الاتحاد الأوروبي يستعين بالهند لمواجهة «تجارة الصين»

نيودلهي وبروكسل تبنيان مشروعات في آسيا وأفريقيا

استأنفت الهند والاتحاد الأوروبي مفاوضات التجارة الحرة في وقت تقرب المخاوف بشأن الصين وهيمنتها التجارية بينهما (رويترز)
استأنفت الهند والاتحاد الأوروبي مفاوضات التجارة الحرة في وقت تقرب المخاوف بشأن الصين وهيمنتها التجارية بينهما (رويترز)
TT
20

الاتحاد الأوروبي يستعين بالهند لمواجهة «تجارة الصين»

استأنفت الهند والاتحاد الأوروبي مفاوضات التجارة الحرة في وقت تقرب المخاوف بشأن الصين وهيمنتها التجارية بينهما (رويترز)
استأنفت الهند والاتحاد الأوروبي مفاوضات التجارة الحرة في وقت تقرب المخاوف بشأن الصين وهيمنتها التجارية بينهما (رويترز)

قال مسؤول بوزارة الخارجية الهندية السبت، في ختام محادثات ثنائية مع الاتحاد الأوروبي، إن الجانبين سيعملان على بناء مشاريع بنية تحتية مشتركة في أفريقيا وآسيا الوسطى والمحيطين الهندي والهادي.
وكانت الهند والاتحاد الأوروبي قد استأنفا أيضاً مفاوضات التجارة الحرة المتوقفة مع سعيهما أيضاً إلى تعزيز التعاون لمكافحة تغير المناخ، حيث تقرب المخاوف بشأن الصين وهيمنتها التجارية بين بروكسل ونيودلهي.
واستأنف الاتحاد الأوروبي والهند محادثات متوقفة منذ فترة طويلة بشأن اتفاق للتجارة الحرة، في محاولة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين في مواجهة التهديدات المتنامية من الصين.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لايين للصحافيين في مدينة بورتو البرتغالية قبيل الاجتماع: «أتطلع لاستئناف المفاوضات بشأن اتفاق التجارة الحرة»، بحسب ما أوردته وكالة «بلومبرغ».
ويأتي تحرك الاتحاد الأوروبي لتعميق علاقات مع أكبر ديمقراطية في العالم وكذلك دول آسيوية أخرى في وقت تزداد فيه حدة التوتر مع الصين، وتثير العقوبات ضد مسؤولين أوروبيين تساؤلات بشأن اتفاقية الاستثمار التي أبرمها التكتل مؤخراً مع بكين.
وجرى تعليق محادثات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والهند في عام 2013، وسط اختلافات مستمرة بشأن قضايا مثل خفض الرسوم وحقوق الملكية الفكرية وحقوق المهنيين الهنود العاملين في أوروبا.
ويسعى الاتحاد الأوروبي ونيودلهي الى تعزيز علاقاتهما مع استئناف المفاوضات حول اتفاق تبادل حر وزيادة التعاون في مجال الصحة فيما الهند غارقة في مكافحة أزمة وباء «كوفيد - 19».
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين: «التطلعات كبيرة. أنا على ثقة أننا سنحرز خطوة كبيرة إلى الأمام، لأن بين الاتحاد الأوروبي والهند إمكانات كثيرة غير مستغلة على صعيد التجارة والاستثمار».
وكان يفترض أن يشارك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في القمة مع قادة الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بورتو، لكنه اضطر لإلغاء زيارته بسبب الأزمة الصحية التي أسفرت عن أكثر من 230 ألف حالة وفاة في هذا البلد البالغ عدد سكانه 1.3 مليار نسمة.
وسيتخذ الاتحاد الأوروبي والهند، وهما منتجان للقاحات ويعدان بمثابة «صيدلية العالم»، موقفاً بشأن ضرورة توفير استجابات عالمية لأوبئة مقبلة.
وأكد الرئيس الفرنسي أنه «من الملح زيادة الإنتاج وتوفير مزيد من التضامن الآن. ينبغي على الولايات المتحدة وبريطانيا وقف منع التصدير».
وشدد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال على أن «الاتحاد الأوروبي هو الديمقراطية الوحيدة التي تصدر بشكل كثيف» إنتاجها من اللقاحات.
وأكد مسؤول أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية أن الإبقاء على القمة على مستوى القادة السبعة والعشرين يشكل «إشارة سياسية قوية موجهة للهند». وأكد دبلوماسي أوروبي أن «ثمة دينامية بسبب وجود تقارب في المصالح».
وأوضح: «يريد الاتحاد الأوروبي تقوية علاقاته مع لاعب رئيسي في إطار استراتيجيته في منطقة المحيطين الهندي والهادي. وقد شهدت الهند من جانبها إعادة خلط الأوراق في منطقتها إثر إبرام الصين اتفاقيات لم تكن طرفاً فيها، وهي بحاجة إلى شراكات مع أطراف أخرى. يجب اقتناص هذه الفرصة».
وأشار دبلوماسي آخر إلى أن الصين ستكون «الموضوع البارز الذي لا يريد أحد التطرق إليه».
ويأتي الإعلان عن استئناف المفاوضات مع الهند فيما تم تعليق الاتفاق حول الاستثمارات المبرم مع بكين في نهاية عام 2020 بسبب التوترات بشأن حقوق الإنسان. وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الهند اختارت «الاستثمار أكثر في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي بسبب الصين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أرغم نيودلهي على عدم اعتبار لندن بعد الآن مدخلها الوحيد إلى الاتحاد الأوروبي».
وأعلنت الحكومة البريطانية أن لندن تريد أيضاً بدء التفاوض على اتفاقية تجارة حرة مع الهند بدءاً من الخريف.
لا يبدأ الاتحاد الأوروبي من الصفر مع نيودلهي. وقال مسؤول أوروبي كبير قبيل انطلاق المباحثات إن «الإعلان المنتظر هو الاستئناف الرسمي للمناقشات المعلقة في 2013، على أساس التفويض الأساسي، والهدف هو أن يشمل كل مجالات التجارة».
وأضاف: «لن يكون الأمر سهلاً وسريع التحقيق»، ما دام أن الاتحاد الأوروبي لن يتجنب القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأكد المسؤول الأوروبي الذي تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الهند دولة حمائية جداً ورغم أنها ديمقراطية كبيرة فإن مسائل حقوق الإنسان حساسة جداً والهنود يتصلبون سريعاً في موقفهم».



ترمب يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي ويثير مخاوف الركود

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT
20

ترمب يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي ويثير مخاوف الركود

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت الجلسة الافتتاحية لسوق الأسهم الأميركية، يوم الثلاثاء، ارتفاعاً ضعيفاً بعد خسائر حادة، يوم الاثنين، مع تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد وإمكانية الدخول في حالة ركود بسبب حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، وهو ما قال محللون إنه قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية وتباطؤ اقتصادي.

هذا الانخفاض الكبير في «وول ستريت» دفع ترمب إلى اتخاذ قرار بلقاء رؤساء أكبر الشركات الأميركية التي تراجعت قيمتها السوقية في الأيام الأخيرة، في محاولة لتهدئة المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم ودخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بسبب حالة عدم اليقين بشأن سياسة فرض الرسوم الجمركية.

ومن المقرر أن يحضر نحو 100 من الرؤساء التنفيذيين اجتماع المائدة المستديرة للأعمال في واشنطن، وهي مجموعة مؤثرة من الرؤساء التنفيذيين من شركة «أبل» إلى «جيه بي مورغان تشيس وشركاه» إلى «وول مارت»، بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الكبرى التي التقى بها ترمب مساء الاثنين في البيت الأبيض.

وقد أصيبت الأسواق المالية بحالة من الفزع بعد تصريحات ترمب لشبكة «فوكس نيوز» يوم الأحد التي اعترف فيها بأنه سيكون هناك بعض الألم الاقتصادي الناجم عن سياساته لفرض الرسوم الجمركية، وأشار إلى أنه ستكون هناك فترة انتقالية قد تستغرق بعض الوقت وتعود الأسواق مرة أخرى إلى الانتعاش. ورفض الإجابة عما إذا كانت سياساته الاقتصادية ستتسبب في الركود، قائلاً إنه لا يستطيع التنبؤ. وكان ترمب في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي قد أشار إلى ضرورة الاستعداد لاضطراب اقتصادي قصير الأجل.

وحافظ ترمب على موقفه بشأن فرض الرسوم الجمركية قائلا للصحافيين يوم الأحد: «إن الرسوم الجمركية ستكون أعظم شيء قمنا به على الاطلاق كدولة وستجعل بلادنا غنية مرة أخرى».

وحاول البيت الأبيض تهدئة المخاوف بعد تصريحات ترمب. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي للصحافيين إنه منذ انتخاب ترمب، استفاد قادة الصناعة من أجندته الاقتصادية «أميركا أولا» التي تتضمن الرسوم الجمركية وإلغاء القيود التنظيمية وإطلاق العنان لمشاريع الطاقة التي ستخلق آلاف الوظائف الجديدة. وحقق الرئيس ترمب نمواً تاريخياً في الوظائف والأجور والاستثمار في ولايته الأولى، ومن المقرر أن يفعل ذلك مرة أخرى في ولايته الثانية.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)

الاثنين الأحمر

لكن أسواق الأسهم التي كانت تبحث عن الاطمئنان وتترقب خطوات البيت الأبيض لتجنب الركود، أصيبت بالارتباك بسبب حالة عدم اليقين، وبدأت الأسهم الأميركية تتجه نحو الهبوط خلال الأسبوع الماضي وسط مخاوف من حدوث ركود نتيجة إصرار ترمب على فرض هذه الرسوم وإشعال حرب تجارية. وتزايدت موجة القلق مع حرب إدارة ترمب على البيروقراطية الفيدرالية، وطرد الآلاف من الموظفين الفيدراليين وتجميد المنح للمقاولين.

وشهد يوم الاثنين أكبر هبوط أدى إلى محو كل المكاسب التي حققتها سوق الأسهم على وقع التفاؤل بانتخاب ترمب، وسجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أسوأ يوم له منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وانخفض بنسبة 2.7 في المائة. وخسر مؤشر «داو جونز» الصناعي حوالي 2.08 في المائة. وكانت أسهم شركات التكنولوجيا هي الأكثر تضرراً، حيث سجل مؤشر «ناسداك» أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ عام 2022 وأدى إلى محو تريليون دولار في قيمته السوقية. وتحولت المؤشرات إلى اللون الأحمر في إشارة إلى الانخفاض، ما أدى إلى زيادة المخاوف.

وأظهر انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات حالة عدم اليقين والقلق بشأن معدلات النمو الاقتصادي. وينتظر المستثمرون صدور بيانات التضخم من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي لمعرفة ما إذا كان التضخم سيظل عنيداً.

وهبطت أسهم «إنفيديا» 5 في المائة، وهبطت عملة «البتكوين» إلى 87 ألف دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، كما ارتفع مؤشر التقلب (فيكس) وهو مقياس الخوف في وول ستريت - إلى أعلى مستوياته، وكان الخوف الشديد هو المحرك وراء الانخفاضات في الأسواق.

شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)
شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)

إيلون ماسك يخسر

شهدت أسهم شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية أسوأ يوم تداول لها منذ سبتمبر 2020 وانخفضت بنسبة 15 في المائة بعد سبعة أسابيع متتالية من الخسائر منذ تولي الرئيس التنفيذي لـ«تسلا» إيلون ماسك دوراً رئيسياً في الأبيض مع الرئيس ترمب. ومنذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي خسرت أسهم «تسلا» أكثر من 50 في المائة من قيمتها منذ ذلك الحين وبلغت خسائرها نحو 800 مليار دولار من قيمتها السوقية.

وطالما تفاخر الرئيس ترمب في ولايته الأولى بالإنجازات الاقتصادية واستخدم الاقتصاد والأوضاع الاقتصادية كسلاح في حملته الانتخابية العام الماضي لإقناع الناخبين أن ولاية وسياسات جو بايدن تسببت في خسائر للاقتصاد، وأنه سيكون الأقدر على قيادة البلاد لخفض التضخم وخفض الأسعار وخفض الضرائب وتحقيق «انتعاشه اقتصادية» غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وتفاعلت أسواق المال مع هذه الوعود الانتخابات، وتفاءل المستثمرون بأن سياسات الرئيس الجمهوري الجديد ستميل إلى تحفيز النمو وتخفيف الضغوط التضخمية، وعلى إثر هذا التفاؤل، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عشية تنصيب الرئيس ترمب بنحو 3 في المائة وارتفع تفاؤل الشركات الصغيرة إلى مستوى قياسي بلغ 41 نقطة وحطمت عملة «البتكوين» التوقعات وارتفعت إلى مستوى قياسي، كما تحسنت مؤشرات أخرى اقتصادية، وهو ما سماه المحللون «تأثير ترمب». وقبل عشرين يوماً فقط كانت سوق الأسهم الأميركي في أعلى مستوياتها على الإطلاق وبدا أن الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة ثابت ولم يكن هناك مخاوف من ركود اقتصادي.

لكن بعد مرور 50 يوماً فقط من ولاية ترمب، تبدّد تفاؤل المستثمرين، وارتجفت الأسواق تحت وطأة قراراته الاقتصادية، إذ تسارعت وتيرة الانحدار في أسواق المال بمجرد شروعه في تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من كندا والمكسيك، رغم كونهما من أقرب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. كما فرض رسوماً إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية، مؤكداً أن مزيداً من الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثاني من أبريل (نيسان) المقبل. وكرر ترمب في تصريحاته أن هذه الرسوم يمكن أن تكون أداة تفاوض فعالة، مشيراً إلى أنها ستضمن تحقيق التوازن التجاري مع الدول التي تفرض رسوماً أعلى على المنتجات الأميركية.