وفد الكونغرس في الخرطوم يؤكد دعمه التغيير

وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد يوسف خلال لقائه وفد الكونغرس الأميركي في الخرطوم أمس (سونا)
وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد يوسف خلال لقائه وفد الكونغرس الأميركي في الخرطوم أمس (سونا)
TT

وفد الكونغرس في الخرطوم يؤكد دعمه التغيير

وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد يوسف خلال لقائه وفد الكونغرس الأميركي في الخرطوم أمس (سونا)
وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد يوسف خلال لقائه وفد الكونغرس الأميركي في الخرطوم أمس (سونا)

أكد مسؤولان أميركيان رفيعان يزوران السودان، أن هدف زيارتهما للبلاد هو تعزيز الدعم الأميركي والحماسة للمرحلة الانتقالية، ومتابعة التزام الولايات المتحدة بتقديم 700 مليون دولار أميركي مساعدات تنموية للحكومة السودانية، وبحث تطور الأوضاع على الحدود السودانية - الإثيوبية وأزمة «سد النهضة».
ووصل الخرطوم أول من أمس، كل من عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور كريستوفر كونز، والسيناتور كريس فان هولن، في زيارة للسودان تستغرق يومين.
وأجرى الوفد الأميركي مباحثات مع كل من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وعدد آخر من الوزراء والمسؤولين ومنظمات المجتمع المدني، تناولت التوتر السوداني - الإثيوبي على الحدود، وتعثر مفاوضات سد النهضة.
وقال وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن وفد الكونغرس الأميركي التقى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وأبدى قلقه البالغ من التوتر الحاصل بين السودان وإثيوبيا ومن تأثيراته، وأكد السعي لبذل الجهود الدبلوماسية اللازمة لحل النزاع سلمياً.
كما تناول اللقاء تأكيد الدعم الأميركي للانتقال في السودان، ومساعدته على العودة الفاعلة للمجتمع الدولي، ودعم اقتصاده، بما في ذلك سبل إنفاذ الدعم التنموي الأميركي وعودة السودان للمجتمع المالي الدولي. وأضاف «عقب اللقاء تناول رجلا الكونغرس وجبة الإفطار مع رئيس الوزراء».
من جهة أخرى، عقد وفد الكونغرس الأميركي جولة مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، تناولت تعزيز العلاقات وتطوير التعاون المشترك، ودفع علاقات واشنطن والخرطوم إلى آفاق أرحب. وذكر إعلام مجلس السيادة الانتقالي، أن البرهان قدم شرحاً للوفد، رؤية السودان بشأن معالجة التباينات على ملف سد النهضة، وقضايا الحدود مع إثيوبيا، وانتهاج الحوار للوصول لحلول ترضي الأطراف كافة. وفي الوقت ذاته، أكد البرهان لضيفيه السماح للمنظمات التطوعية، بتقديم الخدمات لمعسكرات اللاجئين الإثيوبيين في شرقي البلاد والتي ينتظر أن يزورها الرجلان اليوم، ويبلغ عددهم نحو 70 ألف لاجئ فروا من النزاع في تيغراي المحادة لشرق السودان.
وقال السيناتور كريستوفر كونز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، عقب محادثات أجراها مع وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم أمس، إن زيارتهما للخرطوم تأتي للتعبير عن دعمهما وحماسهما للمرحلة الانتقالية في السودان، إن الزيارة تستهدف متابعة التزام الولايات المتحدة بدفع مبلغ 700 مليون دولار مساعدات تنموية للسودان، وتعزيز الدعم للاستقرار والأمن والسلام لشعب السودان.
وأوضح السيناتور كونز، أن لقاءه مع إبراهيم، بحث القنوات التي يمكن اتباعها لإحراز تقدم في عملية إعادة السودان للمؤسسات المالية العالمية، واتخاذ القرارات اللازمة لتذليل العقبات، سيما ما يخص الاستقطاب المالي.
وأشاد كونز بقرارات وزير المالية المتعلقة بالسياسات المالية، التي اتخذت مؤخراً، وقال «متفائلون بقرارات وزير المالية، التي اتخذها بشأن السياسات المالية».
بدوره، أكد السيناتور من ولاية ميريلاند كريس فان هولن، حماسته لمتابعة ما أسماه «التقدم الذي أحرز منذ قيام الثورة السلمية، التي اندلعت في السودان منذ عامين»، وقال «هناك ضرورة للانتقال من حكم الديكتاتورية إلى حكم سيادة القانون، بما يعيد لاقتصاد السودان قدراته التفاعلية، لتحقيق تطلعات الشعب»، واستطرد «نريد أن نكون شركاء، وأن تكون العلاقات جيدة، لذلك ندعم التحول نحو الديمقراطية والسلام والعدالة في السودان».
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم عقب المباحثات، إنه أجرى حواراً جاداً ومفيداً مع الوفد الأميركي، وإن الزيارة ينتظر أن تدفع العلاقات السودانية - الأميركية إلى الأمام.
ويعد السيناتور كونز أحد أبرز مؤيدي السودان في الكونغرس؛ إذ قام برعاية «قانون تسوية مطالبات السودان» الذي أجيز في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبموجبه عادت الحصانة السيادية للسودان، وبمقتضى ذلك يصبح غير خاضع لأي إجراءات قضائية في المحاكم الأميركية، تتعلق بالهجمات على الرعايا الأميركيين التي شارك فيها نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وتلك المتعقلة بضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.