إتلاف ألفي لغم وعبوة ناسفة شرق سوريا

مخلفات «داعش» تحصد المئات... بينهم جامعو الكمأة

من أنشطة «منظمة روج» لإزالة الألغام في ريف دير الزور الشرقي (الشرق الأوسط)
من أنشطة «منظمة روج» لإزالة الألغام في ريف دير الزور الشرقي (الشرق الأوسط)
TT

إتلاف ألفي لغم وعبوة ناسفة شرق سوريا

من أنشطة «منظمة روج» لإزالة الألغام في ريف دير الزور الشرقي (الشرق الأوسط)
من أنشطة «منظمة روج» لإزالة الألغام في ريف دير الزور الشرقي (الشرق الأوسط)

أعلنت منظمة مختصة في إزالة الألغام، إتلاف أكثر من ألفي لغم أرضي ومخلف حربي من بقايا «تنظيم داعش»، زرعت بريف دير الزور الشمالي، في وقت رصدت فيه منظمة سورية حقوقية، عدد ضحايا مخلفات الحرب خلال عام، بحصيلة نحو 520 شخصاً بينهم 77 سيدة و163 طفلاً، حيث فقد مئات المدنيين حياتهم وأصيب الآلاف جراء مخلفات زرعها عناصر التنظيم في مناطق متفرقة شرق سوريا.
وأعلنت «منظمة روج» لمكافحة الألغام إزالة ألفي لغم محلي الصنع ومخلفات حرب تركها عناصر التنظيم المتشدد في شرق البلاد،، قال هفال محمد نائب مدير المنظمة، لـ«الشرق الأوسط»، إن جهود الفرق نجحت في تحرير30 ألف متر مربع بريف دير الزور الشرقي، شملت أراضي زراعية ومباني حكومية ومقارا وكتلا سكنية في مناطق متفرقة، لكن مسلحي التنظيم، كانوا قد اتخذوا من الأبنية مستودعات لتخزين قذائف الهاون والصواعق والقنابل والعبوات الناسفة ومخلفات حربية أخرى، الأمر الذي يزيد من صعوبة الوصول إلى تلك البؤر وتحرير تلك المواقع الحساسة، بحسب المسؤول المحلي.
وشكلت الألغام ومخلفات الحرب حاجزاً أمام العودة الآمنة للسكان لقراهم ومدنهم التي تركوها خلال فترة سيطرة مسلحي «داعش»، بين الأعوام 2014 و2019. ويقدر هفال محمد عدد المخلفات الحربية من ألغام وعبوات ناسفة، بعشرات الآلاف، وأكد أن المنظمة، بحاجة إلى الدعم الدولي لمواصلة مهامها وتطهير باقي المناطق من هذه المخلفات «بسبب أن قلة الجهات والمنظمات العاملة في إزالتها، يبطئ عمليات مكافحتها، ويزيد من إمكانية تشكيلها خطراً مميتاً على حياة الملايين من المدنيين الذي يعودون يومياً لممتلكاتهم ومنازلهم».
ويرتدي فريق «روج» زياً كاكي اللون وضعت على كتفهم شارة حمراء اللون داخلها جمجمة بيضاء، في إشارة إلى المهمة المناطة بهم، يبحثون عن الألغام والعبوات الناسفة عبر أجهزة كشف تقليدية، مثل عصا طويلة بلاستيكية مزودة بلاقط حاد يتمكن من التقاط الخيوط المتفجرة.
و«منظمة روج» التي تأسست عام 2016 مكونة من فرق هندسية وخبراء ومختصين في نزع الألغام، مقسمين إلى فرق إدارية وأخرى مؤهلة لإزالة الألغام وكيفية التعامل معه، عملوا في مدينة الرقة وريف الحسكة. ويوضح الإداري محمد، أنه خلال الفترة القادمة ستعمل فرق المنظمة على إزالة الألغام في باقي ريف دير الزور، لتشمل المدارس والأراضي الصحراوية. وبحسب المنظمة، فإن ريفي الحسكة الجنوبي ودير الزور الشمالي والشرقي، يعدان من بين أكثر المناطق التي تنتشر فيها الألغام، وقد حولت مخلفات الحرب السورية، الأراضي الصحراوية والمناسبات الزراعية الموسمية، والأبنية المهجورة، إلى موعد مع الموت.
بدوره، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عدد الذين لقوا مصرعهم وقضوا نحبهم جراء انفجار ألغام وعبوات وانهيار أبنية سكنية متصدعة من مخلفات الحرب. وبلغت الحصيلة 520 مدنياً بينهم 77 سيدة و163 طفلاً في محافظات حمص وحماة ودير الزور وحلب، خلال الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) 2019 وحتى أبريل (نيسان) الماضي، بينهم 47 مواطنة و6 أطفال خلال بحثهم وجمعهم مادة الكمأة التي تنمو في المناطق التي تتعرض لأمطار غزيرة وتباع بأسعار باهظة.
وحتى نهاية عام 2018، تمت إزالة أكثر من 25 ألف لغم ومادة متفجرة من مخلفات «داعش»، في المناطق التي خضعت لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم من التحالف الدولي والولايات المتحدة الأميركية في مدينتي الرقة ودير الزور.
ونقل هفال محمد أنهم بالتوازي مع إزالة الألغام والبحث عنها، أطلقوا حملات توعوية ونظموا ورشات تدريبية لنشر مخاطر الألغام والذخائر غير المتفجرة، «من خلال التعليم والتدريب وتنظيم حملات إعلامية عامة والاتصال بالمجتمعات المحلية، للحدّ من احتمالات الإصابة في المناطق الأهلة بتلك المواد». وعن أبرز التحديات لفت قائلاً إنها «نقص المعدات والآليات وانخفاض التمويل وانتشار وباء فيروس (كورونا)».
والى جانب «منظمة روج» تعمل عدة منظمات دولية وأخرى محلية على إزالة الألغام من مناطق شمال شرقي سوريا، بعد طرد مسلحي التنظيم والقضاء على سيطرته العسكرية والجغرافية ربيع 2019، لكن تنظيفها وتحريرها من المفخخات بشكل كامل وآمن، قد يستغرق سنوات وفقاً لخبراء ومختصين من هذه المنظمات.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.