خشية يمنية من تحويل صنعاء القديمة إلى «ضاحية حوثية»

منظر عام لصنعاء القديمة (إ.ب.أ)
منظر عام لصنعاء القديمة (إ.ب.أ)
TT

خشية يمنية من تحويل صنعاء القديمة إلى «ضاحية حوثية»

منظر عام لصنعاء القديمة (إ.ب.أ)
منظر عام لصنعاء القديمة (إ.ب.أ)

حين ذهب مراسل إحدى القنوات الموالية لإيران لإعداد تقرير عن أجواء رمضان في صنعاء القديمة لم يكن يدرك أن المدينة الموضوعة على قائمة التراث الإنساني قد تحولت إلى وكر أمني لميليشيات الحوثي، إلا عندما انقض عليه مجموعة من المخبرين بلباس مدني لمنعه من التصوير، وأبلغوه بأن قراراً قد صدر بهذا المنع، وأن بإمكانه إجراء تقرير من أي مكان آخر.
الحادثة التي وقعت في بداية رمضان، تبعها إيقاف المخبرين المنتشرين في أزقة المدينة القديمة، والذين أخضعوا أحد الشبان بينما كان يصور المحلات التجارية والمباني، للاستجواب قبل أن يطلق سراحه بعد تدخل أحد معارفه الذي يعمل مع الحوثيين، لكن ما جرى فتح الباب أمام تساؤلات عديدة عن أسباب هذه القبضة الأمنية ومنع وسائل الإعلام من التصوير، ورصد كل من يقدم على جرم استخدام حتى كاميرا الهاتف، في سابقة لم تعرفها هذه المدينة التاريخية التي يعشق الكثيرون زيارتها وتصوير مبانيها المتفردة بنمطها المعماري.
يخشى مصدران يمنيان في صنعاء مما لاحظاه منذ فترة طويلة، وهو تحويل المدينة القديمة بصنعاء إلى «كانتون» مذهبي على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت، التي حولتها ميليشيات «حزب الله» اللبناني إلى معقل لقادتها.
دفع التضييق الذي بدأت رقعته تتسع على وسائل الإعلام الدولية والمحلية التي لا تتبع الحوثيين في المدينة القديمة إلى تعزيز تلك الشكوك.
وهناك تداول لأحاديث بين مصوري الوكالات الدولية وبعض الوسائل الإعلامية الأخرى «بأن غالبية الصور التي تخرج من صنعاء إن لم تكن هناك رقابة أولية على محتواها فإن معلومات المصورين والعاملين في الإعلام موجودة، وتحركاتهم مرصودة بدقة، ومن الممكن الوصول إليهم عبر العناصر الأمنية الحوثية متى ما استدعت الحاجة إلى ذلك»، وفقاً لأحد العاملين في توفير الدعم اللوجيستي للقنوات والوكالات في صنعاء. ولا تستطيع المصادر المخاطرة بذكر اسمها خشية استهداف الحوثيين، لكن ما قاله المصدر يبرر حضور الصور المختلفة لوكالات الأنباء الدولية والتي توزع بشكل شبه يومي.
وإذا كانت الميليشيات الحوثية ومنذ بداية الألفية الثانية قد اختارت الجامع الكبير في صنعاء القديمة موقعاً لإرسال المراهقين لترديد صرختهم عقب صلاة الجمعة التي تنقل مباشرة عبر القنوات التلفزيون الحكومية وهو ما يمكنهم من إعلان وجودهم فإن المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» تشير إلى أن طهران بدأت العمل مبكراً على تحويلها إلى جيب موالٍ لها، حيث ظهرت أول جماعة توالي إيران و«حزب الله» اللبناني في عام 2006 باسم شباب صنعاء، وكانت ترفع صور حسن نصر الله زعيم الحزب المصنف إرهابياً وأعلامه.
ومع أن الميليشيات استمرت سنين في الترويج للمدينة باعتبارها حياً مغلقاً مذهبياً، إلا أن الصراع بين أجنحتها المنتمين لمحافظة صعدة والمنتمين لصنعاء خلق شرخاً واسعاً بين الجناحين؛ فالمنتمون لصنعاء يحبون الرفاهية والأموال والحكم كما يصنفهم القادمون من صعدة، الذين يرون في أنفسهم مقاتلين مخلصين لم يعرفوا النعيم ويزعمون أنهم لا يسعون إليه، غير أن هذا الوضع تغير مع وصول حسين إيرلو «السفير» الإيراني المزعوم أو ما يسميه يمنيون «الحاكم العسكري» للحوثيين الذي دخل صنعاء عبر التهريب.
تقول المصادر إن إيرلو بدأ بالعمل على تحويل المدينة القديمة إلى منطقة مغلقة بدلاً من حي الجراف القريب من المطار والذي كان يمثل الجيب الحوثي في صنعاء منذ فترة ما قبل الانقلاب.
ويرجع مطلعون استناد إيرلو في اختياره المدينة القديمة إلى حاجة الموقع الحوثي الجديد إلى «بيئة اجتماعية مساندة إلى جانب سهولة السيطرة الأمنية»، إذ تنفصل المدينة القديمة تماماً عن بقية أحياء العاصمة اليمنية المختطفة، وإن وجدت منافذ إلى بقية الأحياء فهي كانت أبواباً هدمت بعد قيام الجمهورية في ستينات القرن الماضي، فضلاً عن أن العائلات التي تسكن المدينة القديمة تعرف بعضها البعض، وهو ما يسهل رصد أي غريب، كما أن الوضع التاريخي لصنعاء القديمة والحضور العالمي لها يجعلان من الصعب استهداف أي موقع يختبئ فيه قادة الميليشيات حتى إن تم رصدهم.
ولم تستبعد المصادر أن زعيم الميليشيات وقادة الجناح العسكري والخبراء الإيرانيين والتابعين لميليشيات «حزب الله» يتخذونها مكاناً للاختباء من رصد تحالف دعم الشرعية، خاصة مع إمساك أنباء تتداولها الأوساط اليمنية عن إمساك إيرلو الإيراني بزمام إدارة الشأنين السياسي والعسكري للجماعة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.