مصر والسودان يطالبان بتدخل أميركا لحل النزاع حول «سد النهضة»

السفير المصري في واشنطن يحذّر من مشاكل تصحّر وتغيّر مناخي وهجرة غير شرعية للغرب

صورة حديثة بالأقمار الصناعية لـ«سد النهضة» الإثيوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
صورة حديثة بالأقمار الصناعية لـ«سد النهضة» الإثيوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

مصر والسودان يطالبان بتدخل أميركا لحل النزاع حول «سد النهضة»

صورة حديثة بالأقمار الصناعية لـ«سد النهضة» الإثيوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
صورة حديثة بالأقمار الصناعية لـ«سد النهضة» الإثيوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

كثفت كل من مصر والسودان الجهود الدبلوماسية لدى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة، للتدخل والتوسط لحل النزاع بشأن «سد النهضة» محذرين من تصاعد التوترات مع إقدام إثيوبيا على عملية ملء ثانية لخزان السد بشكل أحادي دون اتفاق مسبق.
ووجه وزير الخارجية المصري سامح شكري رسالة إلى مجلس الأمن يحثه فيها على إقناع إثيوبيا بعد اتخاذ أي إجراء بشأن السد، قبل التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا مع مصر والسودان. وحذر أن عدم التوصل إلى توافق من شأنه أن يضر بمصالح وأمن مصر والسودان المائي، ويزيد التوتر في جميع أنحاء شرق أفريقيا والقرن الأفريقي ويشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين. فيما هدد وزير الري السوداني ياسر عباس بإحالة النزاع إلى مجلس الأمن إذا بدأت إثيوبيا ملء السد مرة أخرى، دون اتفاق بين الدول الثلاث. وقالت مصادر دبلوماسية إن هذا الخطاب يمهد الطريق لطلب تدخل مجلس الأمن. وزار وزير الخارجية المصرية سامح شكري ست دول أفريقيا (جنوب أفريقيا وتونس وكينيا والسنغال والكونغو وجزر القمر) مطالبا بعقد اجتماع لمكتب الاتحاد الأفريقي لرسم مسار للمضي قدما وألمح خلال النقاشات إلى إمكانية التوجه إلى مجلس الأمن.
وفشلت جهود الاتحاد الأفريقي لإبرام اتفاق في الخامس من أبريل (نيسان) الماضي، في كينشاسا دون اتفاق عن كيفية إدارة السد وتخزين المياه. وتسعى كل من مصر والسودان إلى اتفاق ملزم حول تشغيل السد وسرعة ملئه وكمية المياه، التي يتم إطلاقها في فترات الجفاف الطويلة، وآلية حل النزاعات فيما رفضت إثيوبيا الالتزام بأي حلول لتشغيل السد، وتصاعدت التوترات دون مؤشرات على استئناف وشيك للمفاوضات. وقال السفير المصري لدى واشنطن، معتز زهران، إن «الولايات المتحدة الأميركية وحدها تستطيع (إنقاذ) مفاوضات (سد النهضة) في الوقت الراهن». ونشر السفير المصري لدى الولايات المتحدة معتز زهران مقالا بمجلة «فورين أفيرز» أول من أمس موجها رسالة مباشرة لإدارة الرئيس بايدن بالتدخل لإنفاذ المفاوضات. مؤكدا أن واشنطن وحدها تستطيع خفض هذا التوتر والتوسط للوصول إلى حل سلمي يمنع الاضطرابات في المنطقة. مشيرا إلى أن أي اضطرابات قد تسعى قوى التطرف والإرهاب إلى استغلالها.
وقال السفير المصري إن الولايات المتحدة تمتلك النفوذ اللازم لتشجيع إثيوبيا على الانخراط بنجاح وحسن نية في مفاوضات «سد النهضة» والامتناع عن الإجراءات الأحادية وتحقيق مصالح ذاتية ضيقة تضر بالمصالح المشروعة لجيرانها.
وطالب بتدخل من الشركاء الدوليين بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لدعم عملية الوساطة التي يقودها الاتحاد الأفريقي. مشددا على أن هذا التدخل سيكون له قيمة كبيرة في جعل المفاوضات تؤتي ثمارها في أقرب وقت ممكن. وقال زهران إنه من خلال الدبلوماسية يمكن لإدارة بايدن إعادة ضبط المفاوضات المتعثرة وتحقيق حل عادل لجميع الأطراف. موضحا أن الولايات المتحدة بذلك تحمي مصالحها الاستراتيجية مع ثلاثة حلفاء إقليميين مهمين. ولوح السفير بالمخاطر التي يمكن أن تنجم قائلا «إن التاريخ يظهر أنه يمكن لنزاع واحد أن تكون له آثار ضارة تزعزع استقرار المنطقة وتصل إلى الحلفاء في الغرب، وسيؤدي الفشل في حل مشكلة سد النهضة إلى تسريع الآثار المدمرة لتغير المناخ في المنطقة وإطلاق موجة من الهجرة غير الشرعية إلى الغرب وفتح الباب أمام صراعات جديدة وصعود للإرهاب في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا».
وسرد السفير المصري في مقاله المخاطر التي تواجه مصر والسودان وقال «إذا تم ملء وتشغيل السد من جانب واحد فقط فسيتسبب في إلحاق أضرار اجتماعية واقتصادية وبيئية لا تحصى في مصر والسودان، وقد انتهكت إثيوبيا معاهدة عام 2015 وقامت بعملية ملء أولي للسد وتمضي حاليا إلى مرحلة ثانية كبيرة من ملء الخزان خلال هذا الصيف، ورفض الدعوات إلى حل عادل».
وأشار زهران إلى دراسة هولندية أوضحت أن ملء سد النهضة من جانب واحد سيؤدي إلى نقص المياه في مصر بأكثر من 123 مليار متر مكعب بما سيؤدي إلى تدمير أكثر من 321 ألف فدان من الأراضي المزروعة، وزيادة 150 مليون دولار في الواردات الغذائية، وخسارة 430 مليون دولار من الإنتاج الزراعي. وحذر زهران أن عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الناجم عن مثل هذه السياسات الأحادية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في المنطقة.
ودعت السودان لمفاوضات برعاية رباعية من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي كبديل للرعاية الأفريقية الحالية، وتؤيد مصر المطلب السوداني وترفضه إثيوبيا. وتحمّل مصر الحكومة الإثيوبية مسؤولية التعثر الذي تشهده المفاوضات. وتشدد على أنها «لن تتنازل عن أي قطرة ماء من نصيب مصر من مياه النيل»، على حد قول رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي. فيما رفض السفير المصري لدى واشنطن، «محاولات إثيوبيا لتشويه صورة السودان ومصر بشأن مخاوفهما بشأن (السد)».
وقد قامت إدارة الرئيس بايدن الأسبوع الماضي بتعيين الدبلوماسي المحنك جيفري فلتمان لمنصب المبعوث الخاص للقرن الأفريقي. وتنظر الإدارة بشكل مكثف إلى ملف حقوق الإنسان والصراع في إقليم تيغراي، وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه سيصبح المسؤول الأول عن حل المشكلات والصراع الدامي في منطقة تيغراي بإثيوبيا الذي أثار أزمة إنسانية ضخمة ومزاعم واسعة النطاق بارتكاب جرائم حرب.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.