قوات الأمن الجزائرية تضيّق مساحات الاحتجاج على المتظاهرين

من المسيرات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
من المسيرات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات الأمن الجزائرية تضيّق مساحات الاحتجاج على المتظاهرين

من المسيرات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
من المسيرات في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

ضيّقت قوات الأمن الجزائرية، أمس، المزيد من المساحات على المتظاهرين في خطوة لافتة إلى عزمها على إنهاء احتجاجات الحراك الشعبي قبل انتخابات البرلمان المبكّرة، المقررة في 12 من الشهر المقبل. في غضون ذلك، تتواصل المعركة القانونية بين «سلطة تنظيم الانتخابات» وعشرات المرشحين، في أعقاب إقصائهم من الترشح بناء على «تحفظات أمنية».
وحاصرت عربات الشرطة بالعاصمة الشوارع الرئيسية التي يتظاهر فيها نشطاء الحراك، وبخاصة «شارع ديدوش مراد» حيث تم قطعه عرضا بشاحنات لمنع المتظاهرين من التجمع فيه بأعداد كبيرة. وأكد ثلاثيني لم يفوت أي أسبوع من المظاهرات منذ بداية الحراك، لـ«الشرق الأوسط»: «مدير الشرطة الجديد (فريد بن شيخ) أسدى أوامر لرجال الأمن بالتقليل من هامش فضاءات التظاهر لحصرنا في مساحة ضيقة تقع بين البريد المركزي وساحة موريس أودان. إنها خطة يحاول أصحابها إثارة قلقنا ليصدر عنا ردّ فعل عنيف، فنعطيهم الفرصة لاتهامنا بالتخريب، ولكننا سنهزمهم بسلميتنا». وبدأت المظاهرة ضعيفة من حيث أعداد النشطاء، لكن بعد ساعة من انقضاء صلاة الجمعة وصلت الكتلتان البشريتان الكبيرتان من الحيين الشعبيين باب الوادي غربا، والحراش شرقا، لتعطي الحراك زخماً. ورفع المتظاهرون شعارات معادية للسلطة وذراعها الأمنية، كما عبّر المتظاهرون عن رفضهم انتخابات البرلمان التي اعتبروها لا تلبي مطالب الشعب في الحرية والديمقراطية واستقلال القضاء.
وشارك في حراك العاصمة أهالي عشرات المعتقلين، حيث رفعوا قصاصات من الورق تطالب بإطلاق سراحهم، وصاح بعضهم «أطلقوا سراح أولادنا يا ظالمين» و«نريد قضاء عادلاً لا ينطق أحكامه بالأوامر الفوقية»، في إشارة إلى أن اعتقالهم كان لأسباب سياسية وأن القضاة خضعوا لإملاءات السلطة عندما وضعوهم في الحبس الاحتياطي. ويصل عدد معتقلي الحراك إلى 50. حسب المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأظهرت قوات الأمن في حدود الرابعة والنصف مساء، تشدداً في التعامل مع المتظاهرين الذين طالبتهم بإخلاء شوارع العاصمة والدخول إلى بيوتهم. واعتقلت بعض المحتجين عندما أبدوا إصراراً على البقاء في الشارع.
إلى ذلك، أفاد مصدر من «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» بأن رئيسها محمد شرفي قرر استئناف أحكام أصدرها القضاء الإداري، تتمثل في إلغاء قرارات «السلطة» إقصاء عشرات المترشحين لأسباب عديدة، منها أن بعضهم محل شبهة «احتكاك بأوساط المال الفاسد» في حين أن آخرين لم يثبتوا أداءهم الخدمة العسكرية. وهذه الموانع يتضمنها قانون الانتخابات. بينما أبعد عدد كبير من المرشحين لأسباب لا ينص عليها القانون، تتعلق بتحفظات صادرة عن جهاز الأمن الداخلي، تعود إلى مشاركتهم في مظاهرات الحراك، أو انتقاد الجيش والرئيس في شبكة التواصل الاجتماعي.
وجاء في فقرة من المادة 200 من القانون العضوي للانتخابات، أن رفض ملف الترشح يكون على أساس أن المرشح «معروف لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة، وأن له تأثيرا بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين، وحسن سير العملية الانتخابية».
وصرح يسعد مبروك رئيس نقابة القضاة بأن هذه الفقرة «هلامية في صياغتها تحكمية في تطبيقاتها، فضلاً عما يشوبها من عدم دستوريتها»، داعياً قضاة المادة الإدارية إلى «التصدي للطعون وفقا لقواعد المشروعية للتأسيس لقضاء إداري يحمي الحريات، بدلاً من حماية تعسف الإدارة ويضعون دوماً في حسبانهم أن أشد وأبشع أنواع الفساد، هو فساد القضاء بانحرافه عن رسالته السامية».
وعبّرت خمسة أحزاب عن سخطها من إسقاط لوائح كاملة لمرشحيها وفق مبررات أمنية، واعتبرته «تعسفاً يفتقد لمبررات واضحة» وأنه «يستند إلى تقارير إدارية وأمنية غير دقيقة». وناشد عبد القادر بن قرينة رئيس «حركة البناء الوطني» الإسلامية، الرئيس عبد المجيد تبون «فتح تحقيق محايد في قرارات إقصاء عدد من الكفاءات من لوائح الترشح». ويرجح بأن تبون لن يتدخل في القضية لأنه سيبدو أنه سيؤثر على التدابير التي اتخذتها سلطة الانتخابات التي يعطيها القانون استقلالية عن الحكومة.
وطالب مرشحون طالهم الإقصاء بتمكينهم من محاضر الجهاز الأمني، للاستناد إليها في الدعوى القضائية بغرض إبطالها. غير أنهم لم يحصلوا على ما يريدون. وعدّ ناشطون بالحراك أن «المجازر» التي وقعت في لوائح الترشيحات تعزز قناعتهم بمقاطعة الانتخابات.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.