الحكومة المغربية تمهّد لـ«تعميم» الحماية الاجتماعية للمواطنين

سعد الدين العثماني (ماب)
سعد الدين العثماني (ماب)
TT

الحكومة المغربية تمهّد لـ«تعميم» الحماية الاجتماعية للمواطنين

سعد الدين العثماني (ماب)
سعد الدين العثماني (ماب)

كشف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أن جهود الحكومة منصبة خلال نهاية ولايتها على اتخاذ «كافة التدابير ذات الطابع القانوني» لضمان «تنزيل سلس وفعال لورش تعميم الحماية الاجتماعية»، الذي سبق أن دعا له العاهل المغربي الملك محمد السادس. وقال العثماني أمس، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إنه بعد مصادقة البرلمان على «القانون الإطار للحماية الاجتماعية»، الذي يستهدف توفير الحماية الاجتماعية لـ22 مليون مواطن ما بين 2021 و2025، ستنكب الحكومة على إدخال تعديلات على عدد من النصوص القانونية لتسهيل تطبيق المشروع، الذي قال إنه يحظى «بعناية كريمة واهتمام خاص من قبل الملك محمد السادس، وذلك من منطلق حرصه على تمتيع كافة المواطنات والمواطنين، لا سيما الفئات الفقيرة والهشة، بالدعم والحماية الاجتماعيين، بما يصون كرامتهم ويحفظ التماسك الاجتماعي».
وأوضح العثماني أن النصوص، التي سيتم تعديلها، تتمثل في مشروع تعديل القانون المتعلق بـ«مدونة التغطية الصحية الأساسية»، بهدف «إرساء أسس التغطية الصحية الشاملة»، وذلك من خلال وضع تأمين صحي إجباري لفائدة الفئات الفقيرة والهشة، على أساس معايير الأهلية الحالية لنظام المساعدة الطبية (راميد)، وهو نظام للتغطية الصحية للأسر الفقيرة، في انتظار تفعيل السجل الاجتماعي الموحد (نظام لدعم الأسر).
وبخصوص فئات المهنيين والعمال المستقلين، والأشخاص غير الأجراء، الذين يزاولون نشاطا خاصا، أوضح رئيس الحكومة أن نسبة الاشتراك الخاص بهم فيما يخص التأمين الإجباري الأساسي عن المرض حددت في 6.37 في المائة من الدخل الجزافي المطبق على الصنف، الذي ينتمي إليه المستفيد من التأمين.
كما أشار رئيس الحكومة إلى مشروع تعديل القانون المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن ‏المرض الخاص بفئات المهنيين، والعمال المستقلين، الذي يروم «تبسيط مساطر التسجيل، وتحصيل وسداد الاشتراكات»، وتقليص المدة الضرورية لبدء استفادتهم من النظام، وإدراج فئات المهنيين الخاضعة للدخل الجزافي من خلال «المساهمة المهنية الموحدة»، أو نظام المقاول الذاتي للاستفادة من خدمات هذا النظام.
ثم هناك، يضيف العثماني، مشروع تعديل القانون المتعلق بإحداث نظام للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين، والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، والذي يرمي إلى «تبسيط مساطر (إجراءات) التسجيل وتحصيل وسداد الاشتراكات». مضيفا أن الحكومة تعمل على مشروع تعديل «القانون المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات»، لملاءمته مع متطلبات ورش إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، بهدف التأكيد على «ضرورة احترام مسالك العلاجات»، وإصلاح مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، والتنصيص على إحداث وظيفة عمومية صحية، وإحداث نظام معلوماتي مندمج. بالإضافة إلى إحداث هيئات التدبير والحكامة». كما تشمل التعديلات مشروع تعديل القانون المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، لملاءمته مع متطلبات ورش تعميم التغطية الاجتماعية.
وبالموازاة مع مشاريع التعديلات القانونية، أوضح العثماني أن الحكومة عملت في مجال الرعاية الاجتماعية على إعداد مشروع قانون يتعلق بـ«العاملين الاجتماعيين»، الذي صادق عليه مجلس الحكومة في 28 مايو (أيار) 2020، وأحيل على البرلمان، والذي يهدف إلى تنظيم مهنة العامل الاجتماعي، وتحديد شروط ممارستها، والصلاحيات الموكلة للعاملين الاجتماعيين، وشروط مزاولتهم لهذه المهنة. كما كشف رئيس الحكومة عن إعداد مشروع قانون لتعديل القانون المتعلق بكفالة الأطفال المهملين.
واعتبر العثماني أن هذا المشروع الاجتماعي يشكل «ثورة اجتماعية حقيقية» و«مفخرة للمغرب وللمغاربة»، ويحظى «بإجماع وطني»، لما سيكون له من آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامة المغاربة بمختلف شرائحهم، وتحصين الفئات الهشة، لا سيما في ظل ما يعرفه العالم من مخاطر صحية وتقلبات اقتصادية. معتبرا إنجاح «هذه المهمة الجليلة سيكون خير خاتمة لعمل الحكومة».
من جهة أخرى، كشفت مصادر حزبية أن وزارة الداخلية حسمت تواريخ إجراءات المحطات الانتخابية هذا العام، حيث ينتظر تنظيم انتخابات مجلس النواب والمحلية والجهوية في يوم واحد هو 8 سبتمبر (أيلول) المقبل، وانتخاب مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) في 5 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».