سعيّد: تونس لكل التونسيين ولا مجال للتجاوزات

جدل حول لجوء حكومة المشيشي إلى «صندوق النقد» طلباً لتمويلات

TT

سعيّد: تونس لكل التونسيين ولا مجال للتجاوزات

جدد الرئيس التونسي قيس سعيّد التأكيد على أن القائد الأعلى للقوات المسلحة هو رئيس الدولة، مضيفاً أن تونس «لكل التونسيين ولا مجال للتجاوزات».
وأكد الرئيس سعيد في كلمة له على هامش حضوره مأدبة إفطار نظمت بمقر وزارة الداخلية، أنه لا مجال لأي كان للتخطيط للاستيلاء على جهاز من أجهزة الدولة. وأضاف أنه سيتم العمل على توحيد الدولة لأن هناك من يريد أن يكون له نصيب فيها، مشدداً على أن الدولة ليست غنيمة للقسمة. وأكد الرئيس التونسي أن من يعتقد أنه بإمكانه توظيف جهاز من أجهزة الدولة لفائدته فهو خارج القانون، مضيفاً: من يعتقد أنه يمكن أن يوظف أي إدارة لفائدته ولخدمة مصالحه ومصالح من يقف وراء مصالحه فسينفضه التاريخ. وشدد على أن الدولة لكل التونسيين ولا مجال لتقسيمها. 
يذكر أن هشام المشيشي رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة لم يحضر خلال الزيارة التي أداها سعيد إلى مقر وزارة الداخلية. وكان الرئيس سعيد قد  قام مطلع مايو (أيار) الحالي بزيارة غير معلنة إلى جبل الشعانبي حيث شارك الوحدات العسكرية مأدبة الإفطار داخل المنطقة العسكرية المغلقة.
في سياق متصل، يحتدم جدل بين السياسيين والنقابيين حول لجوء الحكومة التونسية إلى صندوق النقد الدولي طلباً لتمويلات جديدة. وأكد سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، في تصريح إعلامي أنّ اتحاد الشغل يرفض المشاركة الصورية في المفاوضات دون الاطلاع على تفاصيل المشروع الإصلاحي الذي ستقدمه حكومة تونس للصندوق بهدف الحصول على تمويلات جديدة. واتهم الحكومة بالتكتم عند تقديمها المشروع الذي تنوي تنفيذه، وأنها تعمل على التفويت في بعض المؤسسات الحكومية أو تقديم تنازلات للصندوق على حساب قوت التونسيين، على حد تعبيره.
واستبق محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، ردود الفعل المنتظرة تجاه الإجراءات الحكومية خاصة منها رفع الدعم عن عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية بالتأكيد على أن الإضرابات المفتوحة عن العمل لم تعد مقبولة ولا مجال للمزيد منها، مشيرا إلى أن الحكومة ستواجهها بالقانون من خلال قرارات عدة. وأفاد الطرابلسي بوجود إطار قانوني للتفاوض مع الشركاء الاجتماعيين لكن دون الوصول إلى لي الذراع، إذ إن الحكومة لن تتنكر لمطالب التونسيين، على حد تعبيره. وأضاف الطرابلسي أن الحكومة تتشاور مع اتحاد الشغل في عدد من الملفات للتوصل إلى حل يرضي كل الأطراف.
ويلقى البرنامج الحكومي دعماً من قبل «حركة النهضة» التي اعتبرت إثر اجتماع مكتبها التنفيذي أنّ جهود الحكومة في توفير التمويلات الضرورية للبلاد والمفاوضات التي تجريها مع الجهات الدوليّة المانحة والنتائج المنجرّة عنها، تبقى حلولاً ظرفية وأن الأزمة الاقتصادية والاجتماعيّة التي تتخبط فيها البلاد، بحاجة إلى إنفاذ الإصلاحات الضرورية والمسارعة بإقامة حوار وطني يحدد الأولويات.
في المقابل، تمسكت أحزاب المعارضة بمجابهة البرنامج الحكومي. ورأى زهير الحمدي رئيس حزب التيار الشعبي المعارض أن المفاوضات الجارية لا يمكن أن تفضي إلا إلى «اتفاق إذعان ووصاية على مقدرات تونس». وأشار إلى أن الشروط التي ستفرض على تونس لن تؤدي إلا إلى مزيد من البطالة والفقر وانهيار المقدرة الشرائية وتراجع الخدمات العمومية، ونبه إلى إمكانية حصول أزمة اجتماعية طاحنة وفوضى عامة قد تهدد وحدة البلاد وأمنها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.