انقلابيو اليمن يحشدون عسكرياً بالتوازي مع تقويضهم مساعي السلام

TT

انقلابيو اليمن يحشدون عسكرياً بالتوازي مع تقويضهم مساعي السلام

أفادت مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء بأن الميليشيات الحوثية تعكف على الإعداد لمعارك فاصلة في مأرب بعد أن انكسرت على أطرافها الغربية والجنوبية والشمالية الغربية عشرات الهجمات التي نفذتها الجماعة منذ السابع من فبراير (شباط) الماضي في سياق سعيها لاحتلال المحافظة النفطية وأهم معقل للشرعية في شمال البلاد.
وذكرت المصادر المطلعة على ما يدور في أروقة الجماعة لـ«الشرق الأوسط» أن زعيم الميليشيات أخبر قادته بأنه يشعر بخيبة أمل كبيرة من أدائهم بعد نحو أربعة أشهر منذ أمرهم باقتحام مأرب، بخاصة أنه قدم وعدا لطهران وأذرعها في المنطقة بحسم المعركة بداية شهر رمضان أو على أكثر تقدير مع حلول عيد الفطر.
وطلب زعيم الميليشيات من قادته - بحسب المصادر نفسها - الإعداد لعمليات عسكرية فاصلة لحسم المعركة في الأيام المقبلة، إذ شدد عليهم لحشد المزيد من المجندين والدفع بكتائب من أخرى من الميليشيات موجودة في صنعاء وصعدة وعمران للمشاركة في إسناد الميليشيات المنهكة على أطراف مأرب.
ومنذ أيام هدأت حدة المعارك والمواجهات في مناطق الكسارة والمشجح غرب مأرب باستثناء بعض القصف المدفعي وضربات طيران تحالف دعم الشرعية التي تستهدف التعزيزات الحوثية والآليات القتالية، وسط تقديرات بأن الجماعة خسرت نحو سبعة آلاف عنصر من ميليشياتها خلال معارك مأرب الأخيرة بين قتيل وجريح.
وتقول المصادر في صنعاء إن الجماعة استنفدت كثيرا من عناصرها الأكثر تدريبا في مأرب، بالتزامن مع عجز الموالين لها من رجال القبائل على استقطاب المزيد من المقاتلين رغم الإغراءات المالية والوعود بالمناصب.
ودفعت الهجمات الحوثية المستمرة للشهر الرابع غرب مأرب، السلطات المحلية في محافظات مأرب والجوف وصنعاء والبيضاء إلى إعلان النفير العام لإسناد الجيش اليمني لمواجهة هجمات الجماعة التي ترفض الحديث عن أي وقف للمعارك في مأرب، بعد أن شدد زعيمها على حسم المعركة هناك تحت مزاعم أنه يريد تحرير المحافظة ممن يصفهم في خطبه بـ«اليهود والنصارى والأميركيين والإسرائيليين».
وفي أحدث مواقف الجماعة بشأن الجهود الدولية والأممية المبذولة لوقف القتال، ألمحت الجماعة على لسان متحدثها محمد عبد السلام فليتة أنها لن تقبل بوقف الهجمات على مأرب كما أنها لن ترضخ لأي قرارات دولية لا تمنحها أفضلية التحكم في مستقبل اليمن وفق الأجندة الإيرانية.
في السياق نفسه، قال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك في تصريحات أطلقها من مأرب وحضرموت أثناء زيارته التفقدية للمحافظتين «إن معركة مأرب هي معركة كل اليمنيين» وإن «الحفاظ على الوفاق السياسي المحقق بموجب اتفاق الرياض ركيزة أساسية للانتصار في معركة اليمن والعرب المصيرية ضد المشروع الإيراني عبر وكلائه من ميليشيا الحوثي الانقلابية».
ونسبت المصادر الرسمية إلى عبد الملك أنه لمس التفافا شعبيا لدعم معركة استكمال إنهاء الانقلاب الحوثي، والحفاظ على الدولة والجمهورية، كما نقلت عنه القول «إن معركة مأرب هي بوابة لتحقيق الانتصار والقضاء على المشروع العنصري الحوثي».
وفي الوقت الذي اصطدمت فيه الرغبة الأممية والأميركية بتعنت الميليشيات الحوثية ورفضها لمقترحات تكفل وقف القتال، كان رئيس الحكومة اليمنية أوضح تعاطي الشرعية مع هذه الجهود من منطلق القوة وليس الضعف.
وقال «نحن نقبل مبادرات السلام لأننا أساساً نسعى للسلام، على الجميع أن يعي سواء في الداخل أو الخارج والعالم أجمع أن هذه الحرب من بدأها هي ميليشيا الحوثي انطلاقا من دماج وعمران وهي من أشعل جذوة الحرب في اليمن عقب انقلابها على السلطة الشرعية واجتياح العاصمة صنعاء أواخر عام 2014».
وجدد رئيس الحكومة اليمنية في تصريحاته ثقته في استعصاء مأرب أمام التصعيد الحوثي، واصفا ما تروجه الميليشيات حول الحصار المزعوم لليمن بأنه «وهم وكذب وتضليل للناس».
وأضاف «نحن نتحدث من سابق على فتح مطار صنعاء، ويجب أن يعرف كل أبناء شعبنا في مناطق سيطرة الحوثيين الوهم الذي يحاول أن يروج له الحوثيون عن الحصار مع أنهم هم من يفرضون وهذه الحالة العبثية والوضع الاقتصادي الصعب، حتى مرتبات موظفي الدولة التي بدأنا ندفعها في 2019 عرقلتها الجماعة بإجراءاتها العبثية».
ميدانيا، أفاد الإعلام العسكري بأن عددا من عناصر ميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، قتلوا جراء قصف مدفعية شنته قوات الجيش، في الأطراف الغربية لمحافظة مأرب، الخميس الماضي.
واستهدف القصف المدفعي، تجمعات ومواقع الميليشيا الحوثية، في جبهة المشجح وأسفر كذلك عن تدمير آليات قتالية، وعربات تابعة للميليشيا المتمردة.
من جهته نقل موقع الجيش اليمني(سبتمبر. نت) عن قائد اللواء 143 العميد الركن ذياب القبلي، تأكيده أن ميليشيا الحوثي خسرت كل حشودها، في معارك أطراف محافظة مأرب.
وأوضح العميد القبلي أن الحوثيين فشلوا في تحقيق أي هدف لهم على الأرض، رغم أعدادهم الكبير لهذه المعركة، وقال «قوات الجيش مسنودة برجال القبائل، تمكنت خلال المعارك الأخيرة، من استدراج مجاميع الميليشيا الحوثية، إلى كمائن محكمة وأجهزت عليها».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.