كان هناك شعور الأسبوع الماضي أن كرة القدم الإنجليزية في طريقها للعودة إلى طبيعتها، حيث شهدت المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، والتي انتهت بفوز مانشستر سيتي على توتنهام بهدف دون رد، حضورا جماهيريا لأول مرة منذ فترة طويلة بسبب تفشي فيروس «كورونا». لكن ربما كان الشيء المألوف أيضا في ذلك اليوم هو فشل توتنهام في الفوز بالبطولة، ليواصل سلسلة إخفاقاته في الفوز بأي لقب منذ سنوات طويلة، وهو الأمر الذي يطرح سؤالا مهما حول مستقبل الفريق.
وحتى لو كان لا يزال هناك أمل لتوتنهام في العودة في نتيجة المباراة خلال الدقائق العشر الأخيرة، فإن هذا يعود لسبب بسيط وبديهي جدا وهو أن الفريق الذي أهدر عشرات الفرص - مانشستر سيتي - قد يتلقى عقابا على ذلك ويستقبل هدفا من أول فرصة للفريق المنافس على مرماه! لكن توتنهام لم يصنع تلك الفرصة أبدا! ربما أشارت شبكة «أوبتا» للإحصاءات إلى أن توتنهام قد سدد كرتين على المرمى في تلك المباراة، مقابل 21 تسديدة لمانشستر سيتي، لكن المشاهد للمباراة لم يكد يشعر بذلك في حقيقة الأمر بسبب العقم الهجومي الواضح لتوتنهام.
لقد كان هناك الكثير من الحديث حول ما إذا كان المدير الفني المؤقت للسبيرز، ريان ماسون، يعتمد على طريقة دفاعية بحتة، وما إذا كان مخطئاً عندما وجه تعليمات للاعبيه بالتراجع الشديد حول منطقة الجزاء، بنفس الشكل الذي كان يلعب به المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو. لكن الحقيقة أن ما حدث في تلك المباراة ربما لم يكن خيار ماسون، والدليل على ذلك أن شكل الفريق لم يتغير عما كان عليه تحت قيادة مورينيو.
ويأخذنا كل ذلك إلى طرح السؤال التالي: إلى أين يتجه توتنهام؟ لقد كانت كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة بمثابة فرصة للتغطية على الاضطرابات التي أعقبت الهزيمة في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2019 - وربما يكون الرابط بين المناسبتين هو أن هاري كين قد شارك فيهما وهو ليس في أفضل أحواله بعد العودة من إصابة في الكاحل. لكن الحقيقة الواضحة للجميع تتمثل في أن جميع لاعبي توتنهام - باستثناء كين - كانوا سيئين للغاية خلال الشهر الماضي.
لقد أوضح المدير الفني السابق للسبيرز، ماوريسيو بوكيتينو، خلال الاستعداد للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أن فريقه يعاني بشدة وأنه يحتاج إلى ضخ الكثير من الأموال للتعاقد مع لاعبين جدد من أجل تدعيم صفوف الفريق؛ كما كانت الأجواء سلبية للغاية وكان المدير الفني الأرجنتيني يبذل جهودا مضنية من أجل التغلب على ذلك.
لقد كان بناء الملعب الجديد الكبير، والذي يعد أقوى رمز لمكانة توتنهام كناد من أندية الصفوة، يمثل أيضا العبء المالي الذي منع النادي من البقاء على هذا المستوى، وتتمثل المفارقة في أن غياب الجماهير عن الملاعب قد جعل هذا الملعب خاويا على عروشه لعدة أشهر! وإذا كان المنطق الأساسي لبطولة دوري السوبر الأوروبي المقترحة صحيحا، وكان المستقبل للمشجعين العالميين الذين يشاهدون المباريات عبر التطبيقات الإلكترونية، فما فائدة الملاعب الشاسعة إذن؟
إن الفشل في تجديد دماء الفريق قد جعل توتنهام يخسر جهود المدير الفني الأرجنتيني الذي فعل أكثر من أي شخص آخر من أجل تطوير النادي ورفعه إلى مستوى النخبة. لقد كوفئ بوكيتينو على صحة وجهة نظره بإقالته من منصبه. وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى تعيين مورينيو على رأس القيادة الفنية للفريق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 على أنه مغامرة غير محسوبة لمحاولة تنشيط فريق منهك للغاية. لقد فشلت هذه المغامرة - كما بات الحال دائما مع مورينيو في الآونة الأخيرة - كما فشلت أيضاً المغامرة الأخرى لإعادة تنشيط الفريق من خلال إقالة مورينيو أيضا.
إذن، ما هي الخيارات المطروحة أمام توتنهام الآن؟ لقد تبددت كل الوعود التي قطعها مسؤولو النادي على أنفسهم قبل عامين من الآن. ومن الواضح أن هاري كين وسون هيونغ مين يظلان من أفضل المواهب في الفريق، كما عاد هوغو لوريس إلى مستواه السابق بعد تراجع مستواه بشكل ملحوظ في منتصف الموسم. لكن من هم اللاعبون الآخرون الذين يقدمون مستويات جيدة بشكل ثابت في الآونة الأخيرة حتى يرى المدير الفني الجديد أنه لا غنى عنهم في التشكيلة الأساسية؟
هناك لاعبون يقدمون مستويات جيدة على فترات متقطعة، مثل تانغي ندومبيلي وتوبي ألدرفيرلد وإريك داير، في حين يحظى سيرجيو ريغيلون بشعبية كبيرة بين الجماهير، رغم أنه كان يعاني بشكل واضح أمام مانشستر سيتي على ملعب ويمبلي، كما أن هناك بعض اللاعبين الذين يمكنهم تقديم مستويات جيدة في أجواء أفضل من الموجودة الآن في توتنهام.
لكن كين يبلغ من العمر 27 عاماً، وسون في الثامنة والعشرين من عمره، وربما يفكر كل منهما في الرحيل إلى مكان آخر، خاصة إذا فشل توتنهام، كما يبدو مرجحاً، في التأهل لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل. وربما يكون العزاء الوحيد لمالك النادي، دانيال ليفي، هو أنه قد مدد عقود كل منهما حتى يكونا في الثلاثين من العمر: وإذا رحل هذان النجمان، فسيكون هناك على الأقل مقابل مادي كبير للنادي - رغم أن ذلك سيتأثر سلبيا بتراجع القدرة المالية لجميع الأندية بسبب تداعيات تفشي فيروس «كورونا».
وعلى بُعد أربعة أميال إلى الجنوب الغربي، يقدم آرسنال تحذيراً قاتماً بشأن السرعة التي يمكن أن يتراجع بها أي ناد، ومع ذلك يبدو أن توتنهام يسير على خطاه خطوة بخطوة: الاستثمار في ملعب كبير يقلل من الإيرادات المتاحة لتطوير الفريق، وهو ما يؤدي إلى تراجع في النتائج ورحيل المدير الفني الذي حقق النجاح - رغم أنه في حالة آرسنال كان المدير الفني على الأقل مسؤولا إلى حد ما عن هيكل الفريق الذي بدا قديما بشكل كبير. ويبدو أن توتنهام قد تخلص من بوكيتينو لأن ذلك كان أسهل وأرخص من التخلص من نصف قوام الفريق والتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين الجدد!
لكن الآن لا يزال النادي بحاجة للتعاقد مع ستة لاعبين جدد، كما يتعين عليه دفع تعويض كبير لمورينيو - وبذل مجهود كبير من أجل التخلص من الأجواء المشحونة والمسمومة التي تركها المدير الفني البرتغالي خلفه - بالإضافة إلى نفقات تعيين مدير فني جديد ومساعديه. وفي ظل الأوضاع الحالية، قد لا يجد توتنهام نفسه مدعوا للمشاركة في المناقشات القادمة حول إقامة بطولة دوري السوبر الأوروبي!
توتنهام يتراجع بسرعة وطريق العودة مليء بالعقبات
التخلص من الأجواء «المسمومة» التي تركها مورينيو خلفه صعب والشكوك تحوم حول بقاء كين وسون
توتنهام يتراجع بسرعة وطريق العودة مليء بالعقبات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة