برلمان تونس في محاولة جديدة لحل «أزمة المحكمة الدستورية»

جانب من جلسات البرلمان التونسي (أ.ف.ب)
جانب من جلسات البرلمان التونسي (أ.ف.ب)
TT

برلمان تونس في محاولة جديدة لحل «أزمة المحكمة الدستورية»

جانب من جلسات البرلمان التونسي (أ.ف.ب)
جانب من جلسات البرلمان التونسي (أ.ف.ب)

بدأ البرلمان التونسي أمس مناقشة ثانية لمشروع القانون الأساسي، المتعلق بالمحكمة الدستورية، بعد رفضه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، وهو ما خلّف جدلاً سياسياً حاداً، خاصة بعد أن قدم الرئيس تبريراً دستورياً مفاده أن الآجال الدستورية لم تحترم وتم تجاوزها.
وتشكل قضية المحكمة الدستورية أحد الخلافات الرئيسية بين الرئيس والبرلمان، حيث يقفان على طرفي نقيض في تأويل النص الدستوري بشأن وضعها. وليس من الواضح ما إذا كان التصويت بالموافقة على مشروع التعديل سيدفع الرئيس سعيد إلى توقيعه لأنه أشار ضمنا إلى عدم دستوريته بسبب خرق الآجال. وقد تسبب غياب المحكمة في عدة مآزق قانونية ودستورية سابقة، بينها التعديل الحكومي المعطل منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، والخلاف حول قيادة الرئيس للقوات المسلحة والأمنية معاً.
وخلال جلسة أمس كان حضور عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، لافتاً للانتباه بعد أن دخلت قاعة الجلسات مرتدية سترة واقية من الرصاص، وواضعة خوذة بيضاء على رأسها، وذلك بعد منع المرافقين الأمنيين لها من دخول البرلمان، وقالت إنها اتخذت هذه الخطوة لأن «حياتها مهددة».
من جهته، قال النائب سمير ديلو، عن حركة النهضة، إن الأزمة «لا تتعلق بمعركة تأويل الدستور، وإنما هي أزمة سياسية، ويجب إيجاد حل لها. والبرلمان لن يمكنه إرغام الرئيس على شيء». في إشارة إلى إمكانية امتناع الرئيس مجدداً عن توقيع القانون.
ولتبديد المخاوف من إمكانية توظيف المحكمة الدستورية لعزل الرئيس سعيد، قال الصحبي عتيق، النائب عن حركة النهضة، إن تعامل سعيد مع مشروع القانون «يدخل ضمن صلاحياته التي منحها له الدستور التونسي، ورئيس الجمهورية يمثل أحد ضمانات تطبيق دستور 2014». مؤكداً أن المحكمة الدستورية «لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال لمواجهة مؤسسة الرئاسة، مثلما يروج له البعض».
في المقابل، اتهم النائب زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة، الائتلاف الحاكم بتنظيم جلسة لمحاكمة رئيس الجمهورية، وقال إن التداول مجدداً في مشروع قانون المحكمة الدستورية في جلسة ثانية «يعدّ خطأ إجرائياً؛ لأن الأصل أن تتم إعادة مشروع القانون إلى لجنة التشريع العام، بعد رده من رئيس الجمهورية، لا أن تتم إعادته للجلسة العامة بغاية واضحة، وهي تخصيصها لمحاكمة رئيس الجمهورية».
ووفق عدد من خبراء القانون الدستوري، فإن البرلمان التونسي بات مطالباً بالمصادقة مرة أخرى على المشروع القانون الأساسي لتنقيح، وإتمام القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية بأغلبية ثلاثة أخماس أعضاء المجلس (131صوتاً)، وفق ما ينص عليه الفصل 81 من الدستور، بعد رده من الرئيس سعيد.
وتتلخص أهم التنقيحات المدخلة على القانون الأساسي للمحكمة الدستورية في إمكانية انتخاب بقية أعضاء المحكمة بأغلبية ثلاثة أخماس، في ثلاث دورات متتالية، إذا لم يتمكن المترشح من الحصول على الأغلبية المطلوبة (145 صوتاً) بعد ثلاث دورات. بالإضافة إلى إلغاء أحكام الفقرة الفرعية الأولى من الفصل 11 من قانون المحكمة الدستورية، المتعلقة بتقديم الكتل النيابية مرشحين لعضوية المحكمة.
ويتوقع عدد من المتابعين للمشهد التونسي أن يحصل القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية على أغلبية ثلاثة أخماس النواب، ليحال من جديد على رئيس الجمهورية، ومن المنتظر أن يحظى بموافقة كتلة النهضة (54 صوتاً)، وحزب قلب تونس (30 صوتاً)، وائتلاف الكرامة (18صوتاً). إضافة إلى كتلة الإصلاح (18 صوتاً) وكتلة تحيا تونس (10 أصوات) والكتلة الوطنية (9 أصوات)؛ وهو ما يجعل عدد الأصوات الداعمة لمشروع هذا القانون في حدود 139 صوتاً.
من جهة أخرى، قال عبد الحميد لجلاصي، القيادي السابق في حركة النهضة، إن حل الأزمة السياسية والدستورية، التي تعيشها تونس حالياً، يكمن بيد حركة النهضة؛ وذلك من خلال تجميعها مختلف الأطراف السياسية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، يكون فيها للنهضة الأغلبية. نافياً أن يكون حل الأزمة بيد رئيس الجمهورية، الذي قال إنه وراء «تغليط الرأي العام، وتقسيم الدولة ورهنها». كما طالب هشام المشيشي رئيس الحكومة بالتخلي عن السلطة ليكون بدوره جزءاً من الحل، خاصة بعد استحالة مواصلة العمل مع رئيس الجمهورية في ظل الصراع الحاد بينهما.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».