«عمليات مشبوهة» تطارد حاكم مصرف لبنان في فرنسا

سلامة قال إن أملاكه موجودة قبل توليه منصبه

TT

«عمليات مشبوهة» تطارد حاكم مصرف لبنان في فرنسا

رفض حاكم المصرف المركزي اللبناني، رياض سلامة، الاتهامات بعمليات شراء مشبوهة لعقارات في فرنسا، موضحاً أنه حصل على ممتلكاته في فرنسا قبل وصوله إلى موقع حاكم مصرف لبنان في عام 1993. وقدمت منظمة «شيربا» المعنية بمكافحة الفساد، شكوى قانونية في فرنسا ضد سلامة بشأن استثمارات في الخارج تشمل عقارات يمتلكها بملايين اليوروهات.
وقالت «شيربا»، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية، في بيان، إنها قدمت الشكوى بالاشتراك مع مجموعة من المحامين يوم الجمعة، وإنها تتعلق بعمليات شراء «مشبوهة» لعقارات في فرنسا.
لكن سلامة رفض تلك التهم، وقال لوكالة «رويترز» إنه أثبت حصوله على مصدر ثروته قبل توليه منصب حاكم مصرف لبنان في 1993، وعرض وثائق في مناسبات عدة تؤكد ذلك. وأضاف: «أعلنت أيضاً أنني حصلت على ممتلكاتي في فرنسا قبل أن أصبح حاكماً للمصرف».
والشكوى هي الأحدث بين شكاوى رُفعت أمام السلطات في أوروبا تتعلق بشبهات فساد في لبنان. ورفض سلامة مزاعم سابقة بالفساد ووصفها بأنها «حملة تشويه». وقالت لورا روسو، مديرة برنامج التدفقات المالية غير المشروعة في «شيربا»، إن أسماء شقيق سلامة وابنه وأحد مساعديه وردت في الشكوى.
وتابعت في تصريح لـ«رويترز»: «نستهدف المكاسب التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة في فرنسا، ونستهدف بشكل خاص الاستثمارات الكبيرة في الخارج التي تمثل الأصول المشبوهة لثروته في فرنسا».
وتوجز الشكوى المؤلفة من 81 صفحة، بشكل عام ما تقول إنها أصول وشركات وأدوات استثمار في أنحاء أوروبا بمئات الملايين بالعملة الأوروبية الموحدة، وتزعم أن سلامة وأفراداً من عائلته ومساعديه استخدموها على مر السنين لتحويل أموال إلى خارج لبنان.
ولم يتسنَّ بعد الحصول على تعليق من المدعي المالي الفرنسي الذي قدمت المنظمة الشكوى إليه بالاشتراك مع رابطة معنية بضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان.
كما تحدد الشكوى نحو 20 سياسياً لبنانياً كبيراً وتشير إلى أن مالكي بنوك ومساهمين يمكن استهدافهم في المستقبل.
ويواجه لبنان أزمة مالية منعت خلالها البنوك معظم التحويلات النقدية إلى الخارج، وحدت من قدرة المودعين على السحب من ودائعهم مع تزايد شح الدولار. وأدى الانهيار إلى تراجع العملة والتخلف عن سداد ديون سيادية وتفاقم الفقر المستشري.
وقالت «شيربا» في البيان: «في نهاية هذا الأمر، سيتعين على فرنسا ضمان عودة الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة لخدمة الصالح العام وتحسين الأوضاع المعيشية للبنانيين وتعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد».
وكانت دعوى قضائية رُفِعت ضد سلامة في سويسرا، ويدعو كثيرون إلى عدم تشويه صورة المصرف المركزي اللبناني.
وأكد الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، في تصريح، أن «النظام اللبناني يتمتع بنظام مالي اقتصادي حر، والقطاع المصرفي اللبناني جزء لا يتجزأ من قطاع الاقتصاد اللبناني»، لافتاً إلى أن «المصارف اللبنانية تقوم بجهود ومبادرات خاصة لإعادة هيكلة ذاتها، بغض النظر عن أي خطة حكومية، التي هي أصلا غير موجودة»، معتبراً أنه «من المهم جداً عدم التشهير بسمعة المصرف المركزي لما له من نتائج سلبية جداً على سمعة لبنان المالية».
وقال فتوح: «إن صندوق النقد الدولي واضح تماماً، على الدولة اللبنانية وضع خطة واضحة لإعادة الأموال التي ستقوم باستدانتها، والقطاع المصرفي اللبناني، قطاع مصرفي عريق، اهتزت صورته اليوم، لكنه لا يزال يتمتع بثقة المجتمع الدولي والمصارف المراسلة العالمية».
وقال إن «مصرف لبنان قام في مرحلة معينة محل الدولة، وقدم قروضاً مدعومة عدة؛ أهمها قرض الإسكان». ولفت إلى أن «التعامل مع المصارف المراسلة من أهم وأخطر الأمور التي يواجهها لبنان حالياً، وعلى جميع المسؤولين الالتزام بالتعاطي المهني والصحيح معها»، لافتاً إلى أن «التحويلات من الخارج ما زالت مستمرة وبلغت نحو 6.9 مليار دولار العام الماضي، نأمل الاستثمار بها في مجالات عدة، من سياحة وتجارة وصناعة، بدل ادخارها في المنازل».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.