أزمة بنزين في لبنان وارتفاع غير مسبوق بأسعار اللحوم

الاتحاد العمالي يحذّر من «انفجار اجتماعي»

محطة وقود علقت لافتة اعتذار من الزبائن (الوكالة المركزية)
محطة وقود علقت لافتة اعتذار من الزبائن (الوكالة المركزية)
TT

أزمة بنزين في لبنان وارتفاع غير مسبوق بأسعار اللحوم

محطة وقود علقت لافتة اعتذار من الزبائن (الوكالة المركزية)
محطة وقود علقت لافتة اعتذار من الزبائن (الوكالة المركزية)

تتواصل تداعيات اقتراب رفع الدعم عن المواد الأساسيّة في لبنان مسببة أزمة شحّ في المحروقات، وارتفاعا بأسعار المنتجات الغذائيّة، لا سيّما اللحوم والدواجن ما دفع الاتحاد العمالي العام إلى التلويح بالتحرك بالشارع بعد عطلة عيد الفطر.
وامتنع أمس (الاثنين) عدد كبير من محطات المحروقات عن تزويد السيارات بمادة البنزين، ورفعت هذه المحطات خراطيمها بحجّة نفاد المخزون وعدم تزويدها بالبنزين من قبل الشركات الموزعة، فيما شهدت محطات أخرى زحمة كبيرة منذ الصباح الباكر، إذ اصطفت أرتال السيارات للتزود بالوقود.
وعمدت المحطّات التي لم تقفل أبوابها إلى تحديد كميّة البنزين لكلّ سيارة بـ20 ليترا كحد أقصى. وأرجع ممثل موزّعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا سبب أزمة البنزين الحالية إلى الأخبار التي تمّ تداولها عن اقتراب موعد ترشيد الدعم على المحروقات والشائعات التي تناقلها المواطنون حول البدء برفع هذا الدعم وارتفاع أسعار المحروقات إلى أكثر من الضعف. وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ المواطنين تهافتوا خلال الأيام الماضية لتعبئة البنزين وتخزينه خوفا من ارتفاع سعره ما تسبب بشحّه وفقدانه.
وأوضح أبو شقرا أنّه حتى اللحظة لا رفع للدعم عن البنزين وسعره لم يرتفع وأنّ الشركات الموزّعة بدأت أمس وستكمل اليوم (الثلاثاء) توزيع البنزين مما من المفترض أن ينهي هذه الأزمة.
ويشهد لبنان منذ فترة أزمة بنزين متقطعة تظهر من فترة إلى أخرى بسبب شحّ هذه المادة التي تشهد تخزينا وتهريبا إلى سوريا، وكان وزير الطاقة ريمون عجر صرّح منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي أن أزمة عدم توفر مادة البنزين في لبنان تعود إلى التهريب بين لبنان وسوريا بسبب فارق السعر بين البلدين طالبا من القوى الأمنية والجيش اللبناني بضبط الحدود.
وكان الجيش اللبناني أعلن مؤخرا أكثر من مرّة عن عمليات أحباط تهريب محروقات إلى الأراضي السورية وعن توقيف أشخاص لبنانيين وسوريين.
وكذلك، شهدت أسعار المواد الغذائية خلال الأيام اليومين الماضيين ارتفاعا ملحوظا، لا سيّما في اللحوم والدواجن، بعد إعلان العاملين في القطاع عن توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولار المدعوم لاستيراد اللحوم ومستلزمات تربية الدواجن، وأطلق عدد من المواطنين حملات تدعو إلى مقاطعة الدواجن واللحوم تحت شعار «خلّيها تعفّن».
وسبق الدعوات إلى المقاطعة تهافت كبير من قبل المواطنين على شراء الدجاج بعدما أعلنت نقابة الدواجن أنّ سعر الدجاج سيرتفع أكثر من 40 في المائة خلال أسابيع، ما تسبب باختفاء الدجاج عن الرفوف بعدد كبير من السوبر ماركت.
هذا، وكان عدد من الملاحم قد أقفل أبوابه بحجّة أنه لا لحوم مدعومة لديها فيما عمدت ملاحم أخرى إلى بيع كيلو اللحم بسعر أعلى بنسبة 30 في المائة عن السعر الذي كان يُباع فيه خلال الأيام الماضية. وفي هذا السياق، حذّر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر من أنّ الاتحاد لن يقف مكتوف اليدين أمام ما سماه الفلتان المبرمج والهادف إلى تجويع الناس، مشيرا إلى أنّ ارتفاع الأسعار وموضوع الدعم ستكون عنوان تحرك الاتحاد العمالي العام في الشارع بعد عطلة عيد الفطر.
ولفت الأسمر في بيان إلى أنّ الأسبوع الماضي شهد فلتاناً كبيراً في أسعار السلع والمواد الغذائية المدعومة وغير المدعومة الأمر الذي يثير التساؤلات حول ما يجري وما يقوم به المسؤولون لحماية ذوي الدخل المحدود الذين لم يعد بمقدورهم تأمين الحاجات الضرورية من الغذاء بما يكفي للقمة عيش كريمة.
وأضاف الأسمر أنّ الاتحاد العمالي العام سجّل، وعبر مراقبته ومتابعته لأسعار السلع، فلتاناً كبيراً غير مسبوق منها على سبيل المثال لا الحصر سعر كيلو لحم البقر الذي تراوح بين 75، 80، 120 ألف ليرة لبنانية أي ما يوازي 18 في المائة من قيمة الحد الأدنى للأجور.
وذكّر الأسمر بأنّ الأفران تشكو من فقدان الخميرة المدعومة التي لم يسدد مصرف لبنان حتى الآن قيمة الدعم لها بما يؤدي إلى ارتفاع سعر ربطة الخبز، وأنّ أسعار الزيوت باتت خيالية وليس بمقدور أي مواطن أكان من ذوي الدخل المحدود أو الميسورين الحصول عليها، بالإضافة إلى وقوف المواطنين بالطابور أمام المحطّات للحصول على كمية قليلة من البنزين والمازوت، معتبرا أنّ دعم السلع والمواد الغذائية والمحروقات والدواء يجب أن يبقى مؤمنا لحماية الناس وتمكينها من العيش الكريم.
ودعا الأسمر جميع المسؤولين من وزارات الاقتصاد والتجارة والزراعة والداخلية والبلديات ورئيس الحكومة المستقيلة إلى استدراك ما يحصل اليوم لأنه ينذر بعواقب خطيرة جداً إذا لم تتخذ الخطوات الرادعة فوراً.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.