ماكنزي: القوات الأميركية موجودة في العراق {برغبة بغداد}

مستشار للكاظمي لـ«الشرق الأوسط»: هناك مستشارون ومدربون وفنيون... والوحدات القتالية انسحبت

الجنرال كينيث ماكنزي (أ.ب)
الجنرال كينيث ماكنزي (أ.ب)
TT

ماكنزي: القوات الأميركية موجودة في العراق {برغبة بغداد}

الجنرال كينيث ماكنزي (أ.ب)
الجنرال كينيث ماكنزي (أ.ب)

من جديد، يغرد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي خارج سرب الاتفاقات والتصريحات والحوارات والتوقعات بشأن الانسحاب الأميركي من العراق. ماكنزي الذي أعلن قبل نحو أسبوعين أن الولايات المتحدة لن تنسحب انسحاباً وشيكاً من العراق برغم إعلان واشنطن عقب نهاية الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي مع بغداد انسحاب قواتها القتالية، عاد، أمس (الجمعة)، ليكرر في حديث تلفزيوني نفس ما أعلنه، وبدا غامضاً سواء للمراقبين والمتابعين أو لخصوم واشنطن وأصدقائها في العراق.
ومع أن العراق لا يرى تناقضاً بين ما أعلنته واشنطن كجزء مما تم الاتفاق عليه خلال الحوار الاستراتيجي وبين ما يقوله ماكنزي، فإن تصريحات الجنرال تشي بما يبدو تناقضاً داخل الإدارة الأميركية بشأن الوجود الأميركي في العراق، لا سيما أن القادة الميدانيين الأميركيين يربطون وجود قواتهم في العراق بما يمثله تنظيم داعش من خطر لا يزال مستمراً في مناطق مختلفة من البلاد.
وبالعودة إلى التصريحات الجديدة لماكنزي، فإنه قال إن «القوات الأميركية موجودة في العراق بناء على طلب الحكومة العراقية، ومستمرون في القتال ضد داعش بالتعاون مع التحالف (الدولي)»، مضيفاً أن «هذه المعركة لم تنتهِ بعد». وأثنى ماكنزي على دور الجيش العراقي الذي انطلق ليتولى «موقعاً قيادياً»، على حد وصفه، وقال إن «العراقيين يقاتلون بأنفسهم، لقد تحوّلت مهمتنا من قتال مباشر إلى دعم أكبر وتدريبهم، ونحن بعيدون عن القتال على الأرض، هذا هو الموقف الذي نريد أن نراه يتطور». وأوضح ماكنزي أن «مستقبل القوات الأميركية في العراق سيُحدد من خلال المفاوضات مع حكومة العراق»، مؤكداً: «لا أعتقد أننا سنغادر العراق قريباً».
ولفت الجنرال الأميركي إلى «دور الحكومة العراقية في اتخاذ إجراءات للدفاع عن القوات الأميركية وقوات التحالف»، مضيفاً: «أنا سعيد بأنشطة القوات الأمنية العراقية، وبحمايتهم لشركاء التحالف من الهجوم، هذه مسؤولية حكومة العراق، وأنا سعيد بأنها تتولى هذه المسؤولية بنجاح (رغم أنها) لم تنجح دائماً».
من جهتها، ترى الحكومة العراقية وعلى لسان مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية الدكتور حسين علاوي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ليس هناك تناقض بين ما يقوله الجنرال ماكنزي وبين المفاوضات الجارية بخصوص جدولة انسحاب القوات الأميركية»، مبيناً أن «هناك لبساً في تحديد طبيعة هذا الوجود، هل هو قتالي أم استشاري، وبالتالي فإنه في الوقت الذي لم يعد ثمة وجود قتالي للأميركيين في العراق، وذلك بانسحاب قواتهم القتالية، فإن المتبقين هم المستشارون والمدربون والفنيون فقط». وأوضح علاوي أن «وجود هؤلاء هو غير قتالي منصوص عليه ضمن الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن أن هذا الوجود مرتبط بالتحالف الدولي الذي يحارب (داعش) في العراق وسوريا». وأضاف علاوي أن «تصريحات قائد القيادة المركزية الوسطى تأتي في إطار التزام الولايات المتحدة الأميركية بدعم برامج التدريب وتبادل المعلومات الاستخبارية وسبل التعاون في الإسناد الجوي المحدد لضرب أهداف فلول التنظيم الإرهابي في المناطق الريفية النائية، التي تجد فيها القوات العراقية المشتركة وعورة في الجغرافيا عبر الكهوف أو الأنفاق التي تحتاج إلى صواريخ أو قنابل مركزة لتدميرها من خلال جهد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بضرورة استخدام الجهد الجوي الساند لتدمير قدرات فلول داعش واستثمار موارد التحالف الدولي نتيجة الكلف المالية للطلعة الواحدة».
وبشأن الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي في مرحلته الثالثة، يقول علاوي إن «الحكومة العراقية قد أعلنت في البيان المشترك العراقي – الأميركي عدم وجود بعثة قتالية وتحويل البعثة من المستشارين الأميركان إلى بعثة غير قتالية لغرض التدريب، بعد تخفيض البعثة من 5200 إلى 2500، ويتزامن ذلك مع تشكيل الفريق الفني من القوات العراقية المشتركة لوضع جدول زمني لخفض عدد المستشارين والعودة بالعلاقات العراقية – الأميركية إلى مرحلة 9 يونيو (حزيران) 2014، ما قبل سقوط الموصل، التي تمتد إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي وقعت في 2008 وبدأ العمل بها عام 2011».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.