التضخم المتوحش يجبر «المركزي» التركي على تجميد تحركاته

أبقى سعر الفائدة الكبير ضد رغبة إردوغان

أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند 19% بالأخذ في الاعتبار المستويات المرتفعة للتضخم وتوقعاته (رويترز)
أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند 19% بالأخذ في الاعتبار المستويات المرتفعة للتضخم وتوقعاته (رويترز)
TT

التضخم المتوحش يجبر «المركزي» التركي على تجميد تحركاته

أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند 19% بالأخذ في الاعتبار المستويات المرتفعة للتضخم وتوقعاته (رويترز)
أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند 19% بالأخذ في الاعتبار المستويات المرتفعة للتضخم وتوقعاته (رويترز)

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) عند 19%، بما يتماشى مع توقعات السوق، وذلك للشهر الثاني على التوالي منذ إطاحة الرئيس رجب طيب إردوغان برئيس البنك السابق ناجي أغبال في 20 مارس (آذار) بعد أقل من 5 أشهر على تعيينه وتعيين شهاب كاوجي أوغلو بدلاً منه.
وأكد البنك في بيان عقب الاجتماع الشهري للجنة السياسة النقدية أمس (الخميس)، أنه سيتم الحفاظ على الموقف المتشدد الحالي للسياسة النقدية بالأخذ في الاعتبار المستويات المرتفعة للتضخم وتوقعاته، إلى أن يتحقق الانخفاض الكبير في مسار توقعات تقرير التضخم لشهر أبريل (نيسان).
ورفع البنك، في تقريره الصادر الأسبوع الماضي، توقعاته للتضخم في نهاية العام إلى 12.2%، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يتذبذب التضخم بين 10 و14.4% حتى نهاية عام 2021.
كما رفع البنك توقعاته للتضخم لعام 2022 إلى 7.5% بدلاً من 7%، مع الحفاظ على هدف خفض التضخم إلى 5% عام 2023. وأضاف البيان أن البنك سيواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة بشكل حاسم سعياً لتحقيق الهدف الأساسي المتمثل في استقرار الأسعار، لافتاً إلى أن سعر الفائدة سيتم تحديده عند مستوى أعلى من التضخم للحفاظ على تأثير مضاد للتضخم إلى أن تظهر مؤشرات قوية على انخفاض دائم في التضخم والوصول إلى هدف 5%.
وأقال إردوغان رئيس البنك السابق ناجي أغبال في 20 مارس الماضي بعد يومين فقط من قرار رفع سعر الفائدة إلى 19% بدلاً من 17% وعيّن مكانه شهاب كاوجي أوغلو، وثبتت لجنة السياسة النقدية بالبنك في أول اجتماع لها تحت قيادة كاوجي أوغلو في أبريل الماضي سعر الفائدة عند هذا المستوى، لافتاً إلى أن عوامل الطلب والتكلفة وقيود العرض في بعض القطاعات والمستويات المرتفعة لتوقعات التضخم تشكل مخاطر على سلوك التسعير وتوقعات التضخم.
وذكر البنك أنه من المتوقع أن يصبح تأثير التباطؤ في الموقف النقدي الحالي على الائتمان والطلب المحلي أكثر أهمية في الفترة المقبلة، وفي ضوء ذلك، قررت اللجنة الحفاظ على موقف السياسة النقدية المتشدد من خلال الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، وسيتم استخدام جميع الأدوات المتاحة بشكل حاسم لضمان الهدف الأساسي لاستقرار الأسعار.
كان رئيس البنك المركز التركي الجديد شهاب كاوجي أوغلو، قد أكد، في أول بيان عقب توليه منصبه، أن إدارته ستواصل استخدام أدوات السياسة النقدية لتحقيق انخفاض دائم في التضخم، موضحاً أن تراجع التضخم سيؤثر إيجاباً على استقرار الاقتصاد الكلي من خلال انخفاض المخاطر والتحسن الدائم في تكاليف التمويل.
وأضاف أنّ تراجع التضخم سيسهم في خلق الظروف اللازمة للنمو المستدام الذي من شأنه زيادة الاستثمار والإنتاج والصادرات والتوظيف، مشيراً إلى أن اجتماعات لجنة السياسة النقدية ستُعقد وفقاً للمواعيد المعلنة سابقاً، وسيتم استخدام قنوات الاتصال مع جميع العملاء بشكل فعّال بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والقدرة على التنبؤ. واستجابت الليرة التركية لفترة وجيزة لقرار البنك المركزي مسجلةً صعوداً أمام الدولار إلى 8.30 ليرة، مقابل 8.35 ليرة للدولار عند إغلاق أول من أمس، لكنها عادت إلى مسار الهبوط مرة أخرى لتتراجع إلى 8.33 ليرة للدولار.
لكن التضخم لا يزال يشكل تحدياً رئيساً لسياسة البنك المركزي التركي، حيث يواصل ارتفاعه بشكل متتالٍ، وسجّل ارتفاعاً في أبريل الماضي بنسبة 1.68%، وارتفع إلى 17.14% على أساس سنوي.
وقالت مجموعة دراسات التضخم التركية، التي تضم عدداً من الأكاديميين المستقلين، إن معدل التضخم في شهر أبريل بلغ نحو 2.62%، وهو نحو ضِعف المعلن رسمياً. وذكرت المجموعة، في بيانات نشرتها أمس، أن الفنادق والمطاعم سجلت أعلى زيادة في أسعار المستهلك خلال الشهر الماضي بنسبة 7.12% تلتها المواصلات بنسبة 6.31%، كما ارتفع التضخم في أسعار السلع الغذائية بنحو 3.03%، وسجلت تذاكر الطيران المحلية أعلى ارتفاع في الأسعار بنسبة بلغت 59.23%. وفي المقابل تراجعت أسعار الخدمات والسلع المتنوعة بنحو 3.04% وأسعار الملابس والأحذية بنحو 2.80%.
على صعيد آخر، سجّلت تركيا عجزاً في ميزانها التجاري بقيمة 14.13 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، وهو رقم يفوق العجز المسجل في الفترة المقابلة من عام 2019 (لا تجري المقارنة مع عام 2020 بسبب تفشي وباء «كورونا» وتبعاته).
وبلغ عجز الميزان التجاري التركي في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019، نحو 8.67 مليارات دولار، بينما بلغ العجز نحو 17.5 مليار دولار في الفترة المقابلة من عام 2020.
وبلغت قيمة الصادرات التركية خلال الفترة المذكورة 68.8 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات 82.93 مليار دولار، ما يُظهر حجم الاعتماد الكبير على الواردات. وبسبب الاعتماد على قطاع الواردات، تسجل أسعار المستهلك في السوق التركية ارتفاعات متسارعة خلال الشهور الماضية، بسبب تحميل المستهلك النهائي فروقات أسعار الصرف، مقابل الليرة التركية المتراجعة أمام النقد الأجنبي.



«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.