«حماس» تقصف القدس في نهاية يوم ملتهب

مواجهة عنيفة في الأقصى... وكر وفر في الشيخ جراح... وما لا يقل عن 20 قتيلاً بغارات إسرائيلية على غزة

انتقال المواجهات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين من الأقصى إلى داخل القدس الشرقية (د.ب.أ)
انتقال المواجهات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين من الأقصى إلى داخل القدس الشرقية (د.ب.أ)
TT

«حماس» تقصف القدس في نهاية يوم ملتهب

انتقال المواجهات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين من الأقصى إلى داخل القدس الشرقية (د.ب.أ)
انتقال المواجهات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين من الأقصى إلى داخل القدس الشرقية (د.ب.أ)

قصفت «كتائب القسام»، التابعة لحركة حماس، مدينة القدس أمس، بعد صواريخ شملت كذلك عسقلان القريبة من غزة، ومستوطنات الغلاف، في أقوى تحد لإسرائيل، وتنفيذاً لتهديد سابق أمس، طلبت فيه من تل أبيب إجلاء جنودها من الأقصى وحي الشيخ جراح، وإطلاق سراح المعتقلين حتى الساعة السادسة مساء.
وأطلقت «حماس» 7 صواريخ باتجاه القدس، اعترضت القبة الحديدية الإسرائيلية أحدها، فيما سقط البقية في مناطق مختلفة، وقد سمع دوي الانفجارات في القدس والمناطق القريبة. وجاء الإطلاق في وقت كان فيه المستوطنون يحتفلون بيوم توحيد القدس (احتلال القدس)، في مسيرة أعلام كبيرة كانت سبباً في إشعال المدينة منذ ساعات الصباح، قبل أن يفروا بعد سماعهم دوي صفارات الإنذار، وتأمرهم الشرطة بوقفها نهائياً، مع إخلائها حائط البراق من اليهود.
وفوراً، ردت إسرائيل بغارات على غزة أودت بحياة ما لا يقل عن 20 شخصاً بينهم 9 أطفال. واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إطلاق الصواريخ على القدس تجاوزاً لـ «الخط الأحمر»، وقال في كلمة ألقاها في القدس إن «المنظمات الإرهابية في غزة تجاوزت الخط الأحمر مساء يوم القدس وهاجمتنا بالصواريخ في ضواحي القدس». وتابع «اسرائيل سترد بقوة كبيرة.. لن نتسامح مع أي هجوم على أراضينا وعاصمتنا ومواطنينا وجنودنا ومن يهاجمنا سيدفع ثمناً باهظاً».
وهذه أول مرة تصل فيها صواريخ حركة حماس إلى القدس منذ حرب 2014. وقالت «القسام»، في رسالة مقتضبة، إنها وجهت «ضربة صاروخية للعدو في القدس، رداً على جرائمه وعدوانه على المدينة المقدسة»، مضيفة: «إن عدتم عدنا، وإن زدتم زدنا»، في تهديد مباشر لإسرائيل من أجل وقف إجراءاتها في القدس.
وشهد المسجد الأقصى ومحيطة ما يشبه حرباً واسعة، استهدفت فيها الشرطة الإسرائيلية المصلين والمحتجين بالرصاص والغاز والقنابل الصوتية، مقابل الحجارة والزجاجات والأحذية وما تيسر في أيدي الفلسطينيين الذي هبوا للدفاع عن المسجد، في مواجهة خطط مستوطنين متطرفين لاقتحامه في يوم احتفالهم بتوحيد القدس. وخلفت المواجهات 331 إصابة في صفوف الفلسطينيين، و9 في صفوف الشرطة التي استباحت ساحات المسجد منذ الصباح، وحاولت إغلاق بواباته، وطرد المصلين منه، ما فجر مواجهة سرعان ما امتدت إلى أزقة وشوارع القدس التي شهدت كذلك محاولات دهس واعتقالات وضرب متبادل.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي، من اقتحام واعتداء وحشي على المصلين في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، هو تحدٍ جديد للمجتمع الدولي، وتحديداً للجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية»، متهماً الحكومة الإسرائيلية بأنها «ضربت عرض الحائط بكل هذه الجهود والتدخلات الدولية».
وأمام هذه الجهود، قالت القيادة الفلسطينية إنها تدرس خيارتها للرد على العدوان الإسرائيلي على الأقصى والمواطنين. لكن في هذه الأثناء دخلت «حماس» والفصائل الفلسطينية المسلحة على الخط، مهددة بتحويل الأمر إلى مواجهة في غزة. وبعد ساعات قليلة من تهديد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إسرائيل بأن «المقاومة مستعدة متحفزة»، غرد الناطق باسم كتائب عز الدين القسام التابعة لـ«حماس»، قائلاً: «إن قيادة المــقاومة في الغرفة المشتركة تمنح الاحتلال مهلة حتى الساعة السادسة من مساء اليوم (الاثنين) لسحب جنوده ومغتصبيه من المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح، والإفراج عن كافة المعتقلين خلال هبة القدس الأخيرة، وإلا فقد أعذر من أنذر».
وسرعان ما أشعلت تهديدات «حماس» القلق في إسرائيل التي قررت تحويل حركة الطائرات في مطار بن غوريون إلى مسارات بديلة، وألغت جميع الأنشطة الاجتماعية في مستوطنات غلاف غزة التي فتحت فيها الملاجئ كذلك. وفعلاً، قصفت «حماس» القدس ومستوطنات قريبة من غزة، وضربت «سرايا القدس»، التابعة لـ«الجهاد»، صواريخ أخرى على عسقلان، واستهدفت سيارة إسرائيلية في إحدى مستوطنات غزة بصاروخ مضاد للدبابات.
ومن جهته، قال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، إن الاحتلال هاجم المسجد الأقصى المبارك بشكل همجي غير مسبوق مبيت مسبقاً، وأضاف: «الاحتلال اقتحم أيضاً المصلى القبلي من المسجد، ومصلى باب الرحمة، وقبة الصخرة، وأخرج المصلين منها».
ولم تقف المواجهات عند بوابات الأقصى، بل انتقلت بسرعة إلى شوارع وأزقة القدس التي شهدت حرباً من نوع آخر مع الشرطة والقوات الخاصة ومستوطنين. وحاول مستوطن دهس عدد من المارة قرب باب الأسباط في القدس، في ظل مواجهات عنيفة هناك، لكن الشرطة الإسرائيلية قالت إنه فقد السيطرة على السيارة بعد الهجوم عليه بالحجارة. وأظهر مقطع فيديو تعمد مستوطن دهس عدد من المتظاهرين، قبل أن يحاولوا الوصول إليه، ويخلصه شرطي أطلق النار في الهواء، في مشهد يختصر شكل المواجهات.
ولاحقاً، تفجرت مواجهة أخرى في حي الشيخ جراح بين نواب كنيست عرب ومواطنين من جهة، ونواب كنيست يهود متطرفين والشرطة والمستوطنين من جهة ثانية، قبل أن تتدخل الشرطة وتحاصر الحي، ثم تقتحمه وتعود المواجهات من جديد.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.