فرنسا تحيي المئوية الثانية لوفاة نابليون وسط جدل لا ينتهي

ماكرون وزوجته أمام ضريح نابليون في باريس (أ.ب)
ماكرون وزوجته أمام ضريح نابليون في باريس (أ.ب)
TT

فرنسا تحيي المئوية الثانية لوفاة نابليون وسط جدل لا ينتهي

ماكرون وزوجته أمام ضريح نابليون في باريس (أ.ب)
ماكرون وزوجته أمام ضريح نابليون في باريس (أ.ب)

أحيت فرنسا، أمس، المئوية الثانية لوفاة الإمبراطور نابليون بونابرت، وسط جدل كبير بين المثقفين والسياسيين حول صحة تكريم شخصية تاريخية على شاكلة الإسكندر الأكبر ويوليوس قيصر والبعض الآخر يشبهه بالإمبراطور نيرون الروماني الذي أحرق عاصمته. لكن الرئيس إيمانويل ماكرون أصر على إحياء المئوية آخذاً بالاعتبار ما تدين به فرنسا لهذه الشخصية الفذة، وما يلام عليه مثل نهمه في «استهلاك» الجنود لمعاركه الحربية التي لم تتوقف طيلة وجوده في السلطة، وتسلطه وإقامته نظاماً بوليسياً، وإعادة تشريع العبودية بعد أن كانت الثورة الفرنسية قد وضعت حداً لها.
وألقى ماكرون خطاباً في «معهد فرنسا» الذي أسسه نابليون ثم وضع إكليلاً من الزهر أمام قبره تحت قبة «الأنفاليد» الشهيرة. وشدد ماكرون، في كلمته، على أن ما يقوم به هو «إحياء» ذكرى نابليون وليس «تكريماً». عندما يُسأل عن مشاهير فرنسا، لا بد أن يكون نابليون بونابرت أولهم. فهذا الرجل الذي ولد في عائلة تنتمي إلى الأرستقراطية المتواضعة في مدينة أجاكسيو، في جزيرة كورسيكا المتوسطية، وأدخل إلى المدرسة الحربية الملكية بفضل واسطة قام بها والده، تسلق بسرعة لا مثيل لها أعلى المناصب في ظروف ثورية عاشتها فرنسا بعد ثورة العام 1789 والإطاحة بالملكية. نابليون رُقي، بفضل نبوغه العسكري لرتبة جنرال وهو في الرابعة والعشرين من عمره، ثم أصبح قائداً عاماً للجيش داخل فرنسا وهو في السادسة والعشرين. صعوده كان سريعاً ومذهلاً. كان المحرك الرئيسي في الانقلاب الذي خطط له في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1799، وبفضله وضع يده على السلطة منصباً نفسه القنصل الأول ثم قنصلاً «مدى الحياة»، ثم قام بتتويج نفسه إمبراطوراً للفرنسيين في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 1804. اسم نابليون صنو المعارك التي سطرها التاريخ باسمه من جسر أركول في إيطاليا إلى أوسترليتز ووأغرام ومارنغو... نابليون قلب أوروبا رأساً على عقب. هزم جيوش إمبراطور النمسا واحتل فيينا قبل أن يتزوج ابنته ليُرزق منها طفلاً سمّاه «نابليون» وأعطاه لدى ولادته «عرش روما» فأصبح «ملك روما». الكاتب الفرنسي الشهير أدمون روستان لقبه بـ«النسر الصغير». هاجم بجيشه الكبير الإمبراطورية الروسية الشاسعة وجلس على عرش القيصر، وشهد إحراق موسكو قبل أن يغلبه «الجنرال شتاء» ويقضي الثلج والصقيع على آلاف من جنوده لدى تراجعه. احتل مدريد ونصّب أخاه الأكبر ملكاً على إسبانيا. أعطى لإخوته عروشاً في هولندا وإيطاليا وألمانيا. وسّع الأراضي الفرنسية وهيمن على أوروبا. قام بحملة مصر وسيطر عليها، ومنها هاجم فلسطين عبر سيناء التي كانت تحت الحكم العثماني، فاحتل غزة ويافا وحيفا وأراد الوصول إلى القدس. لكن أسوار عكا التي كان يحكمها أحمد باشا الجزار قاومته بمعاونة الأسطول الإنجليزي الذي قضى على الأسطول الفرنسي في معركة أبو قير. وضرب الوباء جيشه وقضى الحر الشديد على المئات من جنوده. كان الإنجليز عدوه الأكبر الذي ما فتئ يحاربه ويقيم الأحلاف لإسقاطه. سقط أول مرة ونُفي إلى جزيرة «ألب» المتوسطية. لكنه نجح في الخروج منها رغم رقابة الإنجليز وجواسيسهم، وعاد إلى فرنسا وسريعاً جداً استعاد السلطة لمائة يوم. وكان سقوطه النهائي في معركة واترلو الشهيرة التي أُرغم بعدها على التنازل مرة ثانية عن العرش. ومن سخرية القدر أنه سلّم نفسه للإنجليز الذين نفوه إلى جزيرة سانت هيلين وعزلوه في المحيط الأطلسي ومات فيها في 5 مايو (أيار) عام 1821.
لكن أسطورة نابليون ليست فقط عسكرية. اعتبر نفسه ابن الثورة الفرنسية وحامل قيمها. أعاد تنظيم فرنسا ومنحها «قانون نابليون» الذي استوحته الكثير من الدول. أقام إدارة مركزية فاعلة وبنكاً مركزياً وأنشأ شهادة البكالوريا والمدرسة التقنية (بوليتكنيك) وشجّع العلوم وأقام مدرسة سان سير الشهيرة لتنشئة الضباط، وأعاد رسم هندسة باريس. وفي كلمته، أشاد ماكرون بـ«المخطط الاستراتيجي، والمشرع والباني» وبمَن «فرض المساواة بين الرجل والمرأة» وأوجد التفاهم بين الأديان والدولة. وقال الرئيس الفرنسي: «ليس هناك اسم يتمتع بالمجد كاسم نابليون. انطلق من لا شيء ولا يملك شيئاً لكنه حصل على كل شيء».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».