تعاظم نفوذ الحوثيين الموالين لـ«الحرس» بدعم من طهران

عنصر أمن حوثي يجلس على سور قرب مسجد في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر أمن حوثي يجلس على سور قرب مسجد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تعاظم نفوذ الحوثيين الموالين لـ«الحرس» بدعم من طهران

عنصر أمن حوثي يجلس على سور قرب مسجد في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر أمن حوثي يجلس على سور قرب مسجد في صنعاء (إ.ب.أ)

بعد ما يقارب نصف عام من تهريب القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو إلى اليمن، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن القيادي الإيراني تمكن من تقليص دور الجناح الذي يوصف بـ«المعتدل» في قيادة الميليشيات الحوثية وتعزيز هيمنة التيار المرتبط بطهران والذي يتزعمه المتطرفون في الجماعة أمثال عبد الكريم الحوثي الذي يشغل موقع وزير الداخلية في حكومة الميليشيات وهو أيضاً عم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ومعه أحمد حامد الذي يشغل مدير مكتب رئيس حكم الانقلاب ويتولى عملياً إدارة كل مفاصل المؤسسات، ومعهما مجموعة الجناح العسكري.
مصادر سياسية قريبة من قيادات الميليشيات ومطلعة على كثير من تفاصيل صراع النفوذ بين أجنحتها ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أنه منذ وصول القائد في الحرس الثوري إلى صنعاء تحت مسمى «سفير» عمل بنشاط متواصل من أجل إزاحة كل الأطراف والأشخاص الذين لا يرتبطون بشكلٍ مباشر بالحرس الثوري و«حزب الله» اللبناني.
كما عمل وفق المصادر نفسها على إزاحة كل من قدموا أنفسهم للمنظمات الأممية والبعثات الدبلوماسية بوصفهم «جناحاً معتدلاً لا يتبنى صراحةً فكرة تطبيق التجربة الإيرانية في الحكم إلى اليمن، إلى جانب أولئك الذين يدعون أنهم يسعون للتخفيف من القمع الذي طال مَن لا يتفقون مع أداء الميليشيات، وهذا الاتجاه يقوده محمد علي الحوثي عضو مجلس حكم الانقلاب ورئيس ما تسمى اللجنة الثورية العليا».
المصادر تحدثت عن تولي الحرس الثوري الإشراف المباشر على إدارة الشأن السياسي إلى جانب العسكري، وقالت إن إيرلو «قصقص أجنحة ذلك الجناح، ودفع به نحو ممارسة دور ثانوي في إدارة المؤسسات الانقلابية من خلال إيجاد شكل وهمي غير دستوري اسمه المنظومة العدلية ووضع على رأسها محمد الحوثي حيث تتولى هذه الهيئة مراجعة ملفات الأراضي وملكيتها ومراقبة أداء الأمناء الشرعيين المكلفين بتحرير عقود البيع والشراء، وهو ملف شائك ويمتد عمره إلى أكثر من 50 عاماً وتعددت فيه ادّعاء الملكيات والبيع وغيرها».
ويقول أحد المصادر: «بين فترة وأخرى يحاول محمد الحوثي التذكير بحضوره في الشأن السياسي من خلال تغريدات عن تطورات القتال في الجبهات أو منشورات عمومية تطالب بأن يقبل التحالف والشرعية ما سماها مبادرته لوقف الحرب، وهي المطالب التي وضعها قبل عام ولم يناقشها أحد بمن فيهم مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن مارتن غريفيث».
ويؤكد مصدر ثان، أنه ومنذ ما بعد وصول إيرلو إلى صنعاء بثلاثة أشهر أعيد ملف المفاوضات إلى الجناح الذي تربى على يد عناصر الحرس الثوري وميليشيات «حزب الله» اللبناني والذي يمثله في هذا الجانب عبد السلام فليتة (محمد عبد السلام) وهو المتحدث باسم الجماعة ومفاوضها الرئيسي والحاكم الفعلي لخارجية الانقلاب.
وذكر مصدر ثالث أن فليتة وعبد الكريم الحوثي وأحمد حامد من كبار قادة الجماعة المرتبطين بالحرس الثوري الإيراني منذ نعومة أظافرهم، وقال المصدر نفسه إن صلاح فليتة وهو والد محمد عبد السلام اعتُقل في منتصف الثمانينات بتهمة العمالة لإيران والسعي لتأسيس فرع لـ«حزب الله» في اليمن.
وتعتقد المصادر أن صلاح فليتة رافق بدر الدين الحوثي في أول زيارة له إلى «قم» في إيران في عام 1985، كما تعتقد أن هذه المجموعة هي التي تتحكم بعبد الملك الحوثي وتديره حسب التوجيهات التي كانت تتلقاها سابقاً من مندوب «حزب الله» والحرس الثوري في بيروت قبل أن ينتقل القرار السياسي إلى الداخل بوصول ممثل الحرس الثوري.
كان فريق الخبراء الدوليين قد أكدوا في أحدث تقرير لهم عن مدى تنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن اليمن، أن محمد علي الحوثي يترأس أحد الأجنحة المتصارعة في صنعاء وأن لديه تشكيلاً أمنياً وعسكرياً خاصاً، وبالمثل يفعل منافسه القوي عبد الكريم الحوثي، ويزاحمهم في ذلك أحمد حامد.
وأكدت ليز غراندي المديرة السابقة لمكتب الأمم المتحدة «أوتشا» في اليمن، أن ميليشيات الحوثي عملت على إحداث مؤسسات موازية لجميع مؤسسات الدولة وقالت في شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي إن الميليشيات أنشأت «مؤسسات موازية، يعمل بها الحوثيون حصرياً، للقيام بمهام رئيسية بما في ذلك حفظ الأمن والأمن الداخلي، ويتم الآن تحويل جميع الإيرادات العامة تقريباً بشكل مباشر إلى المؤسسات الخاضعة لسيطرة الحركة، بما في ذلك فرع البنك المركزي بصنعاء».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».