مصر تعزز قوتها من «رافال بعيدة المدى» وسط تجاذبات إقليمية

وسط تجاذبات إقليمية متفاوتة، أظهرت القاهرة، مجدداً عزمها المضي قدماً في مسار تدعيم قوتها التسليحية، معززة قوتها الجوية بصفقة لشراء 30 طائرة «رافال» الفرنسية ذات القدرات الكبيرة، ولترفع بذلك رصيدها الإجمالي من السلاح نفسه إلى 54 طائرة كانت اشترت بعضها في عام 2015. ووفق ما أعلن المتحدث باسم الجيش المصري، العميد، تامر الرفاعي، مساء أول من أمس، فإنه «تم توقيع عقد مع فرنسا لشراء 30 طائرة حربية من طراز (رافال)».
وبدا لافتاً في البيان المصري، التنويه بـ«القدرات القتالية للطائرة بما في ذلك (تنفيذ المهام بعيدة المدى)، وامتلاكها منظومة تسليح متطورة، وقدرة عالية على المناورة».
وفي مارس (آذار) الماضي، حذر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي من المساس بحصة بلاده من مياه النيل، وقال «لا أحد يتصور أنه يستطيع أن يبقى بعيداً عن قدراتنا».
وأفاد مسؤول بوزارة القوات المسلحة الفرنسية، نقلت عنه «رويترز» أمس، بأن قيمة الصفقة «تبلغ نحو أربعة مليارات يورو، ويبدأ تسليمها عام 2024». وقال إن «ترتيبات التمويل تشمل ضمانات حكومية فرنسية بنسبة 85 في المائة، ومن المرجح بدء تنفيذ الصفقة في يونيو (حزيران) المقبل».
وقال الجيش المصري، إن الصفقة سيتم إبرامها من جهته مع شركة «داسو أفياسيون» الفرنسية، على أن «يتم تمويل العقد المبرم من خلال قرض تمويلي تصل مدته إلى عشر سنوات كحد أدنى».
ووفق ما يرى المدير الأسبق لإدارة الشؤون المعنوية بالجيش المصري اللواء سمير فرج، فإن «مصر للمرة الأولى في تاريخها تتعرض لتهديدات مباشرة في وقت واحد من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، سواء في سيناء (الشمال الشرقي)، أو جنوباً وما يتعلق بمنابع النيل، وغرباً عبر ليبيا، ثم شمالاً في البحر المتوسط وما يتصل بآبار الغاز في البحر المتوسط».
وقال فرج لـ«الشرق الأوسط»، إن «السمة المهمة التي تتضمنها الصفقة تتعلق بتنويع مصادر السلاح؛ إذ إن مصر ظلت لنحو أربعين سنة بعد اتفاقية (كامب ديفيد) تحصل على السلاح من الولايات المتحدة الأميركية، بينما تطور مصر الآن مصادرها سواء من روسيا أو ألمانيا وإيطاليا والصين». ويتفق اللواء حمدي بخيت، الخبير العسكري وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي السابق بمجلس النواب المصري، مع وجهة النظر السابقة بشأن توقيت الصفقة، ويضيف، أن «الأمر يتعلق كذلك ببناء القدرات الدفاعية للقوات الجوية المصرية، وتزويدها بطائرات من نوع ومدى معين لمواجهة التهديدات المستقبلية».
وفي عام 2015، كانت مصر أول دولة تشتري طائرات «رافال» في صفقة تضمنت 24 طائرة. وبشأن ربط الصفقة بتطورات ملف سد النهضة، قال بخيت، إن «التهديدات المحيطة بمصر لا يمكن ربطها بملف أو قضية واحدة، فهناك تهديدات على الحدود، نتيجة للتوتر في المنطقة، وهناك تهديدات اقتصادية وكل نوع من التهديدات يتم حله بالطريقة المناسبة، ومن بينها إدارة الأزمات، أما الحل العسكري فهو أصعب الحلول، ولا أعتقد أنه مطروح». غير أن اللواء فرج لفت إلى «خلق الردع لأي تهديد يمكن أن يؤثر على الأمن القومي المصري، سواء كان ذلك ردعاً مادياً بالقوة كما جرى بعد إقدام عناصر (داعش ليبيا) على ذبح مواطنين مصريين، وبعدها نفذت مصر ضربات جوية لمعاقلهم محققة الردع، أما الردع المعنوي الذي تلجأ له القاهرة الآن فهو أن تمتلك قوات مسلحة قوية مدعمة قادرة على التدخل في أي وقت».
ويؤكد بخيت المعنى المتعلق بالردع بقوله، إن «الأمر لو اعتمد على التهديد فقط فسيكون الموقف دفاعياً، لكن الردع يعني جعل الجهات التي تفكر في تهديد مصر تفكر قبل الإقدام على أي خطوة، وهو جزء من بناء الاستراتيجية الدفاعية للبلاد».
وأصدرت الشركة المصنعة لـ«رافال»، بياناً أشار إلى أن «مصر ستكون ثاني مشغل لهذه الطائرة بعد فرنسا»، معتبرة أن الوصول لهذا الاتفاق «يعكس طبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط فرنسا ومصر». وتعتبر مصادر فرنسية، أن «الوضع الإقليمي والتحديات التي تواجهها مصر تدفعها للحصول على طائرة أثبتت فاعليتها وقدراتها التكنولوجية المتقدمة».
ويحتاج الاتفاق من هذا النوع إلى موافقة الحكومة الفرنسية، وهو ما انعكس بموافقة باريس على توفير ضمانة لقروض مصرفية للقاهرة.
وأعلن رئيس الشركة المصنعة أريك درابيه، أن الصفقة الجديدة «تعكس طبيعة العلاقة الراسخة بين مصر و(داسو للطيران) التي تعود إلى ما يقارب الخمسين عاماً، حيث إن القاهرة تعد الزبون الأول لـ(رافال)، كما كانت الزبون الأول بالنسبة لطائرة (ميراج 2000)». ويضيف البيان، أن الاتفاق الجديد يعكس القدرات العملانية للطائرة المقاتلة وتميزها التكنولوجي الأمر الذي يفسر نجاحاتها في الخارج في إشارة إلى الهند واليونان وغيرهما من الجيوش التي تستخدم «رافال». وتعتبر مصادر فرنسية، أن الوضع الإقليمي والتحديات التي تواجهها مصر تدفعها للحصول على طائرة أثبتت فاعليتها وقدراتها التكنولوجية المتقدمة.