الرئيس الإسرائيلي يبدأ مشاوراته مع انتهاء فترة تكليف نتنياهو

تهديدات بقتل رئيس تحالف {يمينا}

TT

الرئيس الإسرائيلي يبدأ مشاوراته مع انتهاء فترة تكليف نتنياهو

في الوقت الذي حاول فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتنياهو، حتى اللحظة الأخيرة، منع سقوط حكمه، لدرجة أنه نظم لقاء بين رئيس القائمة الموحدة للحركة الإسلامية، منصور عبّاس، مع الرئيس الروحي لليمين المتطرف، والصهيونية الدينية، حاييم دروكمان، فقد تلقى رئيس تحالف «يمينا»، نفتالي بنيت، تهديدات بالقتل جعلت المخابرات تضعه تحت حراسة مشددة.
وبنيت أصبح أقوى المرشحين لخلافة نتنياهو، في رئاسة الوزراء، في حال فشلت جهود الليكود في حماية حكمه. وبسبب تقدم جهود بنيت في تشكيل حكومة مع قوى الوسط واليسار تضمن رئاسته للحكومة نصف دورة برلمانية، يناصبه اليمين المتطرف العداء. وتم إرسال عدة رسائل تهدده بالقتل في الأيام الأخيرة، وبسبب جدية هذه التهديدات، تم وضع حراسه مستمرة في منزله بمدينة رعنانا، شمالي تل أبيب، وتم تعزيز الحراسة المرافقة له.
ويأتي هذا التطور مع انتهاء فترة تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، (منتصف ليلة الثلاثاء - الأربعاء)، التي استغرقت 28 يوماً، فشل خلالها في تشكيل حكومة يمين مدعومة من الحركة الإسلامية. ولم يستسلم نتنياهو، حتى الدقيقة الأخيرة، لفشله في تركيب حكومة، وحاول اتخاذ عدة إجراءات لتغيير الواقع والتخريب على معسكر التغيير المناوئ له. وأصبح القرار بيدي رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، ليحسم الخطوات القادمة. ويباشر رفلين من اليوم الأربعاء اتصالاته ومشاوراته مع الأحزاب ليقرر الخطوات القادمة. ومع أن مقربين منه يؤكدون أنه سيتخذ خطوة احتجاجية يعبر فيها عن غضبه من السياسيين الإسرائيليين ويتهمهم بالتهرب من مسؤولية تشكيل حكومة وإلقاء العبء عليه، وسيعيد الكرة إلى ملعبهم ويسلم التكليف إلى الكنيست (البرلمان) ليقرر تشكيل حكومة أو الذهاب إلى الانتخابات للمرة الخامسة، إلا أن هناك من يغلب احتمال أن يلقي مهمة التكليف على يائير لبيد.
ويسعى لبيد من جهته لتوسيع حلقة المؤيدين له، والبالغ حالياً 45 نائباً، وقد توجه إلى القائمتين العربيتين، المشتركة برئاسة النائب أيمن عودة والحركة الإسلامية برئاسة عباس، طالباً الانضمام إلى مجموعة مؤيديه، مقابل التعهد بسن قوانين واتخاذ قرارات لوقف سياسة التمييز العنصري ضد العرب، وتغيير قانون القومية اليهودية ومكافحة العنف وتحريك عملية السلام مع الفلسطينيين. وستعقد القائمة المشتركة جلسة، اليوم الأربعاء، للبت في الموضوع، علماً بأنها لم توص على أي مرشح لرئاسة الحكومة في الجولة الأخيرة من المشاورات.
ويسعى نتنياهو إلى منع الحركة الإسلامية من دعم لبيد، وتثبيتها في حلفه اليميني، إذ نظم اجتماعا غير عادي بين عباس وبين الحاخام دروكمان، المعروف كأحد أشد معارضي تشكيل حكومة بدعم عربي، وهو يقول صراحة إنه لا يريد حكومة يمين مدعومة من العرب مؤيدي الإرهاب، حتى لو سقط حكم اليمين. وقد حاول عباس أن يشرح لدروكمان بأنه ليس مؤيداً للإرهاب وليس معادياً لإسرائيل، وأن كل ما يريده هو تحسين حياة المواطنين العرب وتحصيل حقوقهم في المساواة. وقال دروكمان، أمس، إن لقاءه مع عباس كان جيداً وإن الرجل ترك لديه انطباعاً إيجابياً، وأنه لا يمانع في أن يكون جزءاً من حكومة يمين. ولكن هذا لم يغير رأيه المبدئي في معارضة حكومة تستند استناداً أساساً على العرب. وأضاف: «إن يكون معنا، هذا جيد، ولكن أن يكون سندنا الأساسي في الحكومة وتكون بيده العصمة لإسقاط الحكومة متى يشاء، فهذا غير مقبول».
وقال بتسلئيل سموترتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية التابع لدروكمان، إنه لم يغير رأيه في رفض دعم القائمة الإسلامية. وحتى عندما أعلن عباس شجبه لعملية إطلاق الرصاص على مستوطنين يهود في الضفة الغربية نفذها فلسطيني (زعترة)، لم يغير سموترتش موقفه، وأعلن أنه ما زال يرى في الحركة الإسلامية بقيادة عباس حركة مناصرة للإرهاب. علما بأن موقف عباس هذا، أثار انتقادات واسعة في الضفة الغربية، وفي صفوف المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48).
الجدير ذكره أن معسكر التغيير المناوئ لنتنياهو، تقدم عدة خطوات نحو الاتفاق على تشكيل حكومة تضع حداً لحكمه. فقد تم الاتفاق على أن يتناوب لبيد وبنيت على رئاسة الحكومة، سنة وثلاثة أشهر لكل منهما، على أن يبدأ الاتفاق بنفتالي بنيت. كما اتفقا على تقاسم المناصب في الحكومة، نصفا بنصف، وبقيت هناك خلافات في توزيع بعض الحقائب الوزارية. وبسبب ذلك يهاجم اليمين الإسرائيلي المتطرف نفتالي بنيت، بشدة، ويعتبره خائناً لليمين.
وردت رفيقة بنيت، أييلت شكيد، على الحملة، وهاجمت نتنياهو، واصفة إياه بـ«ديكتاتور مستبد»، وقالت، إن هذا الرجل مهووس بالحكم يغلب مصلحته الشخصية على مصلحة الدولة، وأضافت: «يجب استبدال نتنياهو. أنه على عكس أرئيل شارون. ما يهتم به فقط هو وجوده في رئاسة الحكومة. هذا أمر بالنسبة له فوق كل اعتبار، لذلك يجب أن يذهب من الحكم. إنه شخص مصاب بجنون العظمة للغاية، لذلك هو خائف، يريد البقاء في السلطة والحكم، هو وزوجته، مثل الطغاة، ليسوا مستعدين للرحيل».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.