لجنة في الكنيست تصادق على شرعنة الاستيطان العشوائي

اليمين يسابق لقطع الطريق على أي حكومة قادمة

فلسطينيون يتصدون لإقامة بؤرة استيطانية في بيت دجن قرب نابلس مارس الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتصدون لإقامة بؤرة استيطانية في بيت دجن قرب نابلس مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

لجنة في الكنيست تصادق على شرعنة الاستيطان العشوائي

فلسطينيون يتصدون لإقامة بؤرة استيطانية في بيت دجن قرب نابلس مارس الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتصدون لإقامة بؤرة استيطانية في بيت دجن قرب نابلس مارس الماضي (أ.ف.ب)

في سباق مع الزمن ومن خلال الشعور بأن اليمين سيخسر الحكم، صادقت اللجنة المنظمة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس الثلاثاء، على عدد من القوانين التي تدفع بمشاريع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وبينها قانون يتيح إضفاء الشرعية القانونية على البؤر الاستيطانية العشوائية، وإلغاء القانون الذي نص على الانسحاب الإسرائيلي من شمال الضفة الغربية وإزالة أربع مستوطنات فيها. وكلها تصوت عليها الهيئة العامة للكنيست اليوم. وادعى حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، بأن هذه المشاريع جاءت لكي تضع عراقيل أمام حكومة يسار محتملة، يعمل اليسار على إقامتها بشراكة مع حزبي «يمينا» (بقيادة نفتالي بنيت) وأمل جديد» (بقيادة غدعون ساعر). ولكن النتيجة لهذه القوانين هي إعطاء دفعة قوية لمشاريع الاستيطان التي تعرقل التسوية السلمية للصراع في الشرق الأوسط، على أساس حل الدولتين.
المعروف أن إسرائيل تقيم 132 مستوطنة في الضفة الغربية بشكل مناقض للمواثيق الدولية، ويعترف القانون الإسرائيلي بها ويعتبرها «شرعية». ولكن هناك 135 بؤرة استيطان عشوائية تعتبر غير شرعية حتى حسب القانون الإسرائيلي ويفترض إخلاؤها. وينص القانون الجديد على إلزام مختلف الوزارات الحكومية ذات الصلة، بتزويد جميع البؤر الاستيطانية العشوائية بخدمات البنى التحتية، والكهرباء، والطرقات، والمياه والاتصالات والمواصلات. كما يلزم القانون الحكومة بمنح مكانة قانونية وشرعنة البؤر الاستيطانية، بموجب قرار صادر عن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (كابينيت) في عام 2017. وحتى شرعنتها يتعين على الوزارات الحكومية تقديم الخدمات الأساسية للمستوطنين بالبؤر الاستيطانية.
وتشير إحصائيات حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، إلى وجود 661 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة التي تضم 13 مستوطنة، يقيم فيها 220 ألف مستوطن. وأحد القوانين التي بدأ تشريعها بوتائر سريعة، أمس، يضفي الشرعية القانونية عليها. وإضافة إلى ذلك، هناك 4 مستوطنات قائمة شمال الضفة الغربية تم إخلاؤها في سنة 2006 بموجب قرار الانفصال عن قطاع غزة، والقانون الذي صودق عليه يقضي بإلغاء إخلائها وإعادة توطينها بمستوطنين يهود.
وهناك قانون آخر على جدول اللجنة المنظمة، يجعل انتخاب رئيس الحكومة في إسرائيل انتخابا مباشرا، مفصولا عن الانتخابات البرلمانية. وقانون رابع تم سنه، أمس، ينص على ضرب الجهاز القضائي والالتفاف على قرارات المحكمة الإسرائيلية العليا. ويقيّد القانون سلطة المحكمة العليا فيما يخص الاعتراض على قوانين الكنيست، أو إعلانها غير دستورية وتتناقض مع قوانين أساس. وهناك مشروع قانون خامس يفرض حكم الإعدام على فلسطينيين نفذوا عمليات قُتل فيها إسرائيليون، وقانون سادس يحظر دخول متسللين، وقانون سابع يزيد من تدخل الكنيست والسياسيين في تعيين قضاة المحكمة العليا، والمدعي العام.
وقد جلب الليكود هذه القوانين بغية إحداث بلبلة وشرخ في صفوف معسكر التغيير المناوئ لنتنياهو، وجاء بها بطريقة تشبه البازار في السوق. وبالفعل، حصلت جلبة كبيرة خلال المداولات حول القوانين. وأعلن «يمينا» و«أمل جديد» عن تأييدهما لهذه القوانين وصوتا مع الليكود. لكن الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس صوتت ضد هذه القوانين، ومع ذلك جرى تمريرها بأكثرية 16 مقابل 13 نائبا معارضا. وصوتت الكنيست عليها ونالت الأكثرية. لكن هذا التصويت لم يحقق هدف تفتيت المعسكر المناوئ حتى مساء أمس.



تشريع حوثي للتنصل من الالتزام برواتب الموظفين العموميين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تشريع حوثي للتنصل من الالتزام برواتب الموظفين العموميين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

بعد أكثر من 8 سنوات من إيقاف رواتب الموظفين العموميين في مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها؛ أقرت الجماعة الحوثية تشريعاً خاصاً لدعم فاتورة الرواتب وحل مشكلة صغار المودعين، يقضي بالتنصل من الالتزامات المالية تجاه الموظفين، والتمييز بينهم في الحقوق المالية، وفرض جبايات وزيادات جديدة في رسوم الخدمات العامة.

وذكرت مصادر سياسية في صنعاء، أن البرلمان غير الشرعي الذي تسيطر عليه الجماعة الانقلابية أقر مشروع قانون، تقدمت به حكومتها غير المعترف بها، يقضي بتخلي المؤسسات العمومية عن واجباتها المالية تجاه الموظفين، وتخولها فرض إتاوات ومصادرة أموال من المؤسسات والجهات الإيرادية، محذرة من أن مشروع القانون يخلق تمييزاً خطيراً بين مختلف فئات الموظفين.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

ولم يستغرق تمرير القانون أكثر من 3 أيام، وهو ما دأبت عليه الجماعة خلال السنوات الأخيرة، حيث تُعد التشريعات وتقدمها إلى البرلمان غير الشرعي لإقرارها بصفتها إجراءات شكلية فقط لادعاء التزامها بالإجراءات الدستورية.

وحسب المذكرة الإيضاحية للقانون الحوثي، فإن الهدف من هذا التشريع المزمع لا يشمل الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تسيطر عليها الجماعة، في حين يُعطي لأعضاء الحكومة والبرلمان و«مجلس الشورى» وأجهزة القضاء امتيازات مالية أفضل من موظفي باقي المؤسسات الذين سيجري تخفيض رواتبهم وحوافزهم.

وبمقتضى هذا القانون، سيجري فتح حساب خاص باسم وزارة المالية في «البنك المركزي» الخاضع للجماعة في صنعاء، يجري توريد إسهامات شهرية إليه من المؤسسات الإيرادية، وكل موارد «صندوق دعم المعلم والتعليم»، وما نسبته 20 في المائة من إجمالي النفقات والتعزيزات التي يتم صرفها من حساب حكومة الجماعة بشكل شهري، و10 في المائة من تكلفة نفقات البرامج الاستثمارية لوحدات القطاع الاقتصادي العام والهيئات والمصالح المستقلة شهرياً أو ربع سنوي، حسب تعليمات الوزير.

اليمنيون يواجهون أوضاعاً متدهورة في حين يُنفق الحوثيون على مقاتليهم بجمع تبرعات إجبارية (إعلام محلي)

ويقر القانون الحوثي لوزير مالية الجماعة بصلاحيات التحكم بإيرادات ومصروفات الحسابات، وفرض النسب الشهرية على القطاعات الاقتصادية والإيرادية، وسحبها من حساباتها مباشرة في البنوك الحكومية أو الخاصة.

ويوزّع القانون الحوثي الموظفين المستحقين للرواتب إلى ثلاث فئات، تتقاضى الفئة الأولى راتباً كاملاً شهرياً، وهي الفئة التي تتطلّب طبيعة عملها ذلك، ومنها خصوصاً ما يُسمى مجلسا «النواب» و«الشورى» وأجهزة السلطة القضائية، في حين تحصل الفئة الثانية على نصف راتب شهري بصفته حداً أدنى، أما الفئة الثالثة فتحصل على نصف راتب كل ثلاثة أشهر.

وبينما منح القانون وزير مالية الجماعة صلاحية إصدار قرارات بتوزيع هذه الفئات حسب رغبته، رأت مصادر قانونية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التقسيم «سيخضع لاعتبارات طائفية ومناطقية، إلى جانب منح الامتيازات للمقربين من الجماعة».

ومن الجهات الإيرادية التي سيجري الاعتماد عليها في تسديد رواتب الموظفين «صندوق المعلم»، الذي أنشأته الجماعة، وفرضت من خلاله الإتاوات للحصول على إيرادات بحجة تسديد رواتب المعلمين.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وعلى الرغم من مضي 4 سنوات منذ إنشاء الصندوق، ما يزال المعلمون دون رواتب، واضطروا منذ بدء العام الدراسي الماضي إلى الإضراب للمطالبة بها.

ويفرض القانون زيادة الجبايات المفروضة على الخدمات الحكومية، مثل: رسوم المؤسسات الطبية والاتصالات، والرسوم الحكومية، واستصدار الوثائق والبيانات؛ لتغطية إيرادات الجهات الإيرادية التي ستتكفل بتغذية حساب وزارة المالية الخاص بالرواتب.

وتوقعت المصادر القانونية أن يكون هذا القانون «وسيلة من وسائل الجماعة الحوثية للتعامل مع أزمة المحالين إلى التقاعد التي تتوقع ظهورها في الأيام المقبلة، بصفتها جزءاً من برنامج حكومتها التي تسميها حكومة التغيير والبناء، والتي جرى تشكيلها في أغسطس (آب) الماضي، وتهربت في برنامجها من الالتزام بسداد رواتب الموظفين العموميين بشكل منتظم».

إحلال وشيك

وترجح مصادر سياسية وقانونية لـ«الشرق الأوسط» أن تعمل الجماعة الحوثية خلال الأشهر المقبلة على إحالة الآلاف من الموظفين العموميين إلى التقاعد، ضمن إجراءاتها لتغيير هيكل الجهاز الإداري للدولة، بدمج وتقليص عدد من المؤسسات والقطاعات العمومية؛ مما ينتج عنه التخلي عن الكثير من الوظائف وتسريح العاملين فيها.

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وجاء في برنامج الحكومة الحوثية غير المعترف بها، أنها تخطط «للتغلب على التحديات المتمثلة في التراجع الحاد في مستوى الإيرادات، وضغط النفقات العامة الذي أدى إلى تفاقم عجز الموازنة». وهي الموازنة العامة التي لا يُعرف مقدارها أو تفاصيلها، حيث تفرض الجماعة تعتيماً عليها، وتتهم كل من يتساءل أو يتحدث عنها بـ«الخيانة».

وأعلنت الحكومة الانقلابية في برنامجها نيتها لتعزيز ضريبة الدخل، والضريبة العامة على المبيعات، والرسوم الجمركية.

وإلى جانب ذلك، فإن القانون الحوثي يهدف إلى شرعنة إجراءات الجماعة في توظيف أتباعها وإلحاقهم بالجهاز الإداري للدولة، وتسريح الآلاف ممن نزحوا هرباً من ممارساتها أو رفضوا الانصياع لأوامرها وسياساتها.

ووصفت المصادر القانون الحوثي بأنه «تحايل على التزامات الدولة ومؤسساتها تجاه موظفيها، وتحويلها إلى ما يشبه المعونات والمساعدات، في حين أن الرواتب، وفق القوانين والدساتير حول العالم، هي ثوابت من مهام الدولة، ولها موارد محددة لا تخضع لأي إجراءات للتهرب منها، أو تبرير إيقافها».

وأضافت المصادر أن «الانتهاكات الحوثية لحقوق الموظفين العموميين بدأت بقرار منح الجهات الإيرادية صلاحية تغطية نفقاتها وصرف الحوافز لموظفيها حسب تلك الإيرادات، ووفقاً لرؤية القائمين عليها، في حين تم حرمان موظفي الجهات غير الإيرادية من رواتبهم»، مشيرة إلى تحجج الجماعة، عند اتخاذ هذا القرار، بالحرب ومزاعم تعرضها للحصار.

ويحول القرار الحوثي، حسب المصادر ذاتها، جهات الدولة الإيرادية إلى ما يشبه شركات القطاع الخاص، في حين الجهات غير الإيرادية أصبحت بمثابة جمعيات ومؤسسات تطوعية، مع فارق أن موظفي الجهات التطوعية يتقاضون ما يغطي نفقات تطوعهم، في حين ظل موظفو الجهات الحكومية أكثر من 8 سنوات دون رواتب.

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً