النظام السوري يزج بمجندين غير مدربين في معاركه بعد أن يلتقطهم من على الحواجز

معظم قتلى وأسرى معركة رتيان بحلب من أبناء مناطق المحافظة الواقعة تحت سلطته

النظام السوري يزج بمجندين غير مدربين في معاركه بعد أن يلتقطهم من على الحواجز
TT

النظام السوري يزج بمجندين غير مدربين في معاركه بعد أن يلتقطهم من على الحواجز

النظام السوري يزج بمجندين غير مدربين في معاركه بعد أن يلتقطهم من على الحواجز

كان واضحا من خلال الصور ومقاطع الفيديو التي نشرتها فصائل المعارضة لأسرى قوات النظام في معاركها الأخيرة، صغر سنّ هؤلاء، ما يشير إلى أنهم من المجندين في الخدمة الإلزامية، ما يعني عدم حرفيتهم العسكرية أو خضوعهم للتدريب العسكري الجيد. وهو ما يؤكده معارضون سوريون يعتبرون أن النظام يزجّ بالشباب في معارك لا قدرة لهم عليها، مشيرين إلى أن القيادات دفعت بالمجندين من مدينة حلب غير المدربين على القتال، إلى جبهات حلب وريفها التي شهدت معارك عنيفة خلال الأيام الماضية في قرى رتيان والملاح وحردتين وباشكوي، ووضعتهم في مواجهات مباشرة مع فصائل المعارضة من أبناء بلداتهم في حلب والريف المحرر. وسبق للقيادات الأمنية والعسكرية أن قامت خلال الأشهر الأخيرة بسحب المئات من شباب أحياء حلب وريفها الواقعة تحت سلطتها إلى الخدمة الإلزامية.
ويعتبر أبو بدر، قائد كتائب النصر في ريف حلب، «أن النظام السوري يفرط بجنوده النظاميين على حساب الميليشيات الأجنبية المساندة له، من خلال الدفع بهم إلى مقدمة عمليات الهجوم، إضافة لوضعهم على الخطوط الدفاعية المتقدمة التي تشهد حالات اشتباك دائم».
وكشف أبو بدر لـ«الشرق الأوسط» أن النسبة الكبرى ممن تم أسرهم في رتيان والملاح وحردتين وباشكوي، هم جنود إلزاميون من سكان أحياء حلب والقرى التي لا تزال تحت سيطرة النظام. وأثبتت هويات هؤلاء الذين يشكلون نسبة تزيد على 65 في المائة من مجموع الأسرى البالغ عددهم 46 أسيرا، أنهم من حديثي الخدمة، وتم اصطيادهم من على الحواجز الأمنية أو في عمليات الدهم والاعتقال التي عمت أحياء مدينة حلب وقرى الريف خلال الأشهر الأخيرة. وأشار إلى أنّ التحقيقات أثبتت أن معظم العناصر لم يمض على وجودهم في الخدمة أكثر من شهر، وسرعان ما اقتيدوا إلى المعارك مباشرة بعد إجراء دورات سريعة لم تتجاوز 8 أيام، جرى خلالها تدريبهم على استخدام السلاح الفردي والخفيف.
ولفت مصدر في الجيش الحر، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن النظام يعتمد في معاركه على نوعين من المقاتلين؛ الأول قوات من النخبة تضم عناصر حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني ولواء أبو الفضل العباس وعناصر أجنبية خبيرة بحرب الشوارع. وبينما يتولى ضباط حزب الله والحرس الثوري إدارة المعارك والتخطيط لها تتولى تلك الفصائل الأخرى مهمة تنفيذ العمليات التكتيكية الهادفة إلى إحراز التقدم على الجبهات. وأشار المصدر إلى أن حزب الله لم يكتف باستحضار عناصره الأساسيين، بل عمل على تجنيد عناصر سورية بين صفوفه لقاء أجور شهرية تتراوح بين 35 ألف ليرة سورية و60 ألفا، بحسب المهمة القتالية الموكلة لكل متطوع.
أما الفئة الثانية فهي فئة من المقاتلين قليلي الخبرة، قوامها الجنود النظاميون وقوات الدفاع الوطني. وتقتصر مهمتها على عمليات الحشد العسكري المساند لقوات النخبة، إضافة لتنفيذ عمليات الهجوم والمواجهات المباشرة بالسلاح الفردي. وقد منع على تلك الفئة استخدام السلاح المتوسط والثقيل مخافة أن تنقلب على القوات النظامية. وغالبا تتكبد تلك الفئة القسط الأكبر من الخسائر على صعيد القتلى والجرحى ومعظمها يكون عرضة للأسر.
وذكر الإعلامي إسماعيل الرج مدير شبكة حلب الآن لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادة العمليات في معارك رتيان والملاح تعمدت دفع الجنود النظاميين من أبناء أحياء حلب والقرى المسيطر عليها من النظام ليتولوا مهمة الاقتحام الأولى لأسباب عدة، أهمها اعتقادها أن أبناء المنطقة أكثر قدرة على معرفة جغرافيتها من الغرباء، إضافة إلى وضع أبناء محافظة حلب في مواجهات مباشرة بعضهم مع بعض.
ولفت الرج إلى أن عوامل عدة أهمها عدم الخبرة وانعدام العقيدة القتالية لدى الجنود الإلزاميين، أدى لوقوع أكثرهم في الأسر وجعل أكثرهم يسقط بين قتيل وجريح.
وذكر أن أجهزة اللاسلكي التقطت نداء استغاثة من الجنود النظاميين المحاصرين في رتيان قبيل تحريرها من قبل فصائل المعارضة، حين كانوا يطالبون غرفة العمليات بدعم جوي حتى يتسنى لهم الانسحاب من المنطقة، إلا أن الرد جاء بالرفض بعد إمطارهم بالشتائم والسباب وقذفهم بأبشع الألفاظ التي تعبر عن احتقار القيادة لتلك الفئة، وجرى تهديدهم بالقتل لكل من ينسحب من المعركة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.