المغرب يستدعي سفيرته لدى ألمانيا للتشاور

قال إن برلين راكمت «مواقف عدائية» تنتهك مصالحه العليا واتهمها بـ«التواطؤ مع مدان بالإرهاب»

ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب (ماب)
ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب (ماب)
TT

المغرب يستدعي سفيرته لدى ألمانيا للتشاور

ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب (ماب)
ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب (ماب)

بعد أكثر من شهرين على قرار المغرب تعليق كل علاقة اتصال، أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط، ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها، استدعت الرباط أمس سفيرتها لدى ألمانيا، زهور العلوي، للتشاور.
وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية إن ألمانيا راكمت المواقف العدائية التي تنتهك المصالح العليا للبلاد.
مشيرا إلى أن برلين «سجلت موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية، وأن هذا الموقف العدائي جاء في أعقاب الإعلان الرئاسي الأميركي، الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يعتبر موقفاً خطيراً لم يجر تفسيره حتى الآن».
وأضاف البيان ذاته أن السلطات الألمانية تعمل بتواطؤ مع أحد المدانين السابقين بارتكاب أعمال إرهابية، بما في ذلك قيامها بكشف معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية إلى نظيرتها الألمانية.
وزادت هذه القضية الطين بلة في العلاقات المغربية - الألمانية، ويتعلق الأمر بالسلفي محمد حاجب، المعتقل السابق الذي قضى سبع سنوات بالسجن في قضايا الإرهاب، والموجود حاليا في ألمانيا بحكم حمله جنسيتها، والذي عرف بكونه متخصصا في التهجم على المسؤولين المغاربة، وتوجيه اتهامات لهم عبر أشرطة يبثها عبر موقع اليوتيوب. وقد لجأت السلطات المغربية إلى الإنتربول من أجل تسليمه إليها، لكن ألمانيا رفضت ذلك.
وشدد البيان على القول إن هناك «محاربة مستمرة ولا هوادة فيها للدور الإقليمي الذي يلعبه المغرب، وتحديدا دوره في الأزمة الليبية، وذلك بمحاولة استبعاد الرباط دون مبرر من المشاركة في بعض الاجتماعات الإقليمية المخصصة لهذا الملف، كتلك التي عقدت في برلين».
وكانت برلين قد دعت إلى عقد مؤتمر دولي في ألمانيا يجمع الليبيين في يناير (كانون الثاني) 2020، من دون دعوة المغرب، عراب اتفاق الصخيرات. وعبرت وزارة الخارجية المغربية آنذاك عن «استغرابها العميق لإقصائها من المؤتمر». وحين دعت ألمانيا المغرب لحضور «برلين 2» في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، رفضت الرباط الحضور.
وخلص بيان الخارجية المغربية إلى القول إنه «تأسيسا على ما سبق، وبسبب هذا العداء المستمر وغير المقبول، قررت الرباط استدعاء سفيرتها في برلين للتشاور».
وبدأت بوادر الأزمة المغربية - الألمانية في فاتح مارس (آذار) الماضي، حينما جرى تسريب مذكرة وجهها وزير الخارجية ناصر بوريطة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني وباقي أعضاء الحكومة، تدعوهم إلى تعليق كل علاقة اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط، ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها.
وجاء في المذكرة أن هذا القرار «جاء بسبب سوء التفاهم العميق مع ألمانيا في قضايا أساسية تهم المملكة»، دون أن تعطي المزيد من التفاصيل.
وعزت مصادر متطابقة آنذاك هذا القرار إلى رد فعل ألمانيا على قرار الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وكذلك إلى عدم دعوة الرباط للمشاركة في اجتماع دولي بشأن ليبيا عقدته برلين العام الماضي، الأمر الذي اعتبره المغرب «عدم احترام» الدبلوماسية الألمانية للمؤسسات المغربية.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».