أجبر قرار «إغلاق كورونا» المصريين على استكمال سهراتهم الرمضانية في منازلهم، وذلك بعد إنهاء المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية عملها في تمام التاسعة مساء، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المصري الذي يهدف إلى الحد من تزايد إصابات «كورونا» في البلاد خلال الآونة الأخيرة.
وسجلت مصر 1132 حالة إصابة بـ«كورونا» مساء الجمعة، بجانب 66 حالة وفاة، ليبلغ إجمالي عدد المصابين في مصر حتى الآن ما يقرب من ربع مليون إصابة، بجانب 14 ألف حالة وفاة، حسب الأرقام الرسمية.
ورغم اعتياد المصريين الخروج من منازلهم عقب الإفطار لقضاء سهرات في مناطق مفتوحة برفقة أصدقائهم في أجواء فلكلورية، تتميز بها مصر، فإنهم باتوا مجبورين الآن على البقاء في منازلهم أمام الشاشات لمشاهدة المسلسلات ومباريات كرة القدم المتنوعة.
محمد الصعيدي، حرفي مصري (30 عاماً)، اعتاد مشاهدة مباريات كرة القدم الأوروبية والمصرية بأحد مقاهي الجيزة (غرب القاهرة)، رفقة أصدقائه، لكن أجبره قرار مجلس الوزراء، على مشاهدة المباريات في منزله، وهو ما لا يفضله الصعيدي: قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ليالي رمضان لها طبيعة خاصة بالمقاهي والكافتيريات، خصوصاً في ظل الأجواء الحارة التي تشهدها مصر حالياً خلال ساعات النهار، حيث تكون تلك السهرات فرصة جيدة لتعويض ساعات العمل الشاقة نهاراً، وملاذاً رائعاً للقاء الأصدقاء ليلاً للاستمتاع بمتابعة مباريات النادي الأهلي وفريق ليفربول الإنجليزي اللذين أشجعهما، وهذا يعني أنني لن أتمكن من مشاهدة مباريات الأهلي خلال رمضان بالمقهى برفقة أصدقائي لأن المباريات تقام في تمام التاسعة والنصف مساء، وهو ما يتكرر كذلك مع الكثير من المباريات الأوروبية، التي يتطلب مشاهدتها بالمنزل اشتراك بمقابل مادي مرتفع».
وأربك قرار الإغلاق خطط بعض الأسر المصرية في الخروج إلى محلات الملابس لشراء «لبس العيد» بعد تطبيق قرار الإغلاق عليها، لذلك يضطر كثيرون للخروج خلال ساعات النهار شديدة الحرارة لشراء احتياجاتهم، حسب نزيه عبد المقصود، موظف قطاع حكومي مصري، يقيم في حي شبر الخيمة (شمال القاهرة)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أجلت شراء ملابس العيد لأطفالي الثلاثة لتفادي الزحام خلال الأيام الماضية، لكنني اضطررت أخيراً للذهاب إلى منطقة وسط القاهرة نهاراً للابتعاد عن حالة الارتباك التي تشهدها المحال عقب الإفطار مساء حيث تضطر المحال إغلاق أبوابها أمام الزبائن خوفاً من توقيع غرامات عليها من قبل السلطات المصرية».
ويؤكد محمود الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، في تصريحات صحافية: «تأثرت المحلات التجارية سلبياً بقرار الإغلاق المسائي، لأن ذروة فترة الشراء كانت خلال الفترة المسائية بالمواسم الماضية، بسبب الصوم». مشيراً إلى أن «بعض المحال التجارية تضطر لإغلاق أبوابها في الخامسة مساء، قبيل الإفطار، لأنه لن يكون هناك داعٍ للانتظار حتى التاسعة مساء». على حد تعبيره.
وتشهد منطقتا «القاهرة الخديوية»، والفاطمية إقبالاً كبيراً من الجمهور خلال المساء، لدرجة أن البعض طالب بتطبيق حظر شامل عليهما للحد من الزحام وتزايد الإصابات.
وبينما كانت تستقبل مطاعم ومقاهي وسط القاهرة زبائنها حتى منتصف الليل في بداية شهر رمضان الحالي، فإن زوار المنطقة يجبرون على العودة إلى منازلهم حالياً بعد إغلاق جميع المحال التجارية والكافيهات في تمام التاسعة، ليتعذر حالياً تناول وجبة السحور في أجواء عائلية وجماعية بين طرقات الشوارع التراثية العتيقة بالقاهرة كما كان معتاداً قبل ظهور الجائحة، حسب المهندس المصري محمد محروس (38 عاماً)، الذي كان يستعد لزيارة منطقة الحسين العامرة بالكافيهات السياحية والأجواء الرمضانية المميزة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد إعلان مصري يقول إن رمضان في مصر أمر مختلف، والسر في التفاصيل، هذه التفاصيل للأسف لم تعد موجودة بسبب (كورونا)، كل شيء تغير». ويضيف: «رغم أن الهدف من الإغلاق المبكر هو تقليل نسبة الإصابات، فإن بعض المحال تشهد زحاماً كارثياً بعد التاسعة مساء في منطقة شرق القاهرة التي أقيم بها، بسبب إغلاق عدد كبير من الأسواق التجارية الموجودة هناك مساء». ولفت إلى أن «قرار الإغلاق تسبب في فقد عدد من الشباب لوظائفهم، بعد اضطرار أصحاب المطاعم والكافيهات للإغلاق».
وينص قرار مجلس الوزراء المصري، المنشور بالجريدة الرسمية يوم الأربعاء الماضي على غلق كل المحال والمولات التجارية والمقاهي والكافتيريات والمطاعم ودور السينما والمسارح وما يماثلها في الساعة 9 مساء، للحد من التزاحم الكبير في هذه المنشآت.
وقال رئيس الوزراء إن «الحكومة اضطرت إلى تطبيق مجموعة من القرارات والإجراءات، خلال الأيام القليلة الاستثنائية المقبلة، بعد رصد تزايد حركة المواطنين وترددهم على مختلف المحلات التجارية، وكذلك لطبيعة العادات الاجتماعية المتعارف عليها خلال شهر رمضان التي ينتج عنها ازدحام في الأماكن والأسواق العامة، وما تلاحظ أيضاً من عدم التزام المواطنين بتطبيق الإجراءات الاحترازية».
وقرر مجلس الوزراء أيضاً إغلاق الحدائق والمتنزهات والشواطئ العامة خلال إجازة عيد الفطر المقبل.
«إغلاق كورونا» يجبر المصريين على استكمال سهراتهم في المنازل
«إغلاق كورونا» يجبر المصريين على استكمال سهراتهم في المنازل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة