استهداف مطار بغداد يفضح «تجميد» ضرب «المنطقة الخضراء»

تعرض لصاروخي كاتيوشا أحدهما سقط قربه والآخر تم اعتراضه

البابا فرنسيس لدى استقباله وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في الفاتيكان أمس (إ.ب.أ)
البابا فرنسيس لدى استقباله وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في الفاتيكان أمس (إ.ب.أ)
TT

استهداف مطار بغداد يفضح «تجميد» ضرب «المنطقة الخضراء»

البابا فرنسيس لدى استقباله وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في الفاتيكان أمس (إ.ب.أ)
البابا فرنسيس لدى استقباله وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في الفاتيكان أمس (إ.ب.أ)

فيما استهدف مطار بغداد فجر أمس بصاروخي كاتيوشا سقط أحدهما قرب المطار بينما تم تدمير الآخر قبل سقوطه، تكشف زلات لسان كبار السياسيين وفي المقدمة منهم العاملون في الحقل الدبلوماسي أحيانا الكثير مما هو غاطس أو مسكوت عنه لهذا السبب أو ذاك.
كان الأسبوع الماضي حافلا بزلات من هذا النوع ربما واحدة منها في طريقها للإطاحة بصاحبها، بينما الثانية فضحت ما كان مسكوتا عنه طوال فترة زمنية كثر فيها القيل والقال. بطل الزلة الأولى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أمضى نحو 3 أيام في العراق متنقلا بين بغداد وأربيل على وقع أزمة كانت تتفاعل في بلاده إثر التسريب الصوتي الذي يتحدث فيه بمرارة عن تدخلات الجنرال قاسم سليماني الذي أغتيل بالقرب من مطار بغداد الدولي أوائل عام 2020. ومنذ أن اغتال الأميركيون سليماني بأوامر مباشرة من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تحول مطار بغداد إلى هدف دائم لصواريخ الكاتيوشا حتى بعد انسحاب الأميركيين من موقع قريب له كانوا يستخدمونه لهم قبل انسحابهم منه آواخر العام الماضي. ومع أن زلة لسان ظريف لا تزال تتفاعل في مختلف الأوساط في بلاده، فإن الزلة الثانية كانت على لسان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.
ومثلما أن زلة لسان ظريف، كما يرى الخبراء والمراقبون، قطعت عليه طريق الوصول إلى الرئاسة الإيرانية، حيث الانتخابات على الأبواب، فإن إعلان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في حواره التلفازي الطويل مع قناة «الشرقية» الذي استمر لنحو ساعتين تقريبا بأن عدم استهداف المنطقة الخضراء بالصواريخ إنما هو «عملية تجميد» مقصودة بدا وكأنه فضح مستورا كان الجميع يتجنب الخوض فيه. فالصواريخ التي كانت تسقط على المنطقة الخضراء حيث السفارة الأميركية وبمعدل عدة صواريخ في الأسبوع وأحيانا في اليوم الواحد كانت تمضي جهة أو فصيل مسلح تبنيه لها، بل إن الجميع كان يدينها ولكن كل حسب طريقته في الإدانة. فهناك جهات ترفض عمليات استهداف البعثات الدبلوماسية وتعدها أعمالا متهورة وتؤذي سمعة البلاد وتنتهك سيادتها وهناك جهات أخرى تحاول أن تكون دبلوماسية قدر الإمكان مع أنها في داخلها تؤيد ولو ضمنا عمليات الاستهداف، بينما الفصائل المسلحة التي كثيرا ما تتبرأ من عمليات القصف تتهم أميركا نفسها عن طريق ما تعتبرهم عملاء لها في الداخل بأنهم هم من يقومون بمثل هذه الأعمال لكي يضعوا فصائل «المقاومة»، كما يطلقون عليها، في دائرة الاستهداف الأميركي الدائم. بل هناك من بين تلك الفصائل من يتهم «تنظيم داعش» في القيام بمثل هذه الأعمال، بينما الجميع يعرف أن لـ«داعش» أسلوبه في العمل ليس من بينها حمل الصواريخ على منصات وسط بغداد وبين دور الأهالي بل وفي مناطق بعضها محسومة من حيث الهيمنة على فصائل مسلحة معروفة.
الوزير فؤاد حسين وبعد أن وجد مقدمو البرنامج الثلاثة أنهم عثروا على كنز ثمين حين أعلن أن عدم استهداف الخضراء حاليا لم يكن صدفة وإنما هي عملية «تجميد» مقصودة حاولوا الإلحاح عليه في الكشف عن مزيد من المعلومات بشأن هذا التجميد الذي فضح الكثير مما هو مسكوت عنه وفي مقدمته أن الجهات التي تتبرأ من تهمة إطلاق الصواريخ على الخضراء بعضها على الأقل هي من تقوم بذلك. وبالتالي فإن التجميد إنما تم بموافقة ثلاثة أطراف على الأقل هي: مطلقو الصواريخ الطرف الأول والحكومة العراقية الطرف الثاني وإيران الطرف الثالث. لكن طبقا للمعطيات فإن إيران المسؤولة عن ترتيبات هذه الأوضاع ليست «إيران الدولة» التي حاول ظريف الدفاع عنها في تسجيله الصوتي بل «إيران الثورة» التي يمثلها الآن خليفة سليماني، الجنرال إسماعيل قاآني الذي يزور العراق دائما مثل ظريف أيام كان في أوج مجده قبل التسريب الصوتي. لكن قاآني يأتي دائما في زيارات غير معلنة وأبرزها آخر زيارتين له اللتين جاءتا عقب إطلاق الصواريخ على الخضراء مع بدء تغيير الإدارة الأميركية من جمهورية إلى ديمقراطية.
ومع أن الهدنة التي انعقدت في الزيارة الأولى بقيت هشة فإن الزيارة الثانية قبل أكثر من شهرين هي التي نتجت عنها الهدنة التي لا تزال مستمرة، ويبدو أنها ستكون قابلة للصمود ما دام أن هناك قرارا بالتجميد قد تم التوصل إليه. الأمر الذي قد يكون غير مطلوب إعلانه هو القول بالتجميد، بينما المطلوب دائما هو أن تبقى مثل هذه القضايا مسكوتا عنها حتى لا يتحمل أحد مسؤولية التجميد مع العدو وفي حال انهارت ربما تقع مسؤولية أي استهداف جديد على عاتق الجهة التي خرقت الهدنة.
لذلك فإن استمرار إطلاق الصواريخ على مطار بغداد تحديدا البعيد عن المنطقة الخضراء بل البعيد عن العاصمة نفسها، فضلا عن عدم وجود أميركيين فيه أو بالقرب منه لا يعني سوى شيء واحد وهو إعلان من الجهات التي قد تكون كلها أو بعضها طرفا في الهدنة بأنها موجودة وأنها مستمرة في عملها دون توقف، وأن عدم استهداف الخضراء لا يقع في زاوية التجميد التي أعلنها حسين، وقد تبدو زلة لسان منه، بل هي مجرد عملية تبادل أدوار باتجاه تشتيت عمليات الاستهداف.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).