رئيس الكونغو يطرح مبادرة لحل أزمة «السد»

فيلتمان التقى البرهان وتحركات مكثفة لتجاوز خلافات القرن الأفريقي

الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي
الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي
TT

رئيس الكونغو يطرح مبادرة لحل أزمة «السد»

الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي
الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي

تقدم الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي، بمبادرة لحل أزمة سد النهضة، خلال مباحثات أجراها في الخرطوم أمس، لم يكشف عن تفاصيلها، في حين واصل المبعوث الأميركي إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، محادثاته مع القادة السودانيين، في محاولات ترمي لكسر حالة الجمود التي تواجه مفاوضات السد الإثيوبي، والحيلولة دون حدوث أي تطورات يمكن أن تشكل تهديداً للسلم والأمن الإقليمي والدولي.
وعقد الرئيس تشيسكيدي، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأفريقي، جلسة محادثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وأخرى مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، والتطورات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وركزت بصورة أساسية على موضوع الخلافات حول سد النهضة.
وقالت وزيرة الخارجية مريم الصادق، في تصريح، إن الرئيس تشيسكيدي تقدم بمبادرة حول خلافات سد النهضة بصفته رئيساً للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، مشيرة إلى أن المبادرة قيد البحث من الجهات المختصة. وأكدت المهدي أن موقف السودان الثابت والواضح من موضوع سد النهضة قائم على مرجعية القانون الدولي وعلى اتفاقيات سابقة بين السودان وإثيوبيا، إضافة إلى إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بين قيادات الدول الثلاث في الخرطوم في مارس (آذار) 2015. وأضافت أن السودان يقف مع الحق الإثيوبي في تطوير إمكاناته والاستفادة من مياه النيل الأزرق وتطوير موارده، دون إجحاف في حق الآخرين، خصوصاً حقوق السودان ومصر.
وقالت الوزيرة إن السودان يرفض بشدة الخطوات الأحادية، خاصة التي تمت في العام الماضي وأثرت سلباً على السودان، كما يرفض محاولة إثيوبيا لبدء الملء الثاني للسد والمتوقعة في يوليو (تموز) المقبل. وأشارت المهدي إلى الإيمان بأن مشروع سد النهضة يمكن أن يكون مفيداً بالنسبة للدول الثلاث ولأفريقيا في حال قام على التوافق، لافتة إلى أن ذلك هو ما يسعى السودان من أجله في الوقت الراهن.
من جانب آخر، التقى البرهان، أمس، بالقصر الجمهوري، المبعوث الأميركي الخاص بالقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، في أول زيارة له للبلاد، حيث قدم له شرحاً بشأن تطورات سد النهضة والتوتر على حدود السودان الشرقية مع إثيوبيا، ومواقف السودان من القضيتين. وشدد البرهان على ضرورة التوصل إلى اتفاق بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي. كما بحث الجانبان سبل تعزيز وترقية التعاون المشترك بين السودان والولايات المتحدة في مختلف القضايا.
وفي هذا السياق، أشاد البرهان بالمستوى المتطور الذي تشهده العلاقات السودانية الأميركية وبمواقف واشنطن الداعمة لحكومة الفترة الانتقالية. كما أكد رئيس مجلس السيادة السوداني على ضرورة التعاون والتنسيق المشترك بين الولايات المتحدة والسودان، لا سيما في قضاياه الكبيرة التي تحتاج إلى تنسيق دولي وإقليمي من أجل المحافظة على الأمن والسلم الدوليين.
وبشأن ما يجري على الحدود بين السودان وإثيوبيا، أوضح رئيس مجلس السيادة أن انتشار القوات المسلحة الأخير تم داخل الحدود السودانية التي أقرتها إثيوبيا في عدد من المناسبات وحددتها الاتفاقيات التاريخية، ولم يتبقَّ إلا وضع العلامات الحدودية بين البلدين. وأكد البرهان استعداد السودان للتعاون مع إثيوبيا في حل قضاياها الداخلية انطلاقاً من علاقات حسن الجوار بين البلدين، داعياً الولايات المتحدة إلى الوقوف مع الحكومة الانتقالية ومساندتها في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية. من جانبه، أكد فيلتمان أهمية السودان والقرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر للولايات المتحدة، وطالب السودان بالوقوف معه لإنجاح مهمته. وأشار فيلتمان إلى تاريخ العلاقات السودانية الأميركية التي وصفها بالعلاقات «القديمة والمتجذرة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.