لودريان في لبنان للضغط من أجل تشكيل حكومة

TT

لودريان في لبنان للضغط من أجل تشكيل حكومة

عقد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، اليوم الخميس، سلسلة لقاءات في بيروت شمل أبرزها مسؤولين لبنانيين وممثلين لمجموعات سياسية، غداة تحذيره من التعامل «بحزم مع من يعطّلون تشكيل الحكومة» رغم ضغوط دولية لتسريع ولادتها وسط انهيار اقتصادي متمادٍ.
والتقى لودريان كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون الادلاء بتصريح.
واستبق المسؤول الفرنسي وصوله إلى بيروت بتغريدة مساء الأربعاء، قال فيها إنه يأتي «حاملاً رسالة شديدة الحزم للمسؤولين اللبنانيين»، مضيفاً: «سنتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة، واتّخذنا تدابير (...). هذه ليست سوى البداية».
وأعلن لودريان نهاية الشهر الماضي أن بلاده فرضت قيوداً على دخول شخصيات لبنانية تعتبر مسؤولة عن المراوحة السياسية. ولم يتم حتى الآن الإفصاح عن أسماء الشخصيات أو ماهية القيود، في محاولة محتملة لإبقاء التهديد قائماً على مجمل الطبقة السياسية اللبنانية.
وقال عون إثر استقباله لودريان: «هناك أولوية قصوى لتشكيل حكومة جديدة»، مشيراً إلى أنه سيواصل «بذل الجهود للوصول الى نتائج عملية على رغم العوائق الداخلية والخارجية»، من دون أن يحددها.
ويشترط المجتمع الدولي على لبنان، خصوصاً منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب)، تنفيذ إصلاحات ملحة ليحصل على دعم مالي ضروري يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي التي يعاني منها منذ أكثر من عام ونصف العام.
لكن بعد مرور نحو تسعة أشهر على استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار، ورغم ثقل الانهيار الاقتصادي والضغوط الدولية التي تقودها فرنسا بشكل خاص، لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من تشكيل حكومة، على وقع خلاف مع عون.
وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص. لكن الانهيار الاقتصادي الذي فاقمه انفجار المرفأ وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، عوامل لا تسمح بالمماطلة.
وزار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان مرتين منذ انفجار المرفأ وكرر مطالبة القوى السياسية بتشكيل حكومة تتولى الإصلاح، حتى أنه أعلن في سبتمبر (أيلول) عن مبادرة قال إن كل القوى السياسية وافقت عليها ونصت على تشكيل حكومة خلال أسبوعين. لكن قوى سياسية عرقلت يومها مساعي الرئيس المكلف سفير لبنان في برلين مصطفى أديب الذي سرعان ما اعتذر وانكفأ.
وتفقّد لودريان، الذي يغادر بيروت الجمعة، مشاريع تدعمها فرنسا في مجالات الصحة والتعليم والثقافة والتراث. كما التقى ممثلين لمجموعات معارضة، ممن شاركت في حركة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في العام 2019 واستمرت أشهراً، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».