تفاصيل حياة شخصية أساسية تتحرك في قلب الأحداث. الأولى تدعى «يانغ باي شون»، أما الثانية فهي «نيو آيقو»، وخلال حركتهما في فضاء الأحداث يظل كل منهما طوال الوقت في رحلة بحث عن الآخر، ليبلغه كلمة مخلصة من القلب مفادها بأن غربة الإنسان الحقيقية تحدث حين يشعر أنه بحاجة إلى البحث عن الآخر، من أجل أن يحاوره، ويبادله الحديث، لكن عندما يجده ويرتاح إليه ويجلس معه، يكتشف كل منهما أنه في واد وصديقه في واد آخر، فلا توجد نقطة التقاء بينهما، وقتها يسيطر الصمت بثقله، ويصير الشعور بالغربة بينهما أقسى من الشقاء بالوحدة التي كان يسعى لتلافيها وهو يبحث عن صديقه.
ومن خلال أحداث الرواية يسعى مؤلفها ليو جن يون لخلق نوع من الحوار الحضاري بين ما جاء في كتاب «المحاورات» لحكيم الصين كونفوشيوس، وبين ما ورد في «الإنجيل»، حيث يقارن بين ما جاء على لسان الحكيم الصيني وهو يقول «ما أجمل أن يلقى الإنسان صديقاً آتياً من وراء تلال السفر البعيدة»، وبين ما ورد في «العهد القديم»، لكي يبرر الفروق الشاسعة بين المجتمع الصيني والمجتمعات الغربية، حيث يثمن الأول، حسب ما جاء في مقدمة الرواية التي كتبها الدكتور محسن فرجاني، العلاقة بين الناس بعضهم بعضاً، في حين يهتم الثاني بالعلاقة بين الإنسان والعالم، ومن خلال ذلك، يحاول الروائي أن يبرز الفروق الحاسمة في الخصائص الاجتماعية بين الثقافتين، وهو ما يتضح من الموقف الذي يتحدث فيه عن شخصية المبشر الإيطالي الذي جاء إلى بلدة يانجين من أجل القيام بتعميد ستة أشخاص بينهم «باي شون» الشخصية الرئيسية في القسم الأول من الرواية، حيث يظهر الجميع عاجزين عن العثور على عبارة صادقة بشكل مطلق، ويغرقون في نوع من الحيرة التي يرى الكاتب أنها مسؤولة عن الإحساس الفادح بالاغتراب.
ولا يتوقف ليو جن يون عند ذلك المنحى الثقافي، بل يسعى من خلال تناوله لحياة أبناء الطبقات الدنيا في المجتمع من حلاقين وباعة في الأسواق ومزارعين، إلى أن يحلل أسباب الشعور بالوحدة، مركزاً على التفاصيل البسيطة والعادية لدى هؤلاء في مواجهة معاناتهم وبؤسهم، خصوصاً حين تنسد أمامهم سبل العيش، وهو ما يظهر واضحاً في شخصية «لو جيانغ لي» الذي هجر صناعة الخل مهنة عائلته المتوارثة، وراح يعمل «نائحاً على الموتى».
أما تاجر الحمير «لاو بهي» فقد أجبرته زوجته بعد أن اكتشفت خيانته لها على ترك تجارته، التي تسهل له السفر والغياب عن منزله لفترات طويلة، ودفعته لأن يعمل في مهنة الحلاقة لكي تجعله تحت رقابتها. هذا المناخ الذي يغرق الكاتب قراءه في دواماته، ربما كان السبب الذي جعل الرواية تحظى منذ صدورها في يناير (كانون الثاني) عام 2009 باهتمام كبير، وقد استغرق ليو جن يون ثلاث سنوات في كتابتها، إذ بدأها عام 2006 وانتهى منها عام 2008، وفي عام 2011 حصل بها على جائزة ماو دون للأدب الصيني.
ولد ليو جن يون عام 1958، وتخرج من قسم اللغة الصينية وآدابها بجامعة بكين، وقد كتب أكثر من اثنتي عشرة رواية، نالت جميعها شهرة كبيرة، وتحولت إلى أعمال درامية، حققت نجاحاً كبيراً لدى مشاهدتها.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».