إسرائيل تعزز قواتها في القدس والضفة وغزة بعد «ليلة الأقصى»

وساطات تنجح في «تهدئة مؤقتة»... ومسؤول أمني يلوم «مقاطع التيك توك»

قوات الأمن الإسرائيلية خلال المواجهات مع الفلسطينيين في باحات المسجد الأقصى ليلة الجمعة - السبت (أ.ف.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية خلال المواجهات مع الفلسطينيين في باحات المسجد الأقصى ليلة الجمعة - السبت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعزز قواتها في القدس والضفة وغزة بعد «ليلة الأقصى»

قوات الأمن الإسرائيلية خلال المواجهات مع الفلسطينيين في باحات المسجد الأقصى ليلة الجمعة - السبت (أ.ف.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية خلال المواجهات مع الفلسطينيين في باحات المسجد الأقصى ليلة الجمعة - السبت (أ.ف.ب)

عززت إسرائيل قواتها في الضفة الغربية والقدس، وعلى حدود قطاع غزة، استعداداً لتصعيد محتمل على الجبهات الثلاث، بعد مواجهات عنيفة وطويلة شهدها المسجد الأقصى طيلة ليلة الجمعة وفجر السبت فيما بدا بداية انتفاضة جديدة تحاول أطراف إقليمية ودولية تجنبها عبر وساطات مكثفة بدا أنها أدت إلى تهدئة مؤقتة.
وأمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قواته بالاستعداد لتصعيد الأوضاع الميدانية، وذلك من بين قرارات أخرى شملت تعزيز القوات العسكرية. واتخذت هذه القرارات السبت في أعقاب مشاورات أمنية شارك فيها كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، وممثلون عن الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك).
ويستعد الجيش لتفجر الوضع في القدس التي تشهد مواجهات ليلية متصاعدة منذ أسابيع وكذلك في الضفة التي سجلت في أقل من أسبوع عدة عمليات إطلاق نار واشتباكات، وفي قطاع غزة، حيث استؤنفت المظاهرات وإطلاق البالونات الحارقة، في تطورات قد تتحول في أي لحظة إلى مواجهة أوسع ومفتوحة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، تعزيز قواته في جميع أنحاء الضفة الغربية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد تقييم الوضع من قبل الجهات الأمنية. ويشمل هذا التعزيز مدينة القدس عشية إحياء ليلة القدر في المسجد الأقصى. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المنظومة الأمنية قلقة من تفجر الوضع فيما تبقى من أيام في شهر رمضان المبارك.
ووصف جهاز «الشاباك» الإسرائيلي في تقييمات داخلية الأيام القليلة المقبلة بـ«المتوترة جداً» على خلفية مواجهات الأقصى والإخلاء في الشيخ جراح بالقدس، وهي أحداث أشعلت الضفة نسبياً وكذلك قطاع غزة.
وقال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية الجنرال يعقوب شبتاي، إن الاحتكاكات تزداد دائماً أثناء شهر رمضان المبارك، وإن ما فجر الوضع هو مقاطع الفيديو التي تم الترويج لها عبر شبكة «التيك توك» وليس حواجز الشرطة في القدس وأمام الأقصى أو تصرفات الشرطة. وناشد القيادات اليهودية والعربية التحلي بالمسؤولية، مشيراً إلى أن ثمة تداعيات ومغزى «سيكلفنا غالياً»، في انتقاد ضمني لقرار النائب في الكنيست إيتمار بن غفير الذي فتح مكتباً له في حي الشيخ جراح، وهي خطوة أججت المشاعر وكلفت إسرائيل ليلة ساخنة من المواجهات، قبل أن يهدد نتنياهو النائب بأن عليه مغادرة الشيخ جراح وهو ما تم.
ووقف الفلسطينيون صفاً واحداً في دعم المقدسيين في مواجهة السلطات الإسرائيلية. وحمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن تداعيات ما يحدث في القدس، فيما هددت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بالرد على «الجرائم» المرتكبة في المدينة المقدسة.
وحيا عباس في كلمة وجهها عبر الهاتف من خلال التلفزيون الفلسطيني، أثناء الاشتباكات في الأقصى، الفلسطينيين في القدس وفي كل مكان و«دفاعهم عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وعن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والشيخ جراح». وحمل حكومة الاحتلال «المسؤولية الكاملة» عما يجري في المدينة المقدسة، مطالباً المجتمع الدولي بـ«وقف العدوان وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الذي يدافع عن حقوقه المشروعة ووجوده في أرض وطنه». كما وجه عباس السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة لطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن، ووزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، بالعمل الفوري على دعوة مجلس الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس حقوق الإنسان، كلاً على حدة، من أجل العمل على اتخاذ الإجراءات التي «تحافظ على القدس وحقوقنا ومقدساتنا».
وأكدت حركة «فتح» أن المعركة في القدس وحي الشيخ جراح هي «معركة على الرواية والهوية وفرض السيادة».
أما إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، فقال إن حركته لن تسمح بتهويد الشيخ جراح واقتحام الأقصى يوم 28 رمضان (الاثنين)، مؤكداً أن الكل الفلسطيني مستعد للدفاع بالدماء والأرواح.
وأضاف: «قرارنا واضح: إن ما يجري انتفاضة يجب أن تتواصل ولن تتوقف». ووجه رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قائلاً: «لا تلعب بالنار وهذه معركة لا يمكن أن تنتصر بها». كما هدد الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، برد على إسرائيل قائلاً إن ما يجري في القدس لا يمكن السكوت عليه. وأضاف: «إن على العدو أن يتوقع ردنا في أي لحظة».
كان مسجد الأقصى تحول إلى ساحة مواجهات عنيفة داخل وخارج أسوار المسجد ليلة الجمعة وفجر السبت انتهت بحوالي 205 إصابات في صفوف الفلسطينيين و17 إصابة في صفوف الشرطة الإسرائيلية.
وهاجم الفلسطينيون، الشرطة الإسرائيلية، بعد اقتحامها للأقصى بالأيدي والحجارة والزجاجات وما تيسر من أدوات، فيما أطلقت الشرطة الرصاص وقنابل الغاز واستخدمت الهراوات في مواجهات قريبة تفجرت في الأقصى وباب العامود.
وفوراً تدخلت دول إقليمية ودولية في محاولة لنزع فتيل المواجهة. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن دولاً عربية، على رأسها مصر، وجهات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، كانت على اتصال بالأطراف في محاولة لتهدئة الموقف. وأضافت: «تم التوصل إلى أنه يجب نزع فتيل الأزمة، ولذلك أعادت إسرائيل فتح المسجد الأقصى». ونجح الفلسطينيون بالدخول إلى المسجد فجر السبت مهللين ومكبرين بعدما أغلقته إسرائيل لساعات.
ودعا تور وينسلاند، المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، في تغريدة له عبر حسابه في «تويتر»، كافة الأطراف، إلى التصرف بمسؤولية والحفاظ على حالة الهدوء. وقال: «يجب على الجميع احترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة في البلدة القديمة في مدينة القدس، وذلك من أجل السلام والاستقرار».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.