أفريقيا تتخوف من عدم توافر اللقاحات بسبب معركة الهند مع «كورونا»

عمال صحيون في الهند يرتدون ملابس واقية خلال مواجهة فيروس «كورونا» (أ.ف.ب)
عمال صحيون في الهند يرتدون ملابس واقية خلال مواجهة فيروس «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

أفريقيا تتخوف من عدم توافر اللقاحات بسبب معركة الهند مع «كورونا»

عمال صحيون في الهند يرتدون ملابس واقية خلال مواجهة فيروس «كورونا» (أ.ف.ب)
عمال صحيون في الهند يرتدون ملابس واقية خلال مواجهة فيروس «كورونا» (أ.ف.ب)

تترقب أفريقيا في صدمة وذهول، فيما تكافح الهند تفشياً كبيراً لجائحة «كوفيد - 19»، خشية نقص طويل الأمد في اللقاحات الهندية الصنع التي تحتاج إليها القارة للمساعدة في حماية شعوبها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتعد الهند التي يطلق عليها أحياناً «صيدلية العالم» أكبر مورد للقاح «أسترازينيكا»، في إطار برنامج «كوفاكس» لتوفير اللقاحات للدول الفقيرة، لكنها باتت تواجه زيادة ضخمة في عدد الإصابات، فاقمتها سلالة جديدة، وفقاً لخبراء.
وسجل البلد الآسيوي الذي يبلغ عدد سكانه 1.3 مليار نسمة 22 مليون إصابة، فيما بلغت الوفيات قرابة 250 ألف شخص.
وبعد أن كانت قد أرسلت أكثر من 60 مليون جرعة للخارج، أعلنت الهند في نهاية مارس (آذار) أنها ستؤجل شحن اللقاحات لخارج البلاد، فيما تعمل على تلبية متطلباتها الوطنية.
وعقد وزراء الصحة في الاتحاد الأفريقي اجتماعاً طارئاً، عبر الإنترنت، لمناقشة العجز في اللقاحات.
وقال أستاذ علم الفيروسات الكاميروني جون نكينغاسونغ، مدير المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وهي هيئة مراقبة صحية تابعة للاتحاد الأفريقي، إن «وضع اللقاحات بات معقداً جداً راهناً بسبب الوضع في الهند». وأضاف: «نأمل أن يكون هناك إمداد مستمر من اللقاحات من خلال (كوفاكس) من الهند، لكننا نتابع في رعب وعدم تصديق ما يحدث في الهند، ولا نتوقع أن يتم شحن اللقاحات خارج الهند في أي وقت قريب».
وبخلاف جميع القارات، نجت أفريقيا نسبياً من أسوأ عواقب الوباء حتى الآن، حيث تم تسجيل أكثر من 124 ألف وفاة رسمياً في أرجاء القارة، مقابل 4.6 مليون إصابة. لكن من ناحية أخرى، يوجد في أفريقيا مدن مكتظة بالأحياء الفقيرة التي تشكل أرضاً خصبة للفيروس، وبنية تحتية صحية هشة.
وقدمت إلى القارة 19.6 مليون جرعة لقاح، أو 2 في المائة فقط من الإجمالي العالمي، حسب منظمة الصحة العالمية، فيما تم إعطاء 80 في المائة من الجرعات في البلدان الأكثر ثراءً.
وبسبب افتقار البلدان الأفريقية إلى وسائل تصنيع اللقاحات بكميات كبيرة، تحتم عليها حتى الآن اللجوء إلى السوق المفتوحة أو آلية «كوفاكس».
ويأمل فريق العمل الأفريقي لاقتناء اللقاحات التابع للاتحاد الأفريقي في الحصول على اللقاحات من خلال برنامجه الخاص بحلول نهاية يوليو (تموز) أو أوائل أغسطس (آب). وقال نكيناغاسونغ إنه فيما يأمل في تقديم هذا الموعد، فإنه لا يمكنه تقديم أي ضمانات. وكشف أنه لا يتوقع أن تفتح سوق اللقاحات مجدداً قبل الربع الثالث، وحض القادة الأفارقة على تعديل استراتيجيتهم انطلاقاً من ذلك. ونصح بتطبيق استراتيجية ثلاثية الأبعاد: تكثيف الاختبارات، وتحسين الوقاية من خلال برامج التوعية، وزيادة إمدادات اللقاحات والأكسجين.
وطالب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، و÷و اثيوبي، الدول الأفريقية بتوخي الحذر حتى حل أزمة اللقاحات. وأبلغ اجتماعاً للاتحاد الأفريقي أن «ما يحدث الآن في أجزاء أخرى كثيرة من العالم يمكن أن يحدث في أفريقيا إذا تخلينا عن حذرنا». وأضاف: «في كثير من البلدان، يكون لظهور سلالات سريعة الانتشار، إلى جانب التخفيف المبكر لتدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية، والتوزيع غير العادل للقاحات، عواقب مأسوية».
إلى ذلك، حض الاجتماع الوزاري للاتحاد الأفريقي على الاحترام الصارم لإرشادات التباعد الاجتماعي في قارة توجد فيها بعض المقاومة للقاحات.
وأعلنت الكونغو في نهاية أبريل (نيسان) أنها «أعادت توزيع 1.3 مليون جرعة (فائضة) من لقاحات (أسترازينيكا) على 5 دول مجاورة». وأقرت وزارة الصحة بأن بعض فئات السكان رفضت ببساطة تلقي اللقاح.
وفي بعض البلدان الغنية، بدأت مشكلة نقص المعروض من اللقاحات التحول إلى فائض من اللقاحات التي لا تحظى بشعبية لدى الجمهور.
وقال غيبريسوس إن «التوزيع غير العادل للقاحات ليس مجرد انتهاك أخلاقي، إنه يهزمنا أيضاً اقتصادياً ووبائياً».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.