«بوادر انقسام» في المجلس الرئاسي والحكومة الليبية بشأن «المرتزقة»

الدبيبة يتعرض لضغوط لإقالة المنقوش بسبب موقفها الرافض لـ«الوجود التركي»

صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى خلال استقباله الوفد التركي بالعاصمة طرابلس أول من أمس
صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى خلال استقباله الوفد التركي بالعاصمة طرابلس أول من أمس
TT

«بوادر انقسام» في المجلس الرئاسي والحكومة الليبية بشأن «المرتزقة»

صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى خلال استقباله الوفد التركي بالعاصمة طرابلس أول من أمس
صورة وزعها مكتب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى خلال استقباله الوفد التركي بالعاصمة طرابلس أول من أمس

كشفت مصادر في السلطة الانتقالية الليبية النقاب عن وجود «تباينات واضحة للعيان وبوادر انقسام» داخل المجلس الرئاسي، الذي يقوده محمد المنفي، وحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بخصوص مستقبل العلاقات مع تركيا، وذلك على خلفية الزيارة التي قام بها وفد تركي رفيع المستوى إلى العاصمة طرابلس.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الانقسام يعود إلى وجود خلافات في وجهات النظر بين الدبيبة ووزيرة خارجيته نجلاء المنقوش من جهة، وبين المنفي والدبيبة من جهة أخرى حيال الطريقة، التي يجب بها التعامل بها مع تركيا لحملها على إنهاء وجودها العسكري، وسحب المرتزقة السوريين الموالين لها من الأراضي الليبية. وكشفت النقاب عن ضغوط يتعرض لها الدبيبة لإقالة المنقوش من منصبها، وسط معلومات غير رسمية عن تلقيها تهديدات هاتفية من بعض المحسوبين على تركيا في معسكر حكومة «الوحدة».
وأظهرت الصور الرسمية لاجتماعات الدبيبة مع الوفد التركي حفاوة استقباله الشخصي والرسمي للوفد، بينما عكست صور اجتماع المنفي مع أعضاء الوفد موقفاً مغايراً.
وأقام الدبيبة مساء أول أمس، مأدبة إفطار للوفد التركي الزائر بأحد فنادق العاصمة، ضم وزيري الخارجية مولود جاويش أوغلو، والدفاع خلوصي أكار، ورئيس الأركان التركي يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، ونائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» أفقان آلا، وسفير تركيا في طرابلس كنعان يلماز. فيما غاب عنها رئيس المجلس الرئاسي.
من جانبه، اكتفى محمد المنفي بالإشارة إلى أنه ناقش مع وزيري الخارجية والدفاع التركيين، خلال اجتماعه بهما مساء أول أمس العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وتحديات المرحلة الانتقالية وسُبل تذليلها.
وتعهّد وزير الدفاع التركي، أمس، بمواصلة بلاده أنشطتها في شرق المتوسط، وفق الاتفاق البحري الموقَّع مع ليبيا، معتبراً محاولات اليونان تجاوز هذا الاتفاق «غير مجدية». وقال خلال لقائه عدداً من قوات بلاده في ليبيا إن أنقرة ستعمل على حفظ السلام في ليبيا حتى انتخابات ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وأن الوجود التركي في ليبيا «مهمّ للغاية» لحماية مصالحها وحقوقها في شرق البحر المتوسط، مشدداً على أن أنقرة «ستستمر في أنشطتها شرقي المتوسط، بما في ذلك اتفاقية مناطق الصلاحية البحرية مع ليبيا». معتبراً أن مساعي اليونان من أجل إبطال هذه الاتفاقية «عقيمة».
في غضون ذلك، تباينت ردود الأفعال بخصوص الخلاف العلني بين وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة مع نظيرها التركي خلال المؤتمر الصحافي المشترك، الذي عقداه مساء أول من أمس بالعاصمة طرابلس، وذلك بعد أن دعت المنقوش تركيا للتعاون مع حكومة الوحدة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ومخرجات مؤتمر برلين، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية في إطار دعم سيادة ليبيا. لكن وزير الخارجية التركي ردّ في المؤتمر الذي أعقب اللقاء مع الدبيبة بقوله إن الدعم المقدَّم من بلاده لقوات حكومة الوفاق السابقة في طرابلس، هو الذي منع وقوع حرب أهلية، وأوقف الحرب بين الأشقاء، وإن بلاده بذلت جهداً مكثفاً لإحلال السلام الدائم والاستقرار والرفاهية بليبيا.
وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي انتشرت معلومات غير رسمية تؤكد تلقي المنقوش تهديدات هاتفية من بعض المحسوبين على تركيا في معسكر حكومة «الوحدة». فيما أيدها بقوة الرافضون للوجود التركي في ليبيا.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.