في حين تواصل الهند تحطيم كل الأرقام القياسية في عدد الوفيات والإصابات اليومية الناجمة عن «كوفيد - 19»، وتغرق مستشفياتها ومدنها الكبرى في مشاهد مأساوية من العذاب والموت والعجز عن معالجة آلاف المصابين الذين يتوسلون الدواء والأكسجين في الشوارع وعلى أبواب العيادات الطبية، جددت منظمة الصحة العالمية، أمس (السبت)، تحذيرها من التفاقم السريع للمشهد الوبائي في أميركا اللاتينية التي تقف منظوماتها الصحية على شفا الانهيار بعد موجة السريان الخطرة التي تهب عليها منذ أواسط الشهر الماضي.
وأفاد المكتب الإقليمي للمنظمة بأن 25 في المائة من الوفيات العالمية الناجمة عن الوباء خلال الأسبوع الفائت سُجلت في أميركا اللاتينية، وأن بلداناً مثل البيرو والإكوادور وبوليفيا والأرجنتين وأوروغواي تشهد معدلات سريان قياسية، فيما لم تعد المنظومة الصحية في كولومبيا قادرة على استيعاب مزيد من الإصابات التي ينتظر أن تبلغ ذروتها في الأيام المقبلة. وقال خبراء المنظمة إن الوضع في البرازيل ما زال يشكل مصدر القلق الرئيسي في المنطقة، مع احتمال تفاقم للمشهد في المكسيك والأرجنتين، في ضوء أرقام الإصابات خلال الأيام العشرة الماضية. وحذر الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز مواطنيه، أمس، من أن الأسابيع المقبلة ستكون قاسية جداً، معلناً تمديد القيود وتدابير العزل والاحتواء وإقفال المدارس في العاصمة بوينس آيرس حتى نهاية الشهر الحالي. وفي المكسيك، حيث تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن «كوفيد - 19» 217 الفاً، تواجه المستشفيات ضغوطاً متزايدة بعد الارتفاع المطرد الذي شهدته الإصابات الجديدة منذ منتصف الشهر الماضي، ما دعا الحكومة إلى تمديد تدابير العزل لفترة 3 أسابيع إضافية، وتكليف القوات المسلحة بمراقبة تنفيذها في العاصمة والمدن الكبرى.
وفي البرازيل التي تعيش منذ أيام حالة من الهلع إزاء انفجار عدد الإصابات اليومية والوفيات التي تجاوزت عتبة الـ400 ألف منذ بداية الجائحة، منها 100 ألف في الشهر الماضي فحسب، قررت محكمة خاصة من قضاة وأعضاء في البرلمان عزل حاكم ولاية ريو دي جانيرو المقرب من رئيس الجمهورية جايير بولسونارو، بسبب الفساد في إدارة الأزمة الصحية في هذه الولاية التي سجلت حتى الآن ما يزيد على 45 ألف حالة وفاة. ويأتي هذا القرار في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الشيوخ إدارة الحكومة للأزمة، وترتفع الأصوات المطالبة بمحاكمة بولسونارو وعزله من منصبه.
وفيما تكرر منظمة الصحة تحذيراتها من تكرار الحالة الهندية في مناطق أخرى من العالم، تشدد على ضرورة الإسراع في تقديم المساعدة إلى الهند المهددة بكارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة بعد أن تجاوزت الإصابات الجديدة المؤكدة 400 ألف في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، علماً بأنها كانت قد قفزت فوق 300 ألف منذ أسبوع واحد فقط. ويرجح خبراء المنظمة أن يكون العدد الفعلي للإصابات أكثر من ذلك بكثير، نظراً لضعف قدرات المنظومة الصحية على رصدها، وفي ضوء تقارير منظمات الإغاثة التي تكرر نداءاتها للمساعدة.
ويقول ناطق بلسان منظمة «أوكسفام» إن المنظومة الصحية في الهند أصبحت عاجزة عن تقديم أبسط العناية للمصابين الجدد الذين يتهافتون على المستشفيات، وباتت في حال من الاستسلام أمام جسامة الكارثة.
وبعد التدابير التي اتخذتها الدول الأوروبية بوقف الرحلات الجوية مع الهند، وفرض إجراءات العزل والفحص والحجر الصحي على الذين وفدوا منها خلال الأسبوعين الماضيين، تتوالى نداءات الاستغاثة من المواطنين الأوروبيين في الهند لمساعدتهم على الخروج أو توفير العلاج للمصابين بينهم. ويتحدث بعض هؤلاء، في شهاداتهم إلى وسائل الإعلام ورسائلهم إلى ذويهم، عن «جحيم متجول في الشوارع التي تُحرق الجثث بالعشرات على نواصيها... والخوف من تسمم الهواء بسبب الدخان الكثيف المنبعث منها». وتتحدث شهادات أخرى من دلهي عن «مستشفيات يتكدس المرضى في أروقتها، وطواقم طبية يعتريها الذهول أمام هول المشهد والعجز عن المساعدة».
وكانت الحكومات الأوروبية التي تستعد للمباشرة في تنفيذ خطط العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، مع تسارع وتيرة حملات التلقيح التي ينتظر أن تبلغ تغطيتها 70 في المائة من السكان البالغين قبل نهاية موسم الصيف المقبل، قد قررت تعليق جميع الرحلات المباشرة مع الهند بعد أن تأكد وجود الطفرة الهندية في 22 دولة. كما أن بلداناً مثل إيطاليا قررت أيضاً وقف الرحلات الجوية مع بنغلاديش وسريلانكا، حيث إن فيها أعداداً كبيرة من مواطني هذين البلدين، وغالباً ما يعبرون عن طريق الهند للوصول إليها.
وأفاد ناطق بلسان منظمة الصحة، أمس، بأن المنظمة وافقت على استخدام لقاح «مودرنا» الأميركي للحالات الطارئة، ليصبح بذلك رابع لقاح يحصل على الضوء الأخضر، بعد «فايزر» و«أسترازينيكا» و«جانسين»، ضمن مجموعة لقاحات برنامج «كوفاكس» الذي تشرف عليه المنظمة لتوزيع اللقاحات على البلدان الفقيرة والنامية.
تجدر الإشارة إلى أن المنظمة الدولية ما زالت تجري مراجعات مماثلة على اللقاحين الصينيين «سينوفارم» و«سينوفاك»، وعلى اللقاح الروسي «سبوتنيك»، لكنها لم تصدر حتى الآن أي تقويم بشأن هذه اللقاحات، علماً بأن مراجعتها اللقاحين الصينيين بدأت قبل شهرين تقريباً من مراجعة لقاح «مودرنا».
قلق متزايد من الوضع في الهند وأميركا اللاتينية
بوادر انفراج في أوروبا
قلق متزايد من الوضع في الهند وأميركا اللاتينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة