في مقهى متواضع في مديرية الشيخ عثمان بمحافظة عدن اليمنية يجلس عبد الوهاب يرتشف الشاي وينفث دخان سيجارته، بعد نهاية يوم شاق من الصيام، ويقول محبطاً إن فشل المشاورات التي أجراها الوسطاء الدوليون في العاصمة العمانية مسقط، أحبط آماله في إمكانية إنهاء الحرب، كما رأى أن هذه النتائج التي أعلن عنها المبعوث الأممي مارتن غريفيث تعني أن الحرب سوف تكون أشد وأقوى، وأن أمله بالسلام تبخّر.
عبد الوهاب، وهو معلم فر من صنعاء منذ ثلاثة أعوام، بعد ملاحقة من ميليشيات الحوثي لاعتقاله بناءً على وشاية من أحد عناصرها بحجة أنه يؤيد الشرعية، لكن الرجل وهو في العقد الخامس من العمر، لم يتمكن من الحصول على راتبه، بعد أن استقر في محافظة تعز، وطلب نقل وظيفته إلى هناك، لأن الحكومة الشرعية أوقفت صرف رواتب ما يعرفون باسم الموظفين النازحين.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعيش على دعم الأقارب والأصدقاء وأذهب إلى تعز وأعود إلى عدن حيث، وهناك وعود من الحكومة بحل مشكلة الموظفين المنتقلين للعمل في مناطق سيطرتها، وكانت أنباء قرب التوصل إلى اتفاق على وقف الحرب أشعلت فيَّ ولدى غيري كثيراً من الأمل، لأن المعاناة ستنتهي قريباً، لكن الموقف الذي أعلنته ميليشيات الحوثي أصابني بالإحباط، لأنه يعني أننا أمام سنوات إضافية من الحرب.
هذه الخيبة يشاركه فيها كثير من اليمنيين الذين أنهكتهم الحرب، حيث يؤكدون أن ميليشيات الحوثي فضحت تماماً، ولم يعد بمقدورها تضليل الناس بأنها تدافع عن السكان في مناطق سيطرتها، وأنها أكدت بمواقفها المتواصلة الرافضة لوقف الحرب أنها تعمل لصالح إيران.
ويقول محمد يحيى وهو موظف حكومي في العقد الرابع من العمر، ويعيش في مناطق سيطرة الميليشيات: «الجماعة لا يعيرون الناس أي أهمية ولا معيشتهم، وكل همهم هو الجبايات، وجمع الأموال لمشرفيهم، وتنفيذ توجيهات الحرس الثوري».
ووفق حديث مع أكثر من مصدر في مناطق سيطرة الميليشيات، فإنه ومنذ إطلاق السعودية مبادرتها لوقف الحرب في اليمن تحولت مجالس «القات» (نبتة منتشرة على نطاق واسع يمضغها اليمنيون) واللقاءات العامة إلى ساحة نقاشات غاضبة من موقف الميليشيات، وإصرارها على استمرار معاناة الناس حيث يعيش 80 في المائة من السكان على المساعدات التي تقدم عبر المنظمات الإغاثية.
وتقول المصادر إن هذا الغضب الشعبي شكا منه نشطاء الميليشيات الذين ظلوا يروجون لأن التحالف يريد استمرار الحرب، وأن الميليشيات في موقف الدفاع، كما كانت تردد قيادة هذه الميليشيات منذ ما بعد الانقلاب على الشرعية.
وأنت تلاقي الناس في الشارع أو تتواصل معهم في مناطق سيطرة الميليشيات، فإن كثيراً منهم يعتبرون أن رفض ميليشيات الحوثي خطة السلام، ستفتح الأبواب أمام حرب لن تقتصر على مأرب وحدها، بل ستشمل كل الجبهات.
ويتطلع أغلب هؤلاء أن يتمكن مجلس الأمن الدولي في جلسته المرتقبة من اتخاذ إجراءات فعلية ورادعة تجبر الميليشيات على العودة إلى طاولة الحوار، ووضع حد لمعاناة الملايين من استمرار القتال، لأنهم يكرهون الحرب ويريدون السلام ويبحثون عن فرص عمل وتعليم أبنائهم، ولا علاقة لهم بسعي إيران لامتلاك السلاح النووي واستخدام بلدهم كأداة لأذية جيرانه وضرب الاستقرار في المنطقة.
خيبة أمل يمنية من إصرار الانقلابيين على إفشال السلام
خيبة أمل يمنية من إصرار الانقلابيين على إفشال السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة