الحب شرطاً لقراءة الشعر

الحب شرطاً لقراءة الشعر
TT

الحب شرطاً لقراءة الشعر

الحب شرطاً لقراءة الشعر

الشعر ليس لغزاً. وإذا كان كذلك، فإنه سينتمي إلى أي حقل آخر... حقل كيميائي أو فيزيائي أو رياضي، ولكن بالتأكيد ليس إلى حقل الشعر. لكن الشعر، في الوقت نفسه، لا يخلو من معادلاته الداخلية الخاصة، الني لا تحتاج إلى جهد كبير من القارئ لقراءة شفراتها... إنها تتطلب فقط نوعاً من «الكرم الذاتي» من قبلنا نحن القراء، أي أن ندخل إلى عالم القصيدة بوجداننا وعقولنا، وأن «نمنح» أنفسنا لهذا العالم، حتى نصبح جزءاً منه، أو فنقل أصدقاء له. وبتحقيق ذلك، ستتحول عملية القراءة، كلما توغلنا أكثر في النص، إلى عملية داخلية، وليس خارجية تتم من خلال العينين فقط. ولكن هذا الكرم الذاتي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر قدر معين من التهيؤ والاستعداد، وعبر نوع من تدريب النفس على القراءة. وقد يكون هذا التدريب شاقاً، مثل أي عملية تدريب أخرى، وقبل كل شيء، لا بد أن نفهم ماذا نقرأ، أي نقلب معادلة أبي تمام: «ولماذا لا تفهمون ما تقرأون؟».
في الثقافة الغربية، كثير من الكتب التي تساعدنا على فهم الشعر، وبالتالي تذوقه. ولكن مثل هذه الكتب شبه معدومة في ثقافتنا العربية للأسف. صحيح أن كتبنا التراثية خاصة مليئة بالشروحات، وتفسير المعاني، وشرح المفردات، والمناسبة التي قيلت فيها هذه القصيدة أو تلك، وأغراضها، لكنها لا تأخذ بخطانا خطوة خطوة لدخول عالم القصيدة الداخلي ذاته. إنها تمدنا بأدوات من خارج القصيدة، وتساعدنا على الوصول إلى باب البيت، وليس إلى داخله؛ حيث الظلال المضيئة أو الباهتة، والتناغم أو عدمه بين الكلمات، وكيف استخدمت في هذا الموضع أو ذاك، وكيفية القول، ودلالة الصور الحسية والذهنية، ليس هذا فقط، بل، وهو الأهم، كيف توحدت هذه العناصر وخلقت لنا كائناً جديداً، لا ينتمي لأي عنصر منفرد منها، بل إنها جميعها ذابت فيه، لتمنحها تلك الفرادة التي يتميز بها كل عمل أصيل.
واكتشاف هذه الفرادة مشروط أيضاً بعملية بسيطة وصعبة في آن واحد؛ الحب... أن نقرأ بحب. وبالتأكيد هذا الحب لن يكون من طرف واحد، بل ستبادلنا القصيدة الحب بمثله، وستمنحنا نفسها، ربما بعد بعض تمنّع والتفاف وزوغان، وغموض وإشارات تبدو عصية على الفهم، لكنها تحتاج فقط شيئاً من الصبر والتأني والمعاناة أيضاً، كما مع الحب دائماً.
لقد كنا محظوظين، ونحن فتيان، حين وصلتنا كتب مثل «الشعر...كيف نفهمه ونتذوقه» لإليزابيث درو، بترجمة د. إبراهيم الشوش، و«الشعر التجربة» لأرشيبالد مكليش، بترجمة د. سلمى الخضراء الجيوسي، التي علمتنا، أكثر مما علمتنا المدارس والجامعات، كيف ندخل عالم القصيدة، ونكتشف أسرارنا، وعالمها الداخلي، بدل أن تحجبها عن هذا العالم معاني الكلمات، وحفظ الأبيات كالببغاوات، كما في مدارسنا وجامعاتنا العربية، حتى تلك المختصة بالأدب وفنونه. ولم تتوقف دور النشر الغربية يوماً عن إنتاج مثل هذه الكتب، خاصة في بريطانيا، التي لم تتراجع فيها قراءة الشعر ومكانته الكبيرة في المجتمع، حتى مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى. ومن هذه الكتب، على سبيل المثال: «كيف نقرأ قصيدة» للمفكر والباحث البريطاني تيري إيغلتون، هذا بالإضافة إلى طريقة التعليم ذاتها في المدارس المتوسطة والثانوية، التي يتحاور فيها الطالب مع القصيدة، ذهنياً وروحياً، عبر الدرس والبحث، ليدخل عالمها الفسيح. بهذه الطريقة فقط تمنح القصيدة نفسها فنسكنها... وتسكننا طويلاً.



«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».