رئيس الاتحاد الأفريقي يعد بالتدخل لحل نزاع «السد الإثيوبي»

مصر والسودان يواصلان التعريف بالأضرار المباشرة لـ«النهضة»

شبان مصريون يسبحون في مياه النيل قرب القاهرة أمس (أ.ف.ب)
شبان مصريون يسبحون في مياه النيل قرب القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الاتحاد الأفريقي يعد بالتدخل لحل نزاع «السد الإثيوبي»

شبان مصريون يسبحون في مياه النيل قرب القاهرة أمس (أ.ف.ب)
شبان مصريون يسبحون في مياه النيل قرب القاهرة أمس (أ.ف.ب)

أكد رئيس الاتحاد الأفريقي عزمه بذل الجهود اللازمة لإيجاد حل لمشكلة سد النهضة الإثيوبي، يحقق مصالح الأطراف ويخاطب مصالحها، وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والقارة، وذلك عقب لقاء جمعه بوزيرة الخارجية السودانية التي تقوم بجولة أفريقية للترويج لموقف السودان من السد، التي اعتبرت قضية سد النهضة «قضية أمن قومي» بالنسبة للسودان.
وقالت الخارجية السودانية، أمس، إن وزيرتها مريم المهدي، التقت رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطي، التي تترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، ونقلت له رسالة شفوية من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وفي اللقاء، أكدت الوزيرة حرص السودان على علاقاته المتميزة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، وثقته في قدرة الرئيس فيليكس تشيسيكيدي على قيادة الاتحاد الأفريقي في الدورة الحالية، والتعامل بجدية ومسؤولية مع ملف سد النهضة ورعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات.
ونقلت عن الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، تفهمه لموقف السودان، ومطالبه الواضحة، وتأكيده على بذل كل جهده لإيجاد حل للأزمة، بما يخاطب مصالح ومخاوف كل الأطراف، ويحفظ أمن واستقرار المنطقة، ويسهم إيجاباً في أمن واستقرار القارة الأفريقية بأسرها. وأشارت المهدي إلى أن السودان يعطي موضوع الملء الثاني لسد النهضة أقصى درجات الاهتمام، باعتباره قضية أمن قومي تؤثر على حياة ملايين السودانيين على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي، وجددت تمسكها بالتوصل لاتفاق قانوني ملزم وشامل بين الدول الثلاث، على قواعد ملء وتشغيل السد قبل يوليو (تموز) المقبل. وزارت المهدي كلاً من (كينيا، رواندا، أوغندا)، اختتمتها بزيارة الكونغو الديمقراطية، وهي الجولة التي نظمتها الحكومة الانتقالية لكسب التأييد للموقف السوداني من سد النهضة، التقت خلالها رؤساء وزراء خارجية تلك الدول، وقدمت لهم شرحاً مفصلاً عن رؤية وموقف السودان من نزاع سد النهضة، والتمسك بحقه في توقيع اتفاق قانوني ملزم قبل بدء الملء الثاني لبحيرة «سد النهضة». وتقيم إثيوبيا السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ 2011، ووصلت لنحو 80 في المائة من تشييده. وتتحسب مصر والسودان، من تنفيذ إثيوبيا المرحلة الثانية من تعبئة خزان السد في يوليو المقبل. وتطالب دولتا مصب نهر النيل باتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد تشغيل وملء السد، بما يمكّنهما من تجاوز الأضرار المتوقعة للسد، خاصة في أوقات الجفاف.
وعلى مدار الأسابيع الماضية كثفت مصر والسودان، من حملاتهما الإعلامية والدبلوماسية للترويج لقضيتهما دولياً، وتعريف العالم بأضرار السد المتوقعة. ويشير وزير الري السوداني ياسر عباس، إلى أن 20 مليون مواطن على ضفتي النيل يترقبون «كارثة الملء الثاني لسد النهضة».
وأوضح الوزير السوداني، في حوار أجرته معه صحيفة «الشروق» المصرية، نشر أمس: «نُعد سيناريوهات للحد من مخاطر الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق»، مضيفاً: «هناك تهديدات محتملة بعدم قدرتنا على تشغيل سد الروصيرص بسبب إثيوبيا»، وأن السودان سيتحمل خسائر كبيرة حال إصرار إثيوبيا على الملء الثاني دون اتفاق.
وفي السياق ذاته، قال محمد غانم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري المصرية، إن الحكومة المصرية شرعت في تنفيذ خطط للاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة للتعامل مع الأزمة المتوقعة.
وعددت مصر الأضرار المحتملة للسد الإثيوبي، إذا تم ملء وتشغيل السد من جانب واحد، ومنها أضرار اجتماعية واقتصادية وبيئية في اتجاه مجرى النهر في مصر والسودان.
ووفق السفير المصري لدى واشنطن معتز زهران، فإن قطع إمدادات أساسية من المياه من شأنه أن يزيد بشكل كبير من المخاطر التي يشكلها تغير المناخ في المنطقة، خاصة أن مصر تواجه بالفعل نقصاً حاداً في المياه، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستويات سطح البحر.
ونوه معتز في مقال له على موقع «فورين بوليسي» الأميركي، الجمعة الماضي، إلى أن سد النهضة سيكون له أيضاً آثار ضارة على السد العالي في أسوان، وهو سد متعدد الأغراض وأكبر مصدر للطاقة المتجددة في مصر ولا غنى عنه في تأمين الاحتياجات المائية لمصر والسودان، مشيراً إلى أنه وفقاً لبيانات الأمم المتحدة فإن كل انخفاض بنسبة 2 في المائة في المياه المتاحة يؤثر على مليون شخص. وقال السفير المصري إن عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الناجم عن مثل هذه السياسات الأحادية الإثيوبية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في المنطقة. وفشلت آخر جولة من المفاوضات، عقدت مطلع أبريل (نيسان) الماضي، في العاصمة الكونغولية كينشاسا، في التوصل إلى اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن آلية ملء وتشغيل السد.
وجددت إثيوبيا تأكيد عزمها استكمال بناء السد وتنفيذ عملية الملء، بصرف النظر عن استئناف المفاوضات. وقال رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد، أول من أمس، إن سد النهضة «يقترب من الاكتمال». وأضاف: «إثيوبيا تتطلع إلى الملء الثاني لبحيرة السد، بموعده المحدد في يوليو المقبل».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.