مقتل فلسطينيين وتصعيد جديد يهدد باشتعال الأراضي المحتلة

عشرات الإصابات في القدس والضفة... والجيش الإسرائيلي يستعد لإطلاق مناورات «شهر حرب»

مسيرة فلسطينية للاحتجاج على إخلاء محتمل لعائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح بالقدس (رويترز)
مسيرة فلسطينية للاحتجاج على إخلاء محتمل لعائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح بالقدس (رويترز)
TT

مقتل فلسطينيين وتصعيد جديد يهدد باشتعال الأراضي المحتلة

مسيرة فلسطينية للاحتجاج على إخلاء محتمل لعائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح بالقدس (رويترز)
مسيرة فلسطينية للاحتجاج على إخلاء محتمل لعائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح بالقدس (رويترز)

شهدت المناطق الفلسطينية، في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلين، وكذلك على الحدود مع قطاع غزة، تصعيداً كبيراً في التوتر، أمس (الجمعة)، ينذر بانفجار حربي.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية، أنها قتلت شابين فلسطينيين حاولا اختراق الحواجز لتنفيذ عملية داخل إسرائيل. وفي الوقت ذاته حشد الجيش قوات كبيرة في المناطق، بغية إطلاق تدريبات «شهر الحرب»، ولم يستبعد ناطق باسمه أن يتحول التدريب إلى حرب فعلية. وقد حملت الرئاسة الفلسطينية حكومة إسرائيل مسؤولية هذا التصعيد وتداعياته، وطالبت المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني. وحثت الإدارة الأميركية على مماسة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، لكيلا تصل الأمور إلى مرحلة لا يمكن السيطرة عليها.
وفي ظل الصدامات في القدس، من جراء اعتداءات الشرطة والمستوطنين على العرب، أكد البرلمان العربي في بيان له، أمس، أن هذه العملية تُعد جريمة تطهير عرقي مُكتملة الأركان على مرأى ومسمع العالم أجمع ونقطة سوداء في جبين المجتمع الدولي. وتطرق البيان إلى عمليات الطرد في الشيخ جراح، وقال إن هذه المنازل هي حق لسكانها الفلسطينيين وأقيمت بشكلٍ قانوني للاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا قسراً من منازلهم عام 1948م، وإن استعمال القوة والعنف والإرهاب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لإخراجهم منها هو خرق فج لاتفاقيات جنيف ذات الصلة، وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب مبادئ وأحكام المحكمة الجنائية الدولية ويعاقب عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وقد وجّه رئيس البرلمان العربي، النائب عادل العسومي، خطابات إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الاتحاد البرلماني الدولي، ورؤساء البرلمانات الإقليمية، ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، مؤكداً إدانة البرلمان العربي لهذه الجريمة العنصرية التي تنتهك حقوق الإنسان والقوانين الدولية، محملاً قوات الاحتلال الإسرائيلي والقادة الإسرائيليين مسؤوليتهم عن هذه الجريمة العنصرية المعاقب عليها بالقانون كجريمة ضد الإنسانية، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية عن الصمت وعدم التصدي لمثل هذه الجرائم البشعة.
وكان التوتر الأكبر في مدينة القدس الشرقية المحتلة، حيث عملت قوات الاحتلال على تقليص عدد المصلين في الأقصى في يوم الجمعة الرابعة من رمضان، وحيث يقوم المستوطنون اليهود بالسيطرة على مبانٍ في حي الشيخ جراح، بالقوة، وترحيل سكانها الفلسطينيين بحجة أن المنازل ملك يهودي. ولكن هذه الأحداث امتدت، أمس، لجميع أنحاء الضفة الغربية. وفي معبر سالم إسرائيلي استشهد شابان وأصيب ثالث بجراح بالغة الخطورة، صباح أمس، بعد تعرّضهم لإطلاق نار من جنود الاحتلال داخل قاعدة عسكرية، قرب جنين، شمالي الضفة الغربية. وقال مصدر أمني في تل أبيب، إن الشبان الثلاثة، البالغين من العمر 21 عاماً، مجهولون لأجهزة الأمن الإسرائيلية. وحسب التحقيقات الأولية، يتضح أنهم صعدوا إلى إحدى الحافلات التي تقلّ عمالاً فلسطينيين «غير قانونيين» (لم يحصلوا على تصاريح عمل)، للوصول إلى داخل الخطّ الأخضر. وادعى الجيش، أنه أوقف الحافلة، ونقل من فيها إلى قاعدة سالم العسكرية، كجزء من التأهب الأمني في المنطقة. وفي أثناء وجودهم قرب القاعدة، نزل الثلاثة من السيارة وراحوا يطلقون النار على قوّة من حرس الحدود المتواجدة في المنطقة، بواسطة رشاش من صنع محلي (كارلو). ورد الجنود عليهم فقتلوا اثنين وأصابوا الثالث بجراح. وقال الناطق الإسرائيلي، إن كل الدلائل تشير إلى أن هدف الشبان الثلاثة كان الوصول إلى إسرائيل وتنفيذ «عملية مسلحة كبيرة» فيها.
وقد منعت القوات الإسرائيلية المتمركزة بالقرب من معسكر سالم وصول الصحافيين، ومنعتهم من الاقتراب من المعسكر، وكسرت كاميرا تلفزيون فلسطين. ولذلك؛ لم تكن هناك إمكانية لمعرفة الحقيقة سوى من الرواية الإسرائيلية الأحادية.
وأكدت المصادر الأمنية الإسرائيلية، أنها ترى في هذه العملية إشارة خطيرة على تصعيد كبير في التوتر، حيث إن هذه ثاني عملية إطلاق نار في الضفة الغربية خلال أقلّ من أسبوع، بعد عملية زعترة، التي نفذها فلسطيني يحمل جواز سفر أميركياً، وقُتل خلالها مستوطن وأصيب آخر بجراح خطيرة. وتوقّعت المصادر، أن تكون هذه بداية لموجة تصعيد أمني كبير في الضفة الغربية. وحسب الناطق بلسان الجيش، فإن قواته أحبطت في الأسبوعين الأخيرين عمليات فلسطينية عدة ضد إسرائيل.
وقالت مصادر، إن الجيش الإسرائيلي سيطلق (غداً الأحد) واحدة من أكبر تدريباته العسكرية، بعنوان «شهر حرب»، والذي ستتم خلاله دراسة سيناريوهات عديدة لحرب متعددة الجبهات، في الشمال (مع سوريا أو لبنان أو كليهما معاً) وفي الجنوب مع قطاع غزة وفي الشرق مع الضفة الغربية والقدس. وأكدت أنها لن تستبعد أن تتحول التدريبات إلى حرب فعلية في حال تمكن الفلسطينيون من إشعال المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن الضفة الغربية شهدت أمس صدامات عدة. وقد أصيب عشرات المواطنين بالاختناق، خلال قمع جيش الاحتلال لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح الشارع الرئيسي للقرية المغلق منذ نحو 18 عاماً. وأصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، أمس، خلال قمع قوات الاحتلال فعالية على جبل صبيح في بيتا، جنوب نابلس، حيث أقام المواطنون صلاة الجمعة على أرض مهددة بالمصادرة لصالح المستوطنات اليهودية. وأصيب عدد من المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، عند قمع الاحتلال مسيرة خرجت احتجاجاً على إقامة بؤرة استيطانية في أراضي قرية بيت دجن شرق نابلس. واعتدت قوات الاحتلال على المصلين وقمعت وقفة دعم وإسناد لأهالي منطقة عين البيضا المهددة بالاستيلاء عليها، جنوب شرقي يطا جنوب الخليل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.