«ليونة» وجلسات مفتوحة في مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

تدخل أميركي سهّل استئنافها بعد 5 أشهر من التعثّر

عناصر من الوحدة الإيطالية العاملة مع قوات «يونيفيل»، وجنود لبنانيون في بلدة الناقورة التي جرت فيها المفاوضات أمس (أ.ب)
عناصر من الوحدة الإيطالية العاملة مع قوات «يونيفيل»، وجنود لبنانيون في بلدة الناقورة التي جرت فيها المفاوضات أمس (أ.ب)
TT

«ليونة» وجلسات مفتوحة في مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

عناصر من الوحدة الإيطالية العاملة مع قوات «يونيفيل»، وجنود لبنانيون في بلدة الناقورة التي جرت فيها المفاوضات أمس (أ.ب)
عناصر من الوحدة الإيطالية العاملة مع قوات «يونيفيل»، وجنود لبنانيون في بلدة الناقورة التي جرت فيها المفاوضات أمس (أ.ب)

اتسمت الجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية، بأنها مكثفة حيث عُقدت جلسات متتالية أمس، في مسعى لتحقيق تقدم في النزاع الحدودي، ما يتيح للبنان التنقيب عن الطاقة في مياهه الاقتصادية الجنوبية. وأشارت المعلومات التي سرت قبل جولة المفاوضات إلى «ليونة» ومواقف أقل حدة عند الطرفين، وذلك بعد التدخل الأميركي.
وعقدت الجلسة الخامسة من المفاوضات أمس، بوساطة أميركية، وبرعاية الأمم المتحدة، وتحت علمها، وفي مبنى تابع لها في الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، وقالت مصادر مواكبة للمفاوضات لـ«الشرق الأوسط» إن جلسات مفتوحة عقدت أمس في الجولة الخامسة من المفاوضات التي استُؤنفت بعد 5 أشهر على تعليقها إثر سقوف المطالب المرتفعة التي رفعها الجانبان في وقت سابق، قبل أن يتدخل الجانب الأميركي، وهو الوسيط في هذه المفاوضات، ليسهل استئنافها.
وبدأ الوفدان اجتماعهما بحضور الوسيط الأميركي السفير جون ديروشير عند الساعة العاشرة صباحاً (السابعة بتوقيت غرينتش) في بلدة الناقورة الحدودية التي جرت فيها جولات التفاوض السابقة العام الماضي، وانتهت الجلسات بعد الظهر. وأعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي أن فريقها برئاسة ديروشير، الذي اضطلع بدور الميسر في الجولات السابقة، سيتولى الوساطة بين وفدي لبنان وإسرائيل، بدءاً من أمس (الثلاثاء). واعتبرت واشنطن «استئناف المفاوضات خطوة إيجابية بانتظار حل طال انتظاره».
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن الوفد الأميركي وصل في موكب سيارات براً من بيروت، والوفد العسكري اللبناني بمروحيتين. وشهدت المنطقة إجراءات أمنية مشددة للجيش واليونيفيل من مقر الأمم المتحدة في الناقورة إلى غرفة الاجتماعات في رأس الناقورة.
وتدور المفاوضات حول مساحة متنازع عليها من المياه تبلغ 2290 كيلومتراً مربعاً؛ حيث يصرّ الوفد اللبناني على أن ينطلق البحث في جلسات التفاوض من النقطة 29 الحدودية التي تكبر حجم النزاع إلى 2290 كيلومتراً، بدلاً من النقطة 23 التي تحصر النزاع بـ860 كيلومتراً.
وكان من المفترض أن تقتصر المفاوضات على مساحة بحرية من نحو 860 كيلومتراً مربعاً، بناء على خريطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن هذه الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، ويطالب اليوم بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً، وتشمل أجزاء من حقل «كاريش» الذي تعمل فيه شركة يونانية لصالح إسرائيل. ويُعرف الطرح اللبناني الحالي بالخط 29. واتهمت إسرائيل لبنان بعرقلة المفاوضات عبر توسيع مساحة المنطقة المتنازع عليها.
لكن المعلومات التي سرت قبل جلسة استئناف المفاوضات، أظهرت مواقف أقل حدة عند الطرفين حيال استئناف المفاوضات، وذلك بعد التدخل الأميركي، وقالت مصادر لبنانية إن الطرف اللبناني يرغب حتماً بالتوصل إلى نتيجة، وأكدت أن رفع سقف المطالب استناداً إلى حيثيات قانونية وجغرافية لم يكن بهدف عرقلة المفاوضات بتاتاً، بل بهدف تحصيل الحقوق. وقالت المصادر إن كل طرف له طرحه ويتمسك به، وطبيعي أن يكون هناك تفاوت، لذلك تعقد جلسات المفاوضات للتوصل إلى حلول.
وعقد البلدان عدة جولات من المحادثات، انطلقت في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استضافتها الأمم المتحدة في قاعدة لقوات «يونيفيل» في جنوب لبنان، تتويجاً لجهود دبلوماسية بذلتها الولايات المتحدة على مدى 3 سنوات. لكن المفاوضات تعثرت بعد أن قدم كل طرف خططاً متناقضة للحدود المقترحة زادت من حجم المنطقة المتنازع عليها.
وفي الشهر الماضي، وقّع رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزيرا الدفاع والأشغال مرسوماً يقضي بتعديل الحدود البحرية. إلا أن المرسوم ما زال يحتاج توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كي يصبح سارياً، وهو ما لم يحصل بعد.
وأعاق الخلاف الحدودي البحري التنقيب في منطقة يُحتمل أن تكون غنية بالغاز. وفيما تضخ إسرائيل الغاز بالفعل من حقول بحرية ضخمة، لم يكتشف لبنان بعد أي احتياطات غاز كبيرة في مياهه، وهو بأمسّ الحاجة لأموال المانحين الأجانب، فيما يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ 30 عاماً.
وفي 2018، وقّع لبنان أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين من مياهه الإقليمية، تعرف إحداها بالبلوك رقم 9، وتقع في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل.
ومساء أمس استقبل الرئيس ميشال عون الوفد اللبناني إلى المفاوضات، بعد عودة أعضائه من الناقورة. واطلع من أعضاء الوفد على المداولات التي تمت خلال الاجتماع بمشاركة الوفد الأميركي الذي طلب رئيسه أن يكون التفاوض محصوراً فقط بين الخط الإسرائيلي والخط اللبناني المودعَين لدى الأمم المتحدة، أي ضمن المساحة البالغة 860 كيلومتراً مربعاً، وذلك خلافاً للطرح اللبناني من جهة ولمبدأ التفاوض من دون شروط مسبقة من جهة ثانية.
وأعطى الرئيس عون توجيهاته إلى الوفد بألا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة، بل اعتماد القانون الدولي الذي يبقى الأساس لضمان استمرار المفاوضات للوصول إلى حل عادل ومنصف يريده لبنان حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا والاستقرار، وعلى حقوق اللبنانيين في استثمار ثرواتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.