لبنان يمنع بواخر كهرباء تركية من مغادرة أراضيه بسبب شبهات فساد

TT

لبنان يمنع بواخر كهرباء تركية من مغادرة أراضيه بسبب شبهات فساد

قرّر لبنان منع بواخر تركية تزوده بالكهرباء من مغادرة أراضيه وذلك في إطار تحقيق تجريه السلطات في احتمال وجود شبهات فساد بملايين الدولارات قد تؤدي إلى إدانة مسؤولين لبنانيين، حسبما أكد مصدر لـ«الشرق الأوسط».
وأصدر النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، أمس، قراراً جاء فيه أنّه بالنظر إلى ما ورد في التحقيقات الأولية التي تُجريها النيابة العامة المالية بالإضافة إلى الكتاب الموقَّع من ممثلي شركتي «غارودنيز» و«كارباور شيب لبنان ليميتد» فرع لبنان، والذي يتضمن التزام الشركة المذكورة دفع مبلغ خمسة وعشرين مليون دولار للدولة اللبنانية في حال تبين وجود سمسرات أو فساد في صفقة البواخر المنتجة للكهرباء، تقرّر منع البواخر المنتجة للكهرباء العائدة لشركة «غارودنيز» من مغادرة الأراضي اللبنانية إلى حين قيامها بتنفيذ التزاماتهما وتعميم هذا القرار على مراكز الأمن العام والجمارك وقوى الأمن الداخلي والجيش من أجل ضمان التنفيذ.
وتضمّن القرار القضائي أيضاً تكليف وزارة المالية بالامتناع عن دفع المبالغ المتوجبة والتي ستتوجب لمصلحة الشركتين إلى حين التزامهما بإعادة 25 مليون دولار للدولة اللبنانية، فضلاً عن تعميم بلاغ بحث وتحرٍّ بحق صاحب أو أصحاب الشركتين.
وينتهي عقد الدولة اللبنانية مع الشركة المذكورة في سبتمبر (أيلول) المقبل، وكانت قد هدّدت بالانسحاب بسبب تعثّر الدولة اللبنانية في دفع مستحقاتها عن العام الماضي والتي تزيد على 100 مليون دولار.
كان القضاء اللبناني قد أصدر في مارس (آذار) الماضي قراراً بتوقيف ممثل الشركة التركية في لبنان وآخرين على خلفية دفع عمولات ورشى بهدف إتمام صفقة بواخر الطاقة، وفي الإطار يوضح مصدر متابع للملف أنّ القرار القضائي لا يعد إدانة حتى اللحظة وهو يهدف إلى ضمان حقوق الدولة في تحصيل البند الجزائي الموقع بـ25 مليون دولار في حال التثبت من دفع عمولات.
ويضيف المصدر في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّه في حال إثبات شبهات الفساد سيطال الأمر مسؤولين لبنانيين بطبيعة الحال ضمن الملف الذي بات يُعرف بـ«صفقة البواخر» التي بدأت بتوفير الكهرباء منذ عام 2013 على أساس حل مؤقت لمدة 3 سنوات ولكنّ مُدّد لها لتصل إلى 9 سنوات حتى اليوم.
ويكلّف استئجار البواخر التركية لبنان نحو 850 مليون دولار سنوياً وهي ثلاث بواخر: «فاطمة غول» التي وصلت أواخر 2010 والراسية قبالة معمل الزوق، و«أورهان بيك» التي وصلت عام 2013 والموجودة في الجية جنوب بيروت، أما الباخرة الثالثة فهي «إسراء سلطان» في شمال بيروت وصلت عام 2018.
وتؤمّن البواخر التركية والتي هي عبارة عن محطات طاقة عائمة ما بين 35% إلى 40% من الكهرباء في لبنان.
ويأتي القرار القضائي في وقت جمّد فيه المجلس الدستوري منذ أيام تطبيق قانون أُقر مؤخراً يعطي مؤسسة كهرباء لبنان سلفة مالية بقيمة 200 مليون دولار لشراء المحروقات، وذلك على خلفية طعن مقدَّم من نوّاب حزب «القوات اللبنانية».
وينذر وقف السلفة نهائياً في حال إبطالها مع اقتراب انتهاء عقد الشركة المشغلة للبواخر التركية بعتمة وشيكة قد يعاني منها لبنان في حال عدم إيجاد حلول سريعة، إذ أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أمس، أنها ستُضطر حالياً إلى تخفيض إنتاجها قسرياً بحدود 200 ميغاواط، أي من نحو 1250 ميغاواط إلى نحو 1050 ميغاواط، وذلك لإطالة فترة إنتاج الطاقة قدر المستطاع ريثما تتضح مآلات الأمور، الأمر الذي سينعكس سلباً على ساعات التغذية في جميع المناطق اللبنانية بما فيها منطقة بيروت الإدارية.
وأوضحت المؤسسة في بيان أنّ سبب التقنين يعود إلى المستجدات التي طرأت في موضوع السلفة لا سيما أنّ سلفة عام 2020 قد استُنفدت ولا يتبقى منها سوى نحو 13 مليار ليرة وهي لا تكفي لشراء شحنة محروقات واحدة في ظلّ ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وفي الإطار أوضح عضو مجلس القيادة في الحزب «التقدمي الاشتراكي» والمتخصص في ملف الكهرباء محمد بصبوص، أنّ لبنان في موضوع الكهرباء يسير في دائرة مقفلة وأنّ السلفة يمكن (في حال عدم إبطالها) أن تؤجلّ العتمة شهرين ليعود بعدها اللبنانيون إلى المكان نفسه؛ إما سلفة جديدة وإما عتمة، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ الحل موجود، وهو وقف الهدر والذي أقرت وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني نفسها بوجوده في الخطة التي وضعتها عام 2019 وقدّرته بـ37% بينما تقول تقديرات أخرى إنّه يتجاوز الـ50% وبالتالي تخسر مؤسسة كهرباء لبنان 550 مليون دولار سنوياً.
ولا يعني قرار المجلس الدستوري إبطال مفعول القانون أو وقف دفع السلفة وإنما وقف تنفيذ القانون حتى إصدار القرار النهائي بدستوريته أو عدمها، وكان النواب قد انطلقوا في مراجعة الطعن من أنّ السلفة سيتمّ تمويلها بدولار مدعوم من مصرف لبنان أي أنها ستُقتطع من أموال الاحتياطي الإلزامي للمصرف وبالتالي من ودائع المواطنين، ما يشكّل مخالفة لمقدّمة الدستور لا سيما للمادة التي تحمي الملكية الفردية.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.