بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق يتهم «ساسة فاشلين» بمحاولة النيل منه

رئيسا الجمهورية والوزراء تضامنا معه في مواجهة دعوى قضائية

TT

بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق يتهم «ساسة فاشلين» بمحاولة النيل منه

انتقد بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو، بشدة شخصيات سياسية اتهمها بـ«الفشل» بالوقوف وراء مذكرة الاستقدام الصادرة عن القضاء بحقه وفق المادة 456 من قانون العقوبات وتتعلق بقضايا «الاحتيال».
وقال البطريرك الذي شغل منصبه خلفاً للكاردينال عمانؤيل دلي الثالث عام 2013، في بيان غاضب أصدره تعليقاً على المذكرة، «بحزن وألم تلقيت ما تم نشره في قناة إعلامية رخيصة من دون أن تتحقق من صحة المعلومة والادعاء الذي قدَّمه المدعو مهدي ناجي مهدي مدفوعاً من جهة سياسية معروفة». وأضاف، أن «هذه اتهامات وهمية (فقاعات ومزايدات) وكلام يفتقر إلى الدقة والموضوعية، حتى التشكيك في اسمي الثلاثي واللقب».
وأعرب البطريرك عن أسفه «مما يصدر من بعض السياسيين الفاشلين الذين يسمّون أنفسهم مسيحيين أو كلدان، لكن الكلدان والمسيحية منهم براء، إنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، أو ما يكتبه القومجيون المعقَّدون حتى النخاع، والذين لا يرون أبعد من انفهم».
وفي إشارة لاعتراضات كانت صدرت عن بعض الاتجاهات المسيحية حول زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق في مارس (آذار) الماضي، قال ساكو «كيف يمكن لشخص مسيحي أن يُصرِّح بأن زيارة البابا فرنسيس قسَّمت المسيحيين وهو الذي وحّد العراقيين بشهادة الجميع من داخل وخارج العراق». وفي إشارة أيضاً إلى التباينات والخلافات بين المكونات والمذاهب المسيحية في العراق، قال البطريرك «نحن كنائس تاريخية لها هويتها وخصوصيتها، لا يمكن تذويبها في كنيسة واحدة. أما توحيد الخطاب والمواقف فهذا ممكن، وقد حاولتُ دعوتهم عدة مرات للحوار والتنسيق، لكن لم يحصل؛ لأن ثمة غيرة وحسداً حتى ممن قدمتُ لهم خدمات جليلة». ولفت إلى أن «هناك جهات سياسية تعمل للتسقيط، فأتمنى من الكلدان والمسيحيين ألا يعيرونهم أي اهتمام فهم معروفون بسلوكهم وتصريحاتهم، هذه الأمور ليست جديدة عليّ ولن تخيفني ولن تثنيني عن خدمة كنيستي وبلدي بكل إخلاص مهما كان الثمن».
وقدم البطريرك شكره إلى رئيسي الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمي اللذين اتصلا به وأعربا عن «دعمهما وشجبهما للإساءة التي وجهت ضده».
وشأن بقية الإثنيات والأديان والقوميات، ينقسم المسيحيون العراقيون إلى قوميات عدة (كلدان، أشوريون، أرمن) ومذاهب (كاثوليك، سريان، أرثوذكس). وبرز التنافس الحزبي في السنوات الأخيرة بين تلك المكونات. وتتهم بعض الأطراف المسيحية البطريرك ساكو بالتدخل في الشؤون السياسية والانحياز لبعض الأطراف الكلدانية.
وانحسر الوجود المسيحي في العراق بشكل خطير في السنوات الأخيرة نتيجة أعمال العنف والاختطاف التي طالت كثيراً منهم، وتشير بعض الأرقام شبه الرسمية إلى تواجد نحو 300 ألف مسيحي في العراق من مجموع نحو مليون ونص قبل عام 2003، هاجر معظمهم إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا.
وكان إعلام البطريركية الكلدانية أصدر، أول من أمس، توضيحاً بشأن مذكرة الاستقدام التي صدرت بحق الكاردينال لويس ساكو. وقال إعلام البطريركية في بيان، «قدم المدعو مهدي ناجي مهدي شكوى لدى قاضي تحقيق الكرخ بتاريخ 14 أبريل (نيسان) 2020 بخصوص أرض في البصرة أراد استثمارها». وأضاف «قبيل أكثر من خمس سنوات ادعى مهدي ناجي مهدي وجود أرض تابعة للكنيسة في البصرة بعد مراجعته لدائرة التسجيل العقاري هناك وأنه يرغب استثمارها، وحضر المشتكي إلى مقر الدائرة المالية التابعة للبطريركية لتقديم طلب استثمار لهذه الأرض، فمنحته وكالة خاصة لغرض استخراج صورة السجل العقاري للقطعة المذكورة، ولم يمنح أي نوع من أنواع التصرفات القانونية الأخرى، وثبت عند المراجعة أن قطعة الأرض تلك مسجلة باسم شخص (سعودي) ولا تعود للكنيسة». وتابع البيان «قيل له إن الوكالة انتهى مفعولها وأسقطت، وقد طلب منحه قطعة أرض أخرى من أملاك الكنيسة لاستثمارها، فقيل له ليس للكنيسة أراض للاستثمار، فما ورد في شكواه محض كذب، إنه ابتزاز وتشهير بسمعة الكاردينال والكنيسة الكلدانية».
وبيّن، أن «الشكوى الحالية تبدو بتحريض من جهة سياسية وهي التي حثتهم على نشر الدعوى على قناة (السومرية) وفي وسائل إعلامية أخرى مع اتهامات أخرى لا صحة لها، علماً بأن بيع أملاك الوقف يتطلب موافقات رسمية: موافقة الفاتيكان، البطريرك المتولي وموافقة الحكومة العراقية وتكون عن طريق الاستبدال».
وشدد البيان على أن «البطريرك هو رئيس الكنيسة (الطائفة) يتمتع بشخصية معنوية وله حجة تولية من فخامة رئيس الجمهورية، باعتباره متولياً على عموم أوقاف الكنيسة الكلدانية وأنه لم يبع أرضاً ولا داراً، ولا أي شيء».
بدوره، أعرب زعيم ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي، أمس، عن أسفه لـ«الاتهامات» الموجهة ضد الكاردينال لويس ساكو.
وقال المكتب الإعلامي لعلاوي في بيان «من المؤسف حقاً استمرار حملات التسقيط ضد الرموز الوطنية والدينية لأسباب باتت واضحة للجميع».
وأضاف، أن «ما يتعرض له الكاردينال لويس روفائيل ساكو من توجيه تهم باطله بحقه هو تصرف من جهات مشبوهة تحاول استهداف شخصيات مرموقة لأسباب مغرضة وسياسية».
من ناحية أخرى، التقى وزير الخارجيّة فؤاد حسين قداسة البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، و«قدم له شكر وتقدير الحكومة والشعب العراقي للزيارة التاريخيّة التي قام بها قداسته إلى العراق، ويبحثان مخرجاتها» طبقاً لبيان عن الخارجية العراقية. وأشار حسين بحسب البيان إلى «أهميّة إحياء المناطق الأثريّة في العراق وإعمارها، سيما مدينة أُور في الناصريّة، مُؤكِّداً رغبة الحكومة العراقيّة بدعوة شركات الإعمار والاستثمار للعمل في العراق».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.