الازدهار الأميركي يهدد جنوب شرقي آسيا

أزمات في الأسواق الناشئة... من سحب التدفقات لتأخر اللقاحات

تواجه دول جنوب شرقي آسيا ضغوطاً اقتصادية كبيرة قد تنجم عن الانتعاش الأميركي (رويترز)
تواجه دول جنوب شرقي آسيا ضغوطاً اقتصادية كبيرة قد تنجم عن الانتعاش الأميركي (رويترز)
TT

الازدهار الأميركي يهدد جنوب شرقي آسيا

تواجه دول جنوب شرقي آسيا ضغوطاً اقتصادية كبيرة قد تنجم عن الانتعاش الأميركي (رويترز)
تواجه دول جنوب شرقي آسيا ضغوطاً اقتصادية كبيرة قد تنجم عن الانتعاش الأميركي (رويترز)

يجب أن تشعر دول جنوب شرقي آسيا بالقلق في هذه الأوقات العصيبة التي تواجه فيها جائحة فيروس «كورونا» المستجد وركود اقتصاداتها مع تعاف سريع للاقتصاد الأميركي، فالولايات المتحدة تحقق معدلات نمو فائقة، كانت تعتبر في وقت من الأوقات أمرا غريبا، مع ارتفاع وتيرة التطعيم ضد فيروس «كورونا» على الأراضي الأميركية. وفي المقابل تجد الاقتصادات الصاعدة في جنوب شرقي آسيا نفسها عارية في مواجهة هذه التحديات بحسب المحلل الاقتصادي دانيال موس.
ويقول موس في تحليله الاقتصادي الذي نشرته وكالة «بلومبرغ» إن الاقتصاد الأميركي يتعافى من كارثة عام 2020.، وعلى عكس التعامل المضطرب للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع الأزمتين الصحية والاقتصادية في العام الماضي، يأتي الرئيس الحالي جو بايدن كما لو كان المجيء الثاني للرئيس الراحل فرنكلين دي روزفلت الذي قاد الاقتصاد الأميركي للخروج من دائرة الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين. كما أسهم مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في تجنب انهيار مالي عالمي
على وقع تداعيات جائحة «كورونا». وقد كانت الأسواق الصاعدة في وقت من الأوقات أكثر جاذبية للاستثمارات، في ظل معدلات نمو عالية تعوض النقص في القوة العاملة الماهرة، وقصور الجوانب الصحية وقواعد الحوكمة... ولكن يبدو أن هذه الأسواق فقدت قوتها الآن.
هذا التحول ستكون له آثار كبيرة على كيفية إدارة بلدان مثل إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وفيتنام لاقتصاداتها خلال السنوات القليلة المقبلة. فعادة ما يكون النمو الأقل من المستهدف مع معدلات تضخم منخفضة دافعا أو مبررا لخفض جديد في أسعار الفائدة وزيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي. مع ذلك تبدو السياسة النقدية الراهنة عصية على التغيير في ظل سياسة التخفيف الكمي القوية في العام الماضي. كما أن عودة الولايات المتحدة إلى النمو وزيادة أسعار الفائدة، ستخلق مشكلة لتلك الدول. فمع احتمال اتجاه مجلس الاحتياطي إلى سحب إجراءات التحفيز النقدي ورفع الفائدة، ستواجه الأسواق الناشئة خطر خروج رؤوس الأموال منها، وهو أمر آخر يجب أن تستعد تلك الأسواق للتعامل معه والتصدي له، بحسب دانيال موس.
وفي حين من المتوقع نمو الاقتصاد الأميركي خلال العام الحالي بأكثر منه 7 في المائة، وهو ما لم يحدث لأكبر اقتصاد في العالم منذ 1984 سجل اقتصاد إندونيسيا وهو أكبر اقتصادات جنوب شرقي آسيا انكماشا أكبر من المتوقع خلال الربع الأول من العام الحالي، بمعدل 0.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليواصل انكماشه للربع الرابع على التوالي. في الوقت نفسه فإن أداء الاقتصاد الإندونيسي تحسن نسبيا خلال الربع الأول بعد انكماشه بمعدل 2.2 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي. وفي تايلاند حذر البنك المركزي من أن الموجة الحالية من إصابات فيروس «كورونا» المستجد تهدد توقعات بنمو الاقتصاد بمعدل 3 في المائة خلال العام الحالي وهو معدل ضعيف أساسا.
كما حذر البنك المركزي الماليزي من سيناريو مماثل. وكان الاقتصاد الماليزي قد انكمش بمعدل 3.4 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي، في حين يتوقع المحللون تراجعا بنسبة أقل خلال الربع الأول من العام الحالي.
ويرى دانيال موس أن جائحة «كورونا» يمكن أن تدفن في النهاية الآمال في استمرار قدرة الاقتصادات الصاعدة في جنوب شرقي آسيا على استعادة معدلات النمو التي سجلتها قبل الأزمة المالية الآسيوية في أواخر تسعينات القرن العشرين والتي دفعت العالم إلى إطلاق تعبير النمور الآسيوية عليها. فمنذ ذلك الحين طغى الصعود الصيني القوي على اقتصادات المنطقة التي اعتادت الحياة مع معدلات نمو أعلى من معدلات الدول المتقدمة لكنها أقل من تلك التي كانت قد سجلتها قبل الأزمة المالية في التسعينات. والآن جاءت جائحة «كورونا» لكي تكشف هذه الخدعة التي تحولت إلى ركود اقتصادي.
وبالطبع فإن التأخير الكبير في توزيع اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا» بمثابة نبأ سيئ وبخاصة لتايلاند التي تعتمد بشدة على السياحة. فالناس يجب أن يشعروا بالأمان لكي يسافروا إليها. وبالنسبة لفيتنام فإن تشديد القيود على الحدود وعلى الأنشطة يمثل تذكرة بأنه يتم بذل جهد من أجل الحيوية أكثر من أنه من أجل الانتصار في حرب تجارية. والحكومات تواجه دعوات متزايدة من أجل تمديد الدعم للصناعات الأشد تضررا من الجائحة، في الوقت نفسه هناك خطر كبير من انتشار الشركات غير القابلة للحياة التي تستنزف الدعم الحكومي.
ويقول ميشائيل سبنسر، كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في مجموعة دويتشه بنك المصرفية، إن «العجز عن تحقيق مناعة القطيع (في دول جنوب شرقي آسيا) قد يؤدي إلى تعثر نمو اقتصادات تلك الدول لسنوات عديدة مقبلة». وفي هذه الحالة قد يجد العالم أن الولايات المتحدة هي النمر الاقتصادي الجديد بمعدلات نمو قياسية.


مقالات ذات صلة

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

الاقتصاد شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

تسارعت زيادات الأسعار للمستهلكين في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن التراجع المستمر في التضخم على مدار العامين الماضيين قد بدأ يواجه تحديات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

انخفاض العقود الآجلة للأسهم الأميركية قبيل بيانات التضخم الرئيسة

انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين بيانات اقتصادية رئيسة، خصوصاً تقرير التضخم الشهري الرئيس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
جيمسون غرير يحضر منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في تشيلي 17 مايو 2019 (رويترز)

ترمب يختار جيمسون غرير لمنصب ممثل التجارة للولايات المتحدة

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الثلاثاء، جيمسون غرير، المحامي والمسؤول السابق في ولايته الأولى، ليشغل منصب كبير مفاوضي التجارة في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
TT

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)

خلص باحثون في مؤسسة بحثية مقرها الولايات المتحدة، بناء على صور أقمار اصطناعية، إلى أن كوريا الشمالية توسع مجمعاً رئيسياً لتصنيع الأسلحة، يستغل لتجميع نوع من الصواريخ قصيرة المدى تستخدمه روسيا في أوكرانيا، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتعد المنشأة، المعروفة باسم «مصنع 11 فبراير»، جزءاً من «مجمع ريونغ سونغ» في هامهونغ، ثاني أكبر مدينة في كوريا الشمالية على الساحل الشرقي للبلاد.

وقال سام لير الباحث في مركز «جيمس مارتن» لدراسات منع الانتشار النووي، إنه المصنع الوحيد المعروف بإنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب من طراز «هواسونغ 11».

وذكر مسؤولون أوكرانيون أن هذه الذخائر، المعروفة في الغرب باسم «كيه إن-23»، استخدمتها القوات الروسية في هجومها على أوكرانيا.

ولم ترد أنباء من قبل عن توسيع المجمع.

ونفت روسيا وكوريا الشمالية أن تكون الأخيرة قد نقلت أسلحة إلى الأولى لاستخدامها ضد أوكرانيا. ووقَّع البلدان معاهدة دفاع مشترك في قمة عقدت في يونيو (حزيران)، وتعهدا بتعزيز العلاقات العسكرية بينهما.

ولم ترُد بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق على هذا التقرير.