المغرب يدعم متضرري الجائحة بـ2.15 مليار دولار

نحو 10 ملايين شخص تلقوا اللقاح

المغرب يدعم متضرري الجائحة بـ2.15 مليار دولار
TT

المغرب يدعم متضرري الجائحة بـ2.15 مليار دولار

المغرب يدعم متضرري الجائحة بـ2.15 مليار دولار

تواصل السلطات المغربية مكافحة فيروس «كورونا» وتداعياته على أكثر من صعيد، إذ بلغ ما أنفقته لدعم العمال المتضررين من الجائحة 2.15 مليار دولار، في حين لامس عدد الذين تلقوا اللقاح جرعة وجرعتين، العشرة ملايين.
وقال وزير التشغيل والإدماج المهني المغربي محمد أمكراز، بمناسبة الاحتفال بيوم العمال العالمي مساء أول من أمس (الجمعة)، إن الحكومة صرفت ما يناهز 21.5 مليار درهم (2.15 مليار دولار) خلال سنة واحدة، بدءاً من مارس (آذار) 2020 حتى نهاية مارس الماضي، وذلك لدعم العمال المتضررين من جائحة «كورونا». وأضاف أن الأمر يتعلق بنوعين من العمال؛ الأول يتعلق بالأجراء المسجلين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين استفاد منهم مليون و111 ألفاً و96 عاملاً، بمبلغ إجمالي يزيد على 6.2 مليار درهم (620 مليون دولار). والثاني يتعلق بالعمال المشتغلين في القطاع غير المنظم وعددهم 5.5 مليون مستفيد بمبلغ إجمالي يتجاوز 16 مليار درهم (1.6 مليار دولار).
وأوضح أمكراز أنه جرى «تمديد» الدعم الذي وفرته الحكومة للقطاعات المتضـررة من الأزمة وللأجراء المنتمين لقطاعات (السياحة، والتظاهرات والحفلات، الألعاب والترفيه، ودور الحضانة، والصناعات الثقافية والإبداعية، والقاعات الرياضية، ومقاولات المناولة، والمطاعم)، وذلك ما بين يوليو (تموز) 2020 ويونيو (حزيران) 2021.
يأتي ذلك في وقت قررت فيه الحكومة إلغاء الاحتفالات بيوم العمال على غرار السنة الماضية، في سياق التدابير الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا».
وقال أمكراز إن «الاحتفاء بيوم العمال هذه السنة يأتي في ظل سياق دولي ووطني لا يزال يعيش تحت وطأة جائحة (كوفيد 19) غير المسبوقة». لكنه أوضح أنه رغم تفشـي الجائحة وتكلفتها الاقتصادية والاجتماعية، فإن الحكومة واصلت تنفيذ الالتزامات المترتبة عن «الاتفاق الاجتماعي» بين الحكومة والنقابات في 25 أبريل (نيسان) 2019، الذي يمتد تنفيذه لثلاث سنوات. ومن أبرز بنود هذا الاتفاق الزيادة في الأجور. وأشار إلى أن الالتزامات المالية للحكومة بخصوص الاتفاق المذكور بلغت ما مجموعه 14.25 مليار درهم (1.425 مليار دولار).
من جهة أخرى، أشار أمكراز إلى إطلاق «الورش الاستراتيجي» لتعميم الحماية الاجتماعية من طرف الملك محمد السادس، حيث جرى إصدار القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وجرى وضع جدولة زمنية «لتعميم الحماية الاجتماعية الشاملة بشكل تدريجي على مدى 5 سنوات»، و«تشمل بصفة مباشرة كافة المواطنين»، بحيث سيجري تعميم التغطية الصحية الإجبارية خلال سنتي 2021 و2022، ثم تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024. وتوسيع الانخراط في نظام التقاعد لفائدة الأشخاص الذين يمارسون عملاً، ولا يستفيدون من معاش، خلال سنة 2025. وأخيراً تعميم التعويض عن فقدان العمل بالنسبة للمغاربة الذين يتوفرون على عمل قارّ خلال سنة 2025.
وقال الوزير المغربي إن الدولة ستتحمل تكاليف الاشتراكات بالنسبة لـ11 مليون منخرط في نظام المساعدة الطبية الحالي، المعروف اختصار باسم «راميد»، الذي يهم الفئات الهشة والفقيرة بكلفة سنوية تناهز 9 مليارات درهم (900 مليون دولار).
كما ستستفيد الأسر المعوزة، أو التي توجد في وضعية هشاشة سواء كانت تتوفر على أطفال أم لا، من تعويضات بناء على استهداف أكثر فعالية يعتمد نظام «السجل الاجتماعي الموحد» (نظام جديد للدعم) بتكلفة تصل إلى نحو 14.5 مليار درهم (1.45 مليار دولار). وعلى مستوى تدبير العلاقات المهنية وتتبع المناخ الاجتماعي داخل الوحدات الإنتاجية، كشف الوزير أمكراز أن مفتشي الشغل تمكنوا خلال سنة 2020 من معالجة 63 ألفاً و235 نزاعاً فردياً، وتم إيجاد تسوية لـ74 ألفاً و181 شكوى من أصل 145 ألفاً و674 شكوى أي بنسبة تسوية بلغت 50.92 في المائة، كما مكنت تدخلات أعوان تفتيش الشغل من استرجاع مبلغ مليار و917 مليون درهم (191.7مليون دولار) لفائدة الأجراء المشتكين، وكذا إرجاع 5016 أجيراً مطروداً إلى مناصب عملهم، كما جرى تفادي 1950 إضراباً في 1715 مؤسسة.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة المغربية مساء أول من أمس أن عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس «كوفيد - 19» بلغ 5 ملايين و54 ألفاً و642 شخصاً، فيما وصل عدد من تلقوا الجرعة الثانية إلى 4 ملايين و260 ألفاً و412 شخصاً.
وكشفت الوزارة في نشرتها اليومية لنتائج الرصد الوبائي لـ«كوفيد - 19»، عن تسجيل 363 حالة إصابة جديدة بفيروس «كورونا المستجد» و516 حالة شفاء، و3 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأبرزت أن الحصيلة الجديدة للإصابات بالفيروس رفعت العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالبلاد إلى 511 ألفاً و249 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس (آذار) 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 497 ألفاً و621 حالات، بنسبة تعافٍ تبلغ 97.3 في المائة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 9023 حالة، بنسبة فتك قدرها 8.1 في المائة.
وتتوزع حالات الإصابة المسجلة خلال الـ24 ساعة الأخيرة عبر جهات المملكة بين الدار البيضاء - سطات (253)، ومراكش آسفي (32)، والرباط سلا القنيطرة (25)، وطنجة تطوان الحسيمة (13)، والعيون الساقية الحمراء (11)، والداخلة وادي الذهب (9)، وسوس ماسة (8)، والشرق (4)، وكلميم واد نون (3)، و(2) بكل من جهتي بني ملال خنيفرة ودرعة تافيلالت، وحالة واحدة بفاس مكناس.
وتتوزع الوفيات على حالتين بالدار البيضاء - سطات، وحالة واحدة بجهة الداخلة وادي الذهب.
وبحسب النشرة، أصبح مؤشر الإصابة التراكمي بالمغرب يبلغ 1405.6 إصابة لكل مائة ألف نسمة، بمؤشر إصابة يبلغ 1 لكل مائة ألف نسمة خلال الـ24 ساعة الماضية، فيما يصل مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج حالياً إلى 4605 حالة. وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال الـ24 ساعة الأخيرة، 32 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 329 حالة، 16 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي، و194 تحت التنفس الاصطناعي غير الاختراقي. أما معدل ملء أسرّة الإنعاش المخصصة لـ«كوفيد - 19»، فقد بلغ 4.10 في المائة.


مقالات ذات صلة

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

صحتك سجَّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة «كورونا» في أوروبا إذ حصد «كوفيد-19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

يتوقع خبراء استمرار «كوفيد-19» في 2026، مع هيمنة متحوِّرات «أوميكرون» وأعراض مألوفة، محذِّرين من التهاون.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)

دراسة مصرية تثبت قدرة أدوية الالتهاب الكبدي على الحد من وفيات «كوفيد - 19»

كشفت دراسة طبية مصرية عن نجاح دواء يستخدم في علاج مرضى فيروس (التهاب الكبدي الوبائي سي) في الحد من مضاعفات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» المعروف بـ«كورونا»

نصري عصمت (لندن)
أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.